أخبار دولية

بين التصعيد والمرونة… “نووي إيران” يسبب انقسامات في واشنطن

بين التصعيد والمرونة… “نووي إيران” يسبب انقسامات في واشنطن

لطالما لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستخدام القوة كوسيلة لتحقيق أهدافه في المفاوضات. لكن مع إيران، يلاحظ بعض المراقبين أن الأمر ليس استراتيجية بقدر ما هو رسائل متضاربة، في ظل الجدل حول طريقة تعامل الرئيس الأميركي مع عدو الولايات المتحدة منذ نصف قرن.

في غضون أيام، مدّ ترامب يدًا إلى إيران في الوقت الذي قصف فيه حلفاءها في اليمن. وبالرغم من مطالبة إدارته طهران بتفكيك برنامجها النووي، أبدت واشنطن أيضًا مرونة تجاهها.

منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني، كثّف ترامب الضغوط على طهران بضرب الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران، مهددًا بتحميل إيران المسؤولية المباشرة عن الهجمات الجديدة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية قبالة سواحل اليمن.

وقال سينا توسي من مركز السياسة الدولية إن الضربات الأميركية في اليمن “تتوافق مع استراتيجية واشنطن: زيادة التوتر، إحداث شعور بكارثة وشيكة، ثم محاولة فرض حل في سياق سياسة الضغوط القصوى على طهران”.

بالتوازي مع ذلك، فرض ترامب العديد من العقوبات على إيران، ولا سيما على قطاع النفط.

لكن في السابع من آذار، أعلن ترامب أنه بعث برسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يقترح فيها إجراء مفاوضات ويحثه على تجنب التحرك العسكري في حال رفضت إيران.

ورغم ذلك، كانت هناك تصريحات متضاربة في واشنطن، مما يعكس انقسامات داخل إدارة ترامب.

وقال دبلوماسي لم يرغب في الكشف عن هويته لوكالة الأنباء الفرنسية: “يبدو أن هناك الكثير من التناقضات داخل إدارة ترامب بشأن إيران، وعاجلاً أم آجلاً، ستظهر إلى العلن”.

وصرح المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن هدف ترامب هو تجنب صراع عسكري من خلال بناء علاقة ثقة مع إيران، مؤكدًا أن الرسالة التي بعثها ليست تهديدًا.

ومع ذلك، أصر مستشار الأمن القومي مايك والتز على “التفكيك الكامل” للبرنامج النووي الإيراني. وقال لمحطة “سي. بي. إس” الأحد: “كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وحان الوقت لكي تتخلى إيران تمامًا عن رغبتها في امتلاك سلاح نووي”.

وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية: “عموماً، هناك الرئيس نفسه والسيد ويتكوف، لكن لا أظن أن في الإدارة أي شخص آخر يشاركهما هدف التوصل إلى اتفاق متبادل المنفعة” مع إيران.

وتأتي اليد الممدودة إلى إيران في وقت تبدو طهران في وضع ضعف، بعدما منيت بانتكاسات في المنطقة، خصوصًا في سوريا بعد سقوط بشار الأسد في كانون الأول (ديسمبر)، وفي لبنان حيث أُضعف حزب الله بعد القضاء على العديد من قادته وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصرالله.

وفي رد على واشنطن، أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في 9 آذار إلى أن “الطريق مفتوح لإجراء مفاوضات غير مباشرة”، لكنه رفض احتمال إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن “ما لم يتغير موقف الطرف الآخر تجاه إيران”.

كما أكد خامنئي في 6 آذار أن الأميركيين “لن يصلوا إلى نتيجة أبداً” عبر تهديد إيران.

وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت أحاديًا في 2018 من الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015 وأعادت فرض العقوبات على إيران. وبموجب الاتفاق، تم رفع عدد من العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وبعد انسحاب أميركا من الاتفاق، بدأت إيران تدريجيًا في التراجع عن التزاماتها. وفي كانون الأول، أعلنت طهران أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% على المدى الطويل، حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ومع بلوغ إيران هذه النسبة من التخصيب، تقترب من نسبة الـ90% اللازمة لصنع سلاح نووي.

ويثير البرنامج النووي الإيراني مخاوف لدى الدول الغربية التي تتهم طهران بالسعي لتطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه إيران باستمرار.

ومع عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في كانون الثاني، عاد ترامب إلى سياسة “الضغوط القصوى” عبر فرض عقوبات على إيران، في استكمال للنهج الذي اتبعه في ولايته الأولى.

وقال أليكس فاتانكا من معهد الشرق الأوسط: “أظن أن الرئيس ترامب مصمم على التوصل إلى اتفاق مع إيران، لكنه لا يبدو أنه قد قرر الشكل النهائي لهذا الاتفاق”.

وأضاف: “إذا تصرفت إيران بحكمة، عليها استغلال هذه الفرصة والقول: هذا رئيس أميركي لا يبدو منخرطًا بشدة في هذه المسألة، هو فقط يريد أن يحقق اتفاقًا أفضل من الذي أبرمه الرئيس الأسبق باراك أوباما في 2015”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce