مقالات

“دماء الحريري” أسقطت هيمنة الأسد على لبنان

“دماء الحريري” أسقطت هيمنة الأسد على لبنان

كتب طارق أبو زينب في “نداء الوطن”:

تحلّ الذكرى العشرون لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، ومعها يتجدّد مشهد السقوط المدوي للنظام السوري الذي اعتقد يوماً أن اغتياله الحريري، سيُحكم قبضته على لبنان إلى الأبد. وبات نظام بشار الأسد اليوم من الماضي، وأصبح بعدما مارس الاحتلال والقمع والاغتيالات في لبنان لعقود، من الماضي، ساقطاً سياسياً وأخلاقياً تحت وطأة جرائمه التي لم يسلم منها شعبه ولا جيرانه .

في 14 شباط، يستذكر اللبنانيون كيف واجهوا بدماء الحريري وأصواتهم الحرة هيمنة النظام السوري، وأطاحوا به من أرضهم في انتفاضة ملحمية أسقطت غطرسة المحتل. واليوم، ومع انهيار حكم بشار الأسد وتفكك نظامه الذي لطالما كان رمزاً للاستبداد والدمار، تتأكد حقيقة واحدة: مصير الطغاة السقوط مهما طالت جرائمهم. وستبقى دماء الشهداء لعنة تطارد القتلة إلى الأبد .

بشار الأسد يقف وراء مؤامرات

وكشفت مصادر سورية مطلعة ومقرّبة من الحكومة الحالية لـ “نداء الوطن”، أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان زعيماً عربياً بارزاً تجاوز حضوره الإطار المحلي ليمتد إلى عدة عواصم عربية، حيث حظي بشعبية واسعة. وتأتي الذكرى العشرون لاستشهاده متزامنة مع سقوط بشار الأسد الهارب من العدالة. واعتبر الشعب السوري، بمن فيهم رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد شرع، أن من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو بشار الأسد.

أكدت المصادر أن القطيعة الحقيقية ظهرت عندما رفض الشهيد رفيق الحريري رفضاً قاطعاً الخضوع لقرار التمديد للرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود، الذي كان مجرد أداة في يد دمشق. وفهم بشار الأسد وحلفاؤه في لبنان حينها أن الحريري لم يكن زعيماً لبنانياً عادياً، بل كان يمثل مشروعاً سيادياً معارضاً لمحاولات استخدام لبنان ورقة ضغط على المجتمع الدولي. ولم يكتفِ الأسد بذلك، بل لجأ إلى أساليبه المعروفة في الترهيب والتهديد، حيث لم يتردد في توجيه تهديدات مباشرة للحريري في لقاءات مشحونة بالتوتر والاستبداد والتلميح إلى مصير دموي، ما كشف عن نهج الأسد الوحشي في تصفية خصومه بالقوة .

الوصاية السورية والإيرانية

بدورها، تعتبر مصادر سعودية مطلعة أن التوترات بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودمشق تصاعدت بشكل كبير إلى درجة دفعت بشار الأسد إلى اتخاذ قرار دموي وحاسم، بالتخطيط لاغتيال رفيق الحريري في 14 شباط 2005. وكانت هذه الجريمة تهدف إلى تعزيز النفوذ السوري والإيراني في لبنان. لكن سرعان ما انقلبت الأمور ضد مرتكبيها، ما حوّل النظام السوري والهيمنة الإيرانية إلى هدف لنقمة شعبية وعربية ودولية. واشعل اغتيال الحريري ثورة الأرز، ما أدى إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان تحت الضغط الداخلي والخارجي، ليشكل ضربة قوية لنظام الأسد الذي دخل بعدها في مرحلة الانهيار التدريجي .

وأضاف المصدر، على العكس تماماً، يبقى إرث الشهيد رفيق الحريري شاهداً حياً على قيم البناء والسيادة الوطنية. فقد كان الحريري، بالتعاون مع أشقائه في المملكة العربية السعودية، مهندساً لاتفاق الطائف الذي وضع حدّاً للحرب الأهلية اللبنانية، وأسهم بشكل أساسي في ترسيخ الاستقرار وإعادة إعمار لبنان بعد سنوات من الحرب والخراب.

إرث رفيق الحريري

في سياق متصل، أفادت مصادر سنية لبنانية “نداء الوطن”، لمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، أن إرثه السياسي لا يزال حاضراً بقوة في المشهد اللبناني، لا سيما في ما يتعلق بمستقبل الطائفة السنية. ورغم مرور السنوات، يبقى اسم الحريري رمزاً مؤثراً في السياسة اللبنانية، وبخاصة داخل الأوساط السنية.

ورغم التاريخ العريق والاعتدال الذي يميز الطائفة السنية في لبنان، فإنها تواجه اليوم تحديات كبرى أبرزها، الحفاظ على وحدة صفها بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005. وتتعرض الطائفة لمحاولات تهميش من بعض القوى السياسية، ما يستدعي تكثيف الجهود لحماية موقعها السياسي والاجتماعي، والتصدي لهذه المحاولات بحزم ووعي، لضمان استمرار دورها الفاعل في المشهد اللبناني .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce