القاع ترفع الصوت ضد منع تنظيف الآبار للري

في تسعينيات القرن الماضي، وقع لبنان وسوريا اتفاقات عدة من بينها اتفاق لتوزيع مياه نهر العاصي. وقع الاتفاق في ايلول 1994 في دمشق، ونص في ما نص على منع حفر الآبار الارتوازية في مقابل بناء سد لجمع المياه وتوزيعها على الأراضي الزراعية. بيد أن هذا السد الذي باشرت شركة صينية بناءه عام 2005، تعرضت منشآته للهدم من العدو الإسرائيلي في تموز 2006، ولا قرار حتى اليوم بالشروع في بنائه.

كان يفترض أن تبلغ الطاقة التخزينيه للسد 37 مليون متر مكعب لتغطية حاجات مياه الشرب والري الحالية والمستقبلية لمشروع ري حوض العاصي في لبنان وسوريا، وكذلك تأمين ري المساحة العظمى للأراضي القابلة للزراعة المروية الحالية والمستقبلية وتوليد 52 كيلوواط ساعة من الطاقة الكهربائية وتوزيع مياه نهر العاصي بين البلدين.

وقد نص الاتفاق على منع حفر الآبار الارتوازية مقابل بناء هذا السد. ولكن تنفيذ السد لم يتحقق ولا يبدو أنه سينفذ، وفق ما يقول رئيس بلدية بلدة القاع بشير مطر، بينما الجزء المتعلق بمنع حفر الآبار وتنظيفها وصيانتها ينفذ بالقوة، لافتا الى قرار وزير الطاقة والمياه وليد فياض التوقف عن النظر في طلبات تنظيف الآبار حتى شهر تشرين الأول المقبل، بما زاد الأعباء على المزارعين وساهم في عطش مزروعاتهم، وهو ما يهدد الأراضي بأن تبور”.

كنيسة القاع.

يؤكد مطر لـ”النهار” أن التواصل مع وزير الطاقة لم ينقطع، وقد “زرته شخصيا قبل نحو عام ولم نتوصل الى حل”. لكن المشكلة اليوم أصبح لها وجهان، الأول يتمثل بوقف موافقات وزارة الطاقة لتنظيف الآبار الارتوازية المرخصة، والثاني بأن ثمة آبارا غير مرخصة أيضا تحتاج الى تنظيف”. وطالب مطر المعنيين بآلية عمل تسمح لهؤلاء المزارعين بتنظيف آبارهم لكي لا تجف وتتلف مزروعاتهم، على أن يكون ذلك بالتنسيق مع القوى الأمنية لتفادي الإفادة من هذا الوضع وحفر آبار جديدة”.

ويشير الى أن عدد الآبار المرخصة التي يحتاج بعضها الى التنظيف تلامس الـ500 بئر، فيما يتمنع الوزير فياض عن توقيع أي طلب للتنظيف، على الرغم من مناشدات البلدية عبر الإعلام.

ويعيد مطر هذه المشكلة الى ما بعد الحرب “حينها لم يمنح أهالي القرية الذين عادوا الى أراضيهم بعد التهجير، رخصا لحفر الآبار، فيما الدولة اللبنانية لم تعط رخصا إلا لمن كانوا موجودين في المنطقة فور انتهاء الحرب، من دون التدقيق في ما إذا كانوا أصحاب الأراضي المحفورة فيها البئر، إذ ثمة حالات عدة لآبار محفورة على أراض تابعة للبلدية أو الدولة، عدا عن إعطاء رخص لغير اللبنانيين من سوريين وفلسطينيين”.

ولا ينفي وجود حال من الفوضى، محملا الدولة اللبنانية والمعنيين بهذا الموضوع تبعة ما يحصل، ومطالبا بحل فعّال وسريع، بعيدا من بيروقراطية الوزارات لإنقاذ موسم المزارعين”.
ويقول: “مشروع سد العاصي لم ينجز حتى اليوم، فكيف يمكن المزارع ري زرعه خصوصا أن 90% من أراضينا تروى من الآبار؟”

الخطورة في رأي مطر تكمن في أن “كل المياه المستخدمة من الآبار تسحب من مياه لبنان الجوفية، علما أن ثمة غير لبنانيين يستفيدون من مياه هذه الآبار، وعمقها لا يتخطى الـ100 متر، اي انها مياه سطحية لا جوفية”. وإذ ينتقد “التقاعس اللبناني في معالجة هذا الملف”، يقول: “في كل مرة ننتظر سوريا لنرى كيف تريد توجيه الملف. وكان يفترض بنا منذ 30 سنة أن نبني سدا لتجميع المياه وضخها على الأراضي التي تستفيد منها، فإذا كان واجب لبنان منع حفر الآبار وفقا للاتفاقية فحقه الإفادة من حصته في مياه العاصي، أي يجب تطبيق الاتفاق كاملا. وحينها يحق لوزارة الطاقة منعنا من حفر الآبار”. ولا ينسى مطر انتقاده للاتفاق “الذي شابه الكثير من العيوب المجحفة بحق بلدة القاع والبلدات المجاورة للنهر، لجهة حرمان مناطق الافادة من مياه السد”.

وكان وزير الطاقة والمياه زار سوريا في 3 حزيران الجاري و4 منه، والتقى وزير الموارد المائية حسين مخلوف في حضور الأمين العام للمجلس الأعلى السوري – اللبناني نصري خوري، وبحثا في المتابعات الدورية لآليات تطبيق اتفاقيتي نهر العاصي والنهر الكبير الجنوبي وسبل الحفاظ على بيئة الأحواض المشتركة واستثمارها بطريقة مستدامة وعادلة. ولكن لم يرشح أي معلومات عما إذا كان ثمة اتفاق على تعديل الاتفاق أو مباشرة بناء السد.

وبحسب مطر فإن مشكلة تنظيف الآبار لا تقتصر على بلدة القاع، بل تشمل كل القرى المجاورة والمحيطة لنهر العاصي “ولكن قد يكون لهذه القرى مصادر مياه أخرى تكفي لري أراضيها الزراعية الأقل مساحة من أراضي بلدة القاع”. ويحذر مطر من اللجوء الى خطوات تصعيدية، “خصوصا انه لم يتواصل معنا أي من المعنيين، وأمامنا خيارات عدة كقطع الطرق، وقرار المزارعين البقاء في أراضيهم والمحافظة على أرزاقهم”.

وزارة الطاقة توضح
“النهار” تواصلت مع وزارة الطاقة التي أكدت مصادرها أن “ثمة سوء تقدير أو سوء فهم لقرار وزير الطاقة، إذ إنه علق العمل بآلية إعطاء تراخيص الآبار الارتوازية الخاصة على كل أنواعها لغاية 1/9/2024 ضمنا، على أن تتوقف شركة ليبان بوست عن استقبال طلبات التراخيص الجديدة. واستثنى القرار من التعليق طلبات التراخيص لتعزيل الآبار بحيث تعود شركة “ليبان بوست” وتستقبل الطلبات المتعلقة بها، وكذلك الأمر بالنسبة الى طلبات التراخيص المرتجعة لاستكمال النواقص”. ولكن يبدو أن الشركة أساءت التقدير فتوقفت عن استقبال كل أنواع الطلبات، وهو ما أدى الى بلبلة في أوساط المزارعين. وأوضحت المصادر أن الوزارة أرسلت الى الشركة كتابا يوضح الموضوع، على أن تباشر استقبال طلبات تراخيص تعزيل الآبار فورا.

المصدر – النهار

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version