رجّح محللون فرنسيون أن يمتنع الرئيس إيمانويل ماكرون عن تعيين رئيس جديد للحكومة من اليسار، خوفًا من إجراء سحب الثقة من الحكومة بمجرد تشكيلها.

وبدأ ماكرون الجمعة أولى المشاورات مع القوى السياسية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة بلقاء ممثلين عن “الجبهة الشعبية الجديدة” التي تضم ائتلافًا واسعًا لأحزاب اليسار وحلت في المركز الأول في الانتخابات التشريعية المبكرة.

اختيار “غير ناضج”

وقال المحلل السياسي الفرنسي دومنيك رينيه لـ”إرم نيوز” إن “ماكرون، الذي أجرى حوارًا هادئًا مع ائتلاف اليسار وعلى رأسهم لوسي كاستكس مرشحة الحزب لتولي رئاسة الوزراء، خلال المشاورات التي أجراها استنتج أن حكومة اليسار بمجرد تسميتها ستخضع لإجراء التصويت على سحب الثقة تلقائيًا في البرلمان”، وفق تعبيره.

وأضاف أن اختيار اليسار لوسي كاستكس لتولي منصب رئاسة الوزراء “يبدو بعيدًا عن النضج”، في حين أن ماكرون يريد المضي قدمًا وتفادي أي إعاقة لتنفيذ إصلاحاته المقبلة في البرلمان.

وأشار الباحث السياسي الفرنسي إلى أن المشاورات التي أجريت على التوالي يوم الجمعة والسبت مع القوى السياسية، وستستمر حتى يوم الاثنين، سمحت لماكرون بملاحظة أن حكومة الجبهة الشعبية الجديدة لليسار بقيادة لوسي كاستيتس، سيتم الإطاحة بها فورًا من قبل الأحزاب المعارضة لاسيما حزب التجمع الوطني (يمين متطرف).

ومن جهته، قال الباحث السياسي الفرنسي، جون سيلفستر مونغريني لـ”إرم نيوز” إن معسكر الأغلبية السابقة (حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون) يرى أن تعيين ممثل ائتلاف اليسار لن يجلب أي استقرار، وأن حكومته ستكون فورًا موضع سحب ثقة في البرلمان ولن تستمر طويلاً، لافتًا إلى أن ماكرون يبحث عن شخصية تنتمي إلى يسار الوسط.

وأضاف مونغريني أن ممثلي الجبهة الشعبية الجديدة خرجوا صباح الجمعة، وهم راضون إلى حد ما عن مقابلتهم مع ماكرون، كما بدا ماكرون أمام مسؤولي الأحزاب الوسطية من حزب النهضة وحلفائه من حزب آفاق، وحركة “مودم”، وكلها أحزاب وسطية، أكثر حذرًا.

ولفت الباحث السياسي الفرنسي إلى أنه من المؤكد أن ماكرون قد اعترف بالحاجة إلى التناوب في البلاد والحاجة إلى “التغيير السياسي” بعد 7 أسابيع من الانتخابات التشريعية التي وضعت ائتلاف اليسار كقوة سياسية رائدة في البلاد، ولكن دون أغلبية في البرلمان.

خطّ أحمر

أما عن السبب الآخر في الواقع، فيرى الباحث السياسي الفرنسي أن ماكرون يستبعد لوسي كاستيتس لاحتمال رؤية أعضاء حزب “فرنسا الأبية” (يسار متطرف) يدخلون الحكومة وهو ما يشكل خطًا أحمر وافق عليه بالإجماع المشاركون في الغداء من أحزاب الوسط الذين يرفضون تمامًا اليسار المتطرف.

وقال أحد المرافقين للمشاركين في الاجتماع لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية: “لقد اتفق الجميع على أنه من غير الممكن وجود وزير لحزب “فرنسا الأبية” اليساري المتطرف في الحكومة”، موضحًا أن “مواقف زعيم الحزب جان لوك ميلانشون من روسيا ومن الحياة السياسية كلها عوامل مُعيقة في نظر ماكرون”.

كما أشار زعيم حزب الجمهوريين (يمين) لوران فوكييه في نهاية مقابلته مع ماكرون إلى أن النواب الجمهوريين “سيصوتون فورًا لصالح اقتراح بحجب الثقة” ضد حكومة تضم وزراء من حزب “فرنسا الأبية”.

وبحثاً عن الأغلبية “الأكبر والأكثر استقرارًا” الممكنة، أو على الأقل منع سحب الثقة من الحكومة المقبلة بعد أيام قليلة من تعيينها، يؤكد ماكرون أن سيناريو لوسي كاستيتس غير ممكن، وسيقدم اليمين واليمين المتطرف والمعسكر الرئاسي على الفور اقتراحًا بإسقاط حكومتها.

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version