تتزايد أعمال العنف داخل مخيمات اللاجئين والمهاجرين في فرنسا، والتي ترجعها منظمات حقوقية، إلى الظروف المعيشية “المزرية”، وإلى سياسة “عدم الاستقبال” التي تنتهجها السلطات.
وفي الأيام الأخيرة، أصيب 3 مهاجرين سودانيين بجروح في ثلاث حوادث إطلاق نار منفصلة في مخيمات بشمالي فرنسا.
وتعتقد السلطات أن هذه الحوادث مرتبطة بالصراعات الداخلية بين اللاجئين، ما يضع الأفغان في مواجهة السودانيين، وفقًا لوكالة “مهاجر نيوز” المتخصصة في شؤون المهاجرين.
من جانبها، أشارت الجمعيات والمنظمات الحقوقية إلى سياسة “عدم الاستقبال” التي تنتهجها السلطات الفرنسية، وإلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها المخيمات.
وبحسب هذه الجمعيات، فإن هذا السياق يخلق مناخًا من التوتر والعنف، ما يدفع المهاجرين، الذين هم أيضًا ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر، إلى ارتكاب جرائم أو أعمال إجرامية.
الصراعات بين المهاجرين الأفغان والسودانيين
استُهدِف اثنان من اللاجئين السودانيين بإطلاق النار في مخيم كاليه الأسبوع الماضي.
وعثر على الشابين في موقعين مختلفين، يفصل بينهما خمسة كيلومترات، ونُقِلَا إلى المستشفى بوساطة خدمات الطوارئ.
من جانبه، قال المدعي العام في محكمة بولوني، جيريك لو براس، إن “المهاجر الأول، البالغ من العمر 18 عامًا، أصيب في الفخذ، ونُقِل إلى مستشفى بولوني سور مير.
ثم غادر المستشفى بعد أن أخذت الشرطة إفادته، واسْتُهْدِف من دون تقديم أي معلومات عن الأسباب أو الترتيب الدقيق لما حدث، ولكن التحقيق في الحادث مستمر”.
وأضاف جيريك لو براس أن “الضحية الثانية، البالغ من العمر 16 عامًا، أصيب في الركبة، ونُقِل إلى مستشفى كاليه، وأخيرًا غادر الشاب المستشفى بسرعة، ولم تأخذ الشرطة إفادته”.
مهاجر ثالث أطلق عليه الرصاص “من دون شهود”
في مساء يوم 7 أغسطس/ آب، عُثر على سوداني آخر مصابًا بطلق ناري في ساقه على جانب طريق “مارديك”، بالقرب من مخيم لون بلاج للمهاجرين في فرنسا.
وعُولِج من قبل خدمات الطوارئ، ونُقِل إلى مستشفى “دونكيرك”.
وأظهرت الفحوصات الأولية أن حالته الصحية ليست في خطر، وفُتِح تحقيق لتسليط الضوء على الحادثة، ولكن لم يتحدث أي شاهد حتى الآن، ولم يرغب الضحية في التحدث إلى وسائل الإعلام المحلية.
في الأشهر الأخيرة، وقعت كثير من حوادث العنف من النوع نفسه في شمالي فرنسا، حيث يستقر آلاف المهاجرين مؤقتًا على أمل الوصول إلى المملكة المتحدة.
ففي الأول من أبريل/ نيسان، تعرض مهاجر للطعن حتى الموت في “لون بلاج”، وبحسب مصادر في الشرطة الفرنسية، كان الرجل في الثلاثينيات من عمره.
وفي بداية شهر فبراير/ شباط أيضًا، أعلن مكتب المدعي العام في دونكيرك عن مقتل أحد المهاجرين بالرصاص وإصابة آخر بالقرب من مخيم لون بلاج.
وقالت شارلوت هويت، المدعية العامة في دونكيرك، إن الرجل المتوفى “عُثر عليه حيًّا بجانب الطريق السريع في بلدة غراند سينث، ثم نُقِل إلى المستشفى قبل أن يتوفى متأثرًا بجراحه”.
وأضافت: “هذا الرجل كان يعيش في مخيم للمهاجرين بالقرب من المكان الذي عُثر عليه فيه”.
سياسة “عدم الاستقبال”
من جهته، قال توماس شامبون، منسق جمعية يوتوبيا 56 في جراند سينث، إنه سمع عن حوادث عنف بين المهاجرين في الأيام الأخيرة.
وأضاف شامبون لـ”إرم نيوز”: “من الصعب تحديد تفاصيل هذه الحوادث؛ لأن المهاجرين عمومًا يتجنبون مشاركة ما حدث لهم”.
وأوضح: “في بعض الأحيان نرى المهاجرين يعانون جروحًا عميقة، ولكنهم يخبروننا بأنهم سقطوا على الأرض”.
وبحسب العاملين في المجال الإنساني، فإن هذه الإصابات ناجمة عن “طلقات نارية أو طعنات”، خاصة خلال المعارك التي تندلع بين المهاجرين في أثناء توزيع الخيام أو المواد الغذائية.
وتابع: “لقد تزايد هذا العنف بين المهاجرين في الآونة الأخيرة، سواء أفي المخيمات أم على الشاطئ، ولكن هذه ليست مسألة كراهية بين مجموعات من المهاجرين واللاجئين (من جنسيات مختلفة)، بل هي بالأحرى نتيجة لسياسة عدم الاستقبال التي تقودها فرنسا والمملكة المتحدة، والتي تخلق مناخًا من التوتر والعنف بين الناس هنا”.
وأوضح أن “هذه السياسة تجعل المهاجرين ضحايا لشبكات الاتجار التي تستغل وضعهم، وتحاول الاستفادة من مأساتهم”.
وبحسب توماس شامبون، كان ألف شخص يعيشون في مخيم جراند سينث قبل أسبوعين، وهو رقم يمكن أن يتضاعف في بعض الأحيان في ليلة واحدة، حسب الطقس وحالة البحر.
وأوضح أن هذا الوضع يتسبب في نقص خطر في الغذاء والماء والاستحمام والخيام، التي توفرها الجمعيات فقط.
ويستغل المهربون فصل الصيف لتنظيم مزيد من عمليات العبور إلى بريطانيا.
ووفقًا لإحصاءات وزارة الداخلية البريطانية، وصل الأسبوع الماضي 1172 مهاجرًا إلى الأراضي البريطانية، منهم 700 يوم 11 أغسطس وحده.