“ملف الكهرباء في لبنان: نصف قرن من الفشل والفساد وأزمة الفيول المستمرة” بقلم رئيس تحرير إنفينيتي نيوز وفاء فواز
ملف الكهرباء في لبنان يعتبر أحد أبرز مظاهر الفشل والفساد التي رافقت مسيرة البلاد على مدى نصف قرن. منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية وحتى يومنا هذا، لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حل أزمة الكهرباء المزمنة التي أرخت بظلالها على حياة اللبنانيين اليومية واقتصادهم.
بدأت أزمة الكهرباء في لبنان في أواخر الثمانينيات، مع انتهاء الحرب الأهلية، حينما بدأت البلاد بعملية إعادة الإعمار. ورغم الجهود المتواصلة، إلا أن قطاع الكهرباء ظل يعاني من مشاكل هيكلية عميقة، بدءًا من عدم القدرة على توليد كميات كافية من الكهرباء، مرورًا بالشبكات المهترئة، وصولاً إلى العجز المستمر في تأمين الفيول اللازم لتشغيل المحطات.
عوامل الفشل في قطاع الكهرباء لا تقتصر على المشاكل التقنية فقط، بل تتعداها إلى الفساد وسوء الإدارة الذي طال هذا القطاع الحيوي. فقد أُنفقت مليارات الدولارات على مشاريع لم تنجح في تحسين الخدمة، وسط تقارير تشير إلى هدر كبير في الأموال العامة واستخدامها في صفقات مشبوهة. كما أن تعاقب الوزراء والمسؤولين على هذا الملف لم يسهم في إيجاد حلول مستدامة، بل على العكس، ساهم في تراكم المشاكل.
الأزمة الأخيرة التي شهدها لبنان في ملف الكهرباء كانت نتيجة مباشرة لعدم القدرة على تأمين الفيول اللازم لتشغيل المحطات. أزمة الفيول تفاقمت في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء لفترات طويلة وصلت إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا في بعض المناطق. هذا الواقع دفع بلبنان إلى البحث عن حلول خارجية لتأمين الوقود، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية.
في ظل هذه الأزمة، جاءت الجزائر لتقديم يد العون إلى لبنان من خلال منحه شحنة فيول على شكل هبة. هذه المبادرة الإنسانية أظهرت حجم التحديات التي يواجهها لبنان، حيث أصبح يعتمد على المساعدات الخارجية لتأمين حاجاته الأساسية. وعلى الرغم من أن هذه الهبة قد خففت من حدة الأزمة مؤقتًا، إلا أنها لم تكن سوى حلاً قصير الأمد في ظل غياب استراتيجية وطنية واضحة لمعالجة مشكلة الكهرباء من جذورها.
ملف الكهرباء في لبنان يعكس مدى تعقيد الأزمات التي تواجهها البلاد، والتي لا يمكن حلها بمعزل عن إصلاحات شاملة تطال البنية التحتية والإدارة العامة ومكافحة الفساد. في ظل هذه الظروف، يظل مستقبل الكهرباء في لبنان غامضًا، حيث أن الأزمة مستمرة والبحث عن حلول مستدامة يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.