مقالات

رسوم ترامب رفعت أسعار السيّارات 15%

رسوم ترامب رفعت أسعار السيّارات 15%

صحيح أن الرئيس الأميركي علّق حالياً زيادة الرسوم الجمركية التي فرضها على الدول التي تستورد منها بلاده، وبينها لبنان (10 %)، إلّا أنه لا يزال متردّداً حول تعليق رسم الـ 25 % على السيّارات التي تستوردها الولايات المتحدة من سائر الدول، رغم التسريبات عن أنه يدرس إمكانية تعليق قراره أيضاً في شأنها. قرار زيادة الرسوم على السيارات يبدو للوهلة الأولى بعيداً من لبنان باعتبار أن الزيادة تطول السيارات المستوردة إلى أميركا وليس الصادرات، ليتبيّن في ما بعد أنه يصيب بالصميم قطاع السيارات المستعملة.

بعد مرور نحو أسبوعين على قرار ترامب فرض رسوم جمركية على واردات السيّارات والـ «قطع» (يدخل الجزء الثاني حيّز التطبيق في 3 أيار)، أي قطع غيار السيّارات المستوردة، مثل المحرّكات ونواقل الحركة إلى الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 25 % لتحفيز الصناعة الأميركية الوطنية، ألمح منذ نحو 7 أيام إلى إمكانية تعليقها بشكل موَقت بعد اعتراض عدد كبير من شركات تصنيع السيّارات العالمية على هذا التدبير، الذي من شأنه أن يلحق بها خسائر كبيرة، نتيجة تراجع صادراتها في قطاع السيّارات إلى الولايات المتحدة بسبب زيادة قيمة مبيعات السيّارات في أميركا.

يعتبر الخبراء أن تلميح ترامب بتعليق هذا القرار لفترة قصيرة لا يعطي صنّاع السيّارات الفرصة لضبط وتصحيح مسار سلسلة الواردات، رغم أن إعفاء «قطع» السيّارات من الرسوم الذي لم يدخل بعد حيّز التطبيق، يدعم الصناعة وسط تداعيات الحرب التجارية التي يفرضها الرئيس الأميركي.

فالتعرفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على السيّارات ستؤدي إلى انخفاض مبيعات السيّارات السنوية بنحو مليوني وحدة في الولايات المتحدة وكندا، استناداً إلى تقرير لـ «رويترز».

قبل الاسترسال في الإجابة عن السؤال، نعود إلى مرحلة ما قبل العام 2019، وقتها كان يستورد لبنان من العالم سنوياً نحو 40 ألف سيّارة مستعملة، وعند انفجار الأزمة المالية والاقتصادية وتهاوي القدرة الشرائية مع انهيار قيمة العملة الوطنية نحو 1000 مرة، تراجع استيراد السيّارات رغم أن أعدادها زادت قبل اعتماد سعر الصرف بقيمة 89500 ليرة في الرسوم الجمركية… وفي هذا السياق يقول نقيب مستوردي السيّارات المستعملة إيلي قزّي لـ «نداء الوطن» إنه «لا يوجد إحصاءات دقيقة حالياً حول عدد السيّارات المستوردة، لأنّ كميّاتها زادت فعلياً بعد انتهاء الحرب أي منذ نهاية السنة الماضية 2024. فمبيع السيّارات يحتاج إلى وضع اقتصاديّ وأمنيّ جيّد نظراً إلى المخاطر التي تتعرّض لها السيّارة التي تركن على الطريق، ولا يمكن حجب المخاطر عنها».

وفور إعلان ترامب عزمه زيادة رسوم السيّارات المستوردة إلى بلاده، زادت أسعار السيّارات فوراً، رغم أننا لا نزال في مرحلة ترقّب نظراً إلى تردّد الرئيس الأميركي في المضي قدماً في زيادة نسبة الـ 25 % أو تعليقها، على السيّارات وعلى قطع السيّارات التي تستورد من خارج أميركا لتصنيع السيّارات.

استناداً إلى قزّي، «يشتري لبنان من الولايات المتّحدة الأميركية كل أنواع السيّارات وليس السيّارات الأميركية فقط (مثل «غراند شيروكي» و «كامارو»…)، بل السيّارات اليابانية والـ BMW والمرسيدس… فالولايات المتحدة تصدّر سنوياً 40 مليون سيّارة مستعملة إلى العالم وهي الأولى في التصدير العالمي».

أما سبب استيراد غالبية السيّارات المستعملة من أميركا فيعود، استناداً إلى قزّي، إلى التالي:

1- السيّارات التي تستورد من أوروبا على سبيل المثال، عددها قليل كونها لا تلبّي من حيث المواصفات متطلبات السوق اللبنانية، على غرار السيّارات التي تستورد من الولايات المتحدة الأميركية مهما كان نوعها.

2- مقود السيّارات اليابانية والبريطانية والأسترالية يكون عادة على جهة اليمين، لذلك لا يمكن الاستيراد من دول المصدر إلى لبنان. أما من كوريا، فلا يمكننا أيضاً استيراد سيّارات مستعملة لأن كلفة استيراد السيّارات المستعملة من كوريا أغلى من الجديدة، لأن الرسم الجمركي للسيّارة الكورية الجديدة أقلّ من الرسم الجمركي للسيارة الكورية المستعملة».

