مقالات

نتنياهو وترامب: توطين فلسطينيين في لبنان وفرض السلام بالقوة

نتنياهو وترامب: توطين فلسطينيين في لبنان وفرض السلام بالقوة

عناوين كثيرة يحملها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معه إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهو أول رئيس يلتقيه دونالد ترامب في البيت الأبيض. ما يسعى إليه نتنياهو هو رسم ملامح منطقة الشرق الأوسط بالتفاهم مع ترامب، والحصول على دعمه. خلال فترة الحرب على غزة ولبنان زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الولايات المتحدة مرتين. الأولى، إلى الكونغرس، حين نال هناك دعماً كبيراً لتوسيع هامش الحرب على لبنان وحزب الله، بالإضافة إلى مواصلة حربه في غزة ورفض وقف إطلاق النار. والثانية، إلى الأمم المتحدة، حيث من هناك اتخذ قراراً باغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وتوسيع هامش الحرب والدخول برياً.
تأتي هذه الزيارة بعد وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، مع نوايا إسرائيلية واضحة لعدم تثبيت هذه الاتفاقات، إلا في حال حققت تل أبيب النتائج التي تريدها بقوة الدفع السياسي، وبناء على الدعم الأميركي. من دون ذلك، فإن الحرب ستكون قابلة للتجدد عند أي لحظة.

تهجير الفلسطينيين
لذا، فإن زيارة نتنياهو الثالثة إلى أميركا، تحمل عناوين لها علاقة بوضع إيران. وهو سيسعى للحصول على الدعم الأميركي اللازم، إما لتوجيه ضربات ضد طهران ومشروعها النووي، وإما للحصول على دعم أميركي في ممارسة ضغوط قصوى على إيران، لدفعها إلى تقديم التنازلات المطلوبة، نووياً، عسكرياً، وسياسياً على مستوى النفوذ في المنطقة.
عناوين أخرى سيطرحها نتنياهو في واشنطن مع ترامب أبرزها الحصول على دعم للشروع في توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، وتفعيل مشروع تهجير الفلسطينيين، لا سيما أن ترامب كان قد صرّح أكثر من مرة بضرورة خروج السكان الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن. وفي ظل تكرار ترامب لهذه المواقف، صدرت مواقف مضادة عن الدول العربية المعنية حول رفض هذه الخطة بالمطلق. لكن حسب المعلومات، فإن التداول الأميركي الإسرائيلي يشير إلى الإصرار على مسار التهجير، وسط كلام عن تهجير حوالى مليوني فلسطيني من الضفة والقطاع باتجاه دول عديدة، على أن تتخذ إجراءات أمنية وعسكرية من أجل الفصل بين المناطق والأحياء في الضفة الغربية. ما يصعّب الحياة ويدفع الناس إلى المغادرة.

“اتفاقات السلام”
كذلك، فإن العنوان الأساسي الذي سيطرحه ترامب مع نتنياهو هو تفعيل مسارات اتفاق السلام، والوصول إلى إعلان اتفاق نهائي مع المملكة العربية السعودية. وفي هذا السياق، يندرج كلام نتنياهو بالأمس عن توسيع مروحة اتفاقات السلام. وهو ما يسعى إليه ترامب أيضاً كطامح لنيل جائزة نوبل للسلام. مع الإشارة إلى أن التركيز الإسرائيلي الفعلي والأساسي للسلام هو على سوريا ولبنان كدولتين مجاورتين، بالإضافة إلى التركيز على اتفاق السلام مع السعودية، نظراً لحجمها ورمزيتها ودورها.

السلام بالقوة
في حسابات نتنياهو نوايا كثيرة لاستئناف الحرب، وجعلها الوسيلة الوحيدة لتكريس السلام، من منطلق “سلام الانتصار”. لذلك لا تبدو تل أبيب جدية في الانسحاب من لبنان بشكل كامل في المهلة المحددة. وفي حال انسحبت، فإن عملياتها ستكون مستمرة. وهي تستفيد من دعم أميركي لتغيير كل الوقائع في لبنان، وإيصال الدولة اللبنانية وحزب الله إلى قناعة التخلي عن السلاح. ولذلك، هناك إصرار إسرائيلي على مواصلة العمليات والغارات، والاحتفاظ بنقاط عديدة، أو بإنشاء قواعد عسكرية جديدة وكبيرة على الحدود مع لبنان، يصفها الإسرائيليون بأنها ستكون على الحافة الأمامية للمستوطنات، من دون تحديد المواقع الجغرافية التفصيلية لها، وإذا ستكون داخل الأراضي اللبنانية أم على تماسها. ويتذرع نتنياهو بذلك من خلال ادعاءاته بأن المستوطنين لم يعودوا إلى منازلهم وهم خائفون، ولا يمكنهم العودة في ظل استمرار بقاء حزب الله في الجنوب. وما ينجم عن هذه السجالات هو مطالبات إسرائيلية متكررة بضرورة إنشاء منطقة عازلة على الحدود مع لبنان بمسافة عمقها 3 كلم. وإذا أرادت تل أبيب تحقيقه فيعني عدم السماح لسكان قرى الشريط الحدودي بالعودة إليها. ما يعني مشروع تهجير لهؤلاء السكان كما هو مشروع التهجير بالنسبة إلى الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية.

التهجير والتوطين
ضغوط إسرائيلية أخرى قد تطرح على لبنان وسوريا معاً، في سياق مشروع تهجير الفلسطينيين، من خلال محاولة فرض مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان أو سوريا، بالإضافة إلى تهجير أعداد من فلسطين إلى الأراضي اللبنانية والسورية. كما تريد تل أبيب وواشنطن تهجير مئات الآلاف منهم إلى مصر والأردن ودول أخرى. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في العام 2019، برز مشروع لتوطين الفلسطينيين في لبنان وكان ذلك خلال إدارة ترامب السابقة على وقع الاتفاقات الابراهيمية التي سعى ترامب إلى إبرامها. في حينها حصل تلاق في وجهات النظر بين أميركا وعدد من الدول الأوروبية. ففي تلك الفترة أجرى وزير الدولة لشؤون الخارجية البريطاني آليستر بيرت، زيارة إلى لبنان التقى خلالها مختلف القيادات اللبنانية، وبحث معهم في موضوعات عديدة، منها ذات الطابع التنموي وعلى علاقة بالمساعدات المالية والاقتصادية، وبقضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. الوزير البريطاني عرض على لبنان توطين حوالى مئة ألف فلسطيني في لبنان، مقابل الحصول على مساعدات مالية تمنع أي تدهور اقتصادي.
مثل هذا المشروع يتجدد اليوم وفق كل ما تشير إليه المعطيات الإقليمية والدولية، وبعد الحرب الطاحنة التي شنّتها إسرائيل على غزة وعلى حزب الله في لبنان، خصوصاً أنه عندما طرح المشروع في السنوات السابقة كان حزب الله من أشد معارضيه، واعتُبر في حينها أن سلاح الحزب هو الاستناد الأساس لمواجهة هذا المشروع. أما اليوم وبعد كل التطورات التي حصلت، والإصرار الأميركي الإسرائيلي على سحب سلاح حزب الله أو إنهاء فعاليته، بالإضافة إلى الضغط على الدول اللبنانية لسحب السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، ودخول الجيش اللبناني إليها والسيطرة عليها بشكل كامل من قبل الدولة اللبنانية، من الخطوات الواضحة لتجديد المشروع مجدداً.

منير الربيع – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce