في ظل تحذيرات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من انخراط الناتو في الحرب الأوكرانية من خلال السماح لكييف باستخدام صواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، واجهت واشنطن هذه التصريحات بوصفها “بالغة الخطورة”.

ويتساءل المراقبون عن مدى إمكانية تصعيد الصراع وانخراط قوات حلف شمال الأطلسي في مواجهة مباشرة مع روسيا.

لكن بحسب الخبراء، المواجهة المباشرة تبقى مستبعدة لأسباب سياسية وإستراتيجية واضحة.

المواجهة السياسية

يؤكد رمضان أبو جزر، مدير مركز بروكسل للبحوث والدراسات، أن المواجهة الحالية بين موسكو ودول الناتو لا تتجاوز الإطار السياسي.

فالأوروبيون، بحسب أبو جزر، يخشون التصعيد الذي قد يقود إلى استخدام روسيا لأسلحة نووية تكتيكية، في حين أن روسيا غير قادرة على مجابهة الناتو بريًّا أو جويًّا؛ بسبب ضعف قدراتها العسكرية مقارنةً بالحلف.

وأشار أبو جزر، في تصريح لـ”إرم نيوز”، إلى أن الناتو يكتفي بتزويد أوكرانيا بالأسلحة التي تمكنها من الدفاع عن نفسها ضد روسيا، مع تجنب تصعيد الصراع إلى مواجهة مباشرة. ويظل الدعم الغربي لأوكرانيا متدرجاً بهدف منع روسيا من تحقيق انتصار سريع.

روسيا تتجنب الصدام

على الرغم من تهديدات بوتين منذ بداية الحرب الأوكرانية بوضع الأسلحة النووية في حالة تأهب، فإن أبو جزر يرى أن روسيا تدرك تمامًا قوة الناتو، ولن تسعى إلى صدام مباشر مع الحلف، فتفوق الناتو العسكري يمنع موسكو من التفكير في خوض مواجهة شاملة، وهو ما يدفعها إلى التركيز على استنزاف أوكرانيا دون تجاوز الخطوط الحمراء.

دعم تدريجي لأوكرانيا

بحسب محمود الحمزة، الأكاديمي والخبير في الشأن الروسي، فإن الناتو لن يرسل قواته إلى أوكرانيا؛ لأن ذلك سيؤدي إلى حرب مفتوحة مع روسيا. عوضا عن ذلك، يعتمد الحلف على تقديم الدعم المادي والعسكري لأوكرانيا بشكل تدريجي؛ لتجنب استفزاز موسكو بشكل يدفعها لاستخدام أسلحة غير تقليدية مثل الأسلحة النووية التكتيكية.

فالخبراء يرون أن استمرار الحرب عبر دعم أوكرانيا بأسلحة مثل صواريخ “ستورم شادو” القادرة على ضرب العمق الروسي قد يؤدي إلى تصعيد أكبر، لكنه لن يصل إلى مستوى الصدام المباشر بين الناتو وروسيا.

حدود شاسعة

يشير الحمزة، في تصريح لـ”إرم نيوز”، إلى أن روسيا تواجه تحديات كبيرة في تأمين حدودها الشاسعة مع أوكرانيا وفنلندا، حيث تمتد حدودها مع الناتو لأكثر من 2000 كيلومتر، وهذا يعكس ضعف القدرة الروسية على الدفاع عن جميع مناطقها ضد هجمات محتملة من قوات الناتو، مما يجعلها تتجنب المواجهة المباشرة مع الحلف.

وفي ضوء التطورات الحالية، من غير المرجح أن تنخرط قوات الناتو في حرب مباشرة مع روسيا، على الرغم من التصريحات الحادة والتصعيد المستمر، إذ يبقى الحذر هو السمة الأساسية لتحركات الطرفين.

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version