لبنان ليس البلد الوحيد الذي يعتمد على الولايات المتحدة الأميركية لاستيراد السيّارات المستعملة، بل هناك الأردن، العراق ودبي. وحول زيادة سعر السيارة حالياً يقول قزّي: «ارتفع سعر أي سيارة يتمّ استيرادها من أميركا أقلّه بقيمة 2000 دولار أميركي، أي بارتفاع نسبته 15 %، كردّة فعل أولى على قرار زيادة رسم الـ 25 % الجمركي. على سبيل المثال جيب الـ «غراند شيروكي» كان يتمّ استيراده بقيمة 6 و 7 آلاف دولار بات اليوم بسعر 10 و 11 ألف دولار»، والإقبال يطاول كلّ أنواع السيّارات الأميركية والأوروبية من الـ «مرسيدس» إلى الـ BMW و»أودي» و «شيروكي».

اليوم، ومع استحداث مكاتب السوق تطبيقاً لقانون السير وإقبال هذه المكاتب على شراء سيارات الـ «بيكانتو» التي يتمّ استخدامها لتعليم القيادة وإجراء امتحان السوق، يقول قزّي إن «تلك السيّارات يتمّ توفيرها من السوق المحلية ولا يتمّ استيرادها مستعملة من الخارج ضمن السيّارات المستوردة، كون الرسم الجمركي وحده لتلك السيارة يكلّف 5000 دولار من دون احتساب سعرها وكلفة شحنها، والتي قد تصل كلفتها إلى 13 ألف دولار إذا كانت «موديل» 2018، في حين أن استيرادها جديدة يكلّف الشركة رسماً جمركياً بقيمة 600 دولار فقط.

ونظراً إلى كلفتها المرتفعة يركّز مستوردو السيّارات المستعملة في لبنان على استيراد السيّارات المتوسطة الحجم وليس الصغيرة. لكن كيف تحتسب رسوم السيّارة المستعملة؟

يتمّ احتساب قيمة السيّارة المستعملة المستوردة حسب القيمة المحددة في الـ Blue book الأميركي (الذي يحدد سعر السيّارة حسب كل قلم أي حسب الـ «كيلومتراج»، ولكن لا يطبق في لبنان بحذافيره إذ تحتسب مقطوعة على القلم الوسطي) والرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة. في حين أن السيّارة الجديدة المستوردة يتمّ تحديد الرسم الجمركي استناداً إلى القيمة المحدّدة في الفاتورة.

ووفق العملية الحسابية تبلغ نسبة الرسم الجمركي في لبنان 5 % يضاف إليه رسم استهلاك بنسبة 45 % ثم الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11 % + 3 % واردة في الموازنة، أي ما يعادل نسبة 64 % من قيمة السيّارة.

هذا عدا الميكانيك والتسجيل ونسبة زيادة الـ 5 % التي أُدرجت في موازنة 2025 (سعر وقيمة السيّارة والجمرك) على السيّارات المستعملة.

فاستناداً إلى كتاب الـ Bluebook، إذا كان سعر السيّارة المحدّد فيه بـ 10 آلاف دولار واشتراها المستورد بـ 5000 دولار يتم تسعيرها بقيمة 10 آلاف دولار في لبنان.

وحول عائدات تلك الرسوم على الدولة، يقول قزّي: «إن قطاع السيّارات المستعملة المستوردة يدخّل إلى خزينة الدولة رسوماً جمركية و TVA بقيمة 600 مليون دولار، أي ما يشكّل نحو 20 % من إيرادات خزينة الدولة، وبذلك تعتبر واردات السيّارات المستعملة المنتج الثاني في مرفأ بيروت بعد قطاع النفط».

وعن إمكانية وجود منافسة بين السيّارات الجديدة والمستعملة، يقول قزي: «السيارة الجديدة لا تنافس المستعملة إلّا بالسيّارات الصغيرة. فسوق السيّارات المستعملة «أقوى» من سوق السيّارات الجديدة بالسيّارات المتوسطة والكبيرة الحجم. آلاف اللبنانيين يشترون سيارات مستعملة في حين أن 100 أو 200 فرد يشترون سيارة جديدة من الشركة».

وعن دخول السيّارات الصينية إلى السوق اللبنانية والمنافسة في السعر، يرى أن سوق السيّارات الصينية لن تكون كبيرة بسبب تعدّد الأسماء، على عكس السيّارات الكورية والتي سجّلت نجاحاً من خلال سيارتي كيا وهيونداي، عدا عن أنها لا تحافظ على قيمتها الشرائية.

ومن التجربة التي عشناها في السنوات الماضية يتبيّن أن سوق استيراد السيّارات تعتمد على الوضع الأمني والسياسي في البلاد. فشراء السيّارات المستعملة لم يعاود نشاطه فور انتهاء الحرب، بل عاود نشاطه منذ نحو أسبوعين، باعتبار أن الوضع الأمني غير مستقرّ بشكل شامل على كل الأراضي اللبنانية والمرحلة اليوم لا تزال حذرة، علماً أن القطاع لن ينشط إذا لم تتمّ إعادة هيكلة القطاع المصرفي وعودة القروض على السيّارات وتحسين رواتب القطاع العام، عندها سيزيد مبيع السيّارات المستعملة بنسبة 50 %. تبقى اليوم سياسة ترامب «الجمركية» هي التي ستحدّد نسبة ارتفاع سعر السيارة المتوسطة والكبيرة التي تُصدّر إلى لبنان من الولايات المتّحدة الأميركية.

باتريسيا جلاد – نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce