مقالات

الوفد اللبناني في واشنطن: المطلوب رؤية إصلاحية سيادية

الوفد اللبناني في واشنطن: المطلوب رؤية إصلاحية سيادية

على الرغم من انشغال الإدارة الأميركية هذه الأيام بملفات أساسية، من إيران إلى روسيا وأوكرانيا، والزيارات المكوكية للموفدين الأميركيين إلى أكثر من دولة معنية بهذه الملفات، واستقبال موفدين في واشنطن، فقد حجز لبنان لنفسه مكاناً على طاولة القرار.

فزوار العاصمة الأميركية يلمسون اهتماماً على مستوى الإدارة الأميركية بلبنان، لكنهم يطالبون بقرارات في الملفات الإصلاحية والسيادية، وهو ما شددت عليه موفدة ترامب إلى لبنان مورغان أورتاغوس خلال استقبال أقيم في السفارة اللبنانية في واشنطن، متحدّثة عن “شجاعة اتخاذ القرارات الجريئة”.

ويسعى الوفدان الوزاري والنيابي إلى أكثر من مجرّد كسر للجليد مع المؤسسات السياسية والمالية الدولية. وقد كشف مصدر أساسي في الوفد اللبناني لـ”نداء الوطن” أن اللقاءات إيجابية حتى الآن، خصوصاً أن لبنان يطلّ على العالم بنفس جديد، يبنى عليه في المرحلة المقبلة. وقد التقى الوفد الوزاري رئيسة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا في الساعات الماضية، والصندوق ينتظر من الحكومة خطّتها الجديدة للتفاوض معه، بينما اجتمع رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان مع أورتاغوس، وكانت له لقاءات في وزارتي الخارجية والخزانة.

أما ملف خروج لبنان من اللائحة الرمادية فيتطلّب التركيز على دعم الاقتصاد الشرعي في لبنان والوسائل الآيلة إلى الحد من تمدد اقتصاد الكاش، لا سيما بعد الاجراءات الجدّية التي اتخذتها الحكومة اللبنانية بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون لمكافحة التهريب وضبط الحدود والمرافق اللبنانية. وهو ما كان مدار بحث بين كنعان ومساعد وزير الخزانة الأميركية لمكافحة الفساد وتبييض الأموال جيسي بيكر، وقد جرى الحديث، بحسب المعلومات، عن رؤية إصلاحية متكاملة تشمل النصوص التشريعية، إضافة إلى التطبيق وإمكانية المحاسبة من خلال قضاء مستقل وهنا ضرورة تحقيق الانتظام المالي الذي يعني توزيع المسؤوليات الناتجة عن الانهيار ومعالجة الفجوة المالية وحفظ حقوق المودعين.

وفي ضوء ما رشح عن اللقاءات، فإن المطلوب لبنانياً في المرحلة المقبلة، إنضاج رؤية واضحة إصلاحية وسيادية لإقناع العالم بها وهو ما يتطلّب معالجة ثلاثة ملفات أساسية وهي:

1- استعادة الثقة المفقودة ومعالجة الصورة السلبية عن لبنان لا تكون بتقاذف المسؤوليات، بل من خلال رؤية متكاملة ومسار متكامل يبدأ بمسألة الودائع، مروراً بالسرية المصرفية والفجوة المالية، وصولاً إلى إعادة هيكلة المصارف. وهو سلّة متكاملة ومتفاعلة، تخرج من “الحبر على ورق” إلى التنفيذ الذي يتطلّب المتابعة والمحاسبة من خلال قضاء مستقل.

2- المسألة السيادية والقرارات الدولية مرتبطة بالجيش اللبناني الذي يجب زيادة دعمه من المجتمعين العربي والدولي ليقوم بالمهام المطلوبة منه. فحصرية السلاح بيد الدولة تحتاج إلى عوامل مساعدة. وبحسب معلومات “نداء الوطن”، فهناك استعداد أميركي كامل لدعم الجيش اللبناني. وقد حصل خلال اللقاءات مع المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية، شرح طويل لأهمية ذلك كإشارة إيجابية لتحوّل جذري بالسياسة الدولية تجاه لبنان والالتزام بسيادته ومؤسساته وفي طليعتها المؤسسة العسكرية. ولا شك أن زيادة الدعم ستسهم في تسهيل قيام الجيش بالمهام الموكلة إليه في سياق تطبيق القرار 1701 وحفظ الاستقرار. الأمر الذي يحتاج أيضاً إلى إيفاء المجتمع الدولي بالتزاماته والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية.

3- واللافت ما رشح عن الإدارة الأميركية الحالية من اهتمام بملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بخلاف الإدارة السابقة. وأن هناك مقاربة جدّية للدفع قدماً باتجاه العودة.

الأكيد أن كل هذه الملفات تحتاج إلى متابعة جدّية، وأن لا تكون موسمية أو تنتسى بوحول الصراعات اللبنانية التي تأخذ الدولة عن القرارات الاستراتيجية والمصيرية المطلوبة.

كبريال مراد – نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce