“مفترق طرق: التيار الوطني الحر بين الانشقاقات وتحولات المشهد السياسي”
بقلم رئيسة التحرير انفينيتي نيوز :وفاء فواز

في خضم التحولات السياسية التي يشهدها لبنان، يُعد “التيار الوطني الحر” واحداً من القوى الرئيسية التي لعبت دوراً بارزاً في تشكيل المشهد السياسي على مدار السنوات الماضية. ومع ذلك، فإن المرحلة الأخيرة حملت معها تحديات جديدة، إذ واجه التيار سلسلة من الانشقاقات التي هزت أركانه وأثارت تساؤلات حول مستقبله. هذه الانشقاقات، التي جاءت في وقت حساس من تاريخ لبنان، تعكس التوترات الداخلية والصراعات التي تعصف بالحزب من الداخل، مما يطرح تساؤلات حول قدرة التيار على الحفاظ على وحدته وتأثيره في الساحة السياسية، وسط تطورات دراماتيكية قد تغير معالم الخريطة السياسية في البلاد.

بعد استبعاد آلان عون، سيمون أبي رميا، وإلياس بو صعب من الانتخابات النيابية، قد يسلك هؤلاء الزعماء عدة مسارات في المرحلة المقبلة. من المحتمل أن يسعى كل منهم إلى تعزيز حضوره السياسي عبر تكوين تحالفات جديدة، سواء عبر تأسيس تكتل سياسي مستقل أو الانضمام إلى قوى وأحزاب أخرى، خاصة في ظل تراجع نفوذ التيار الوطني الحر داخليًا وخارجيًا. سيناريو تشكيل حلف جديد بينهم ليس مستبعدًا، إذ قد يجدون في هذا الخيار وسيلة للحفاظ على تأثيرهم السياسي ومكانتهم في الساحة اللبنانية. من ناحية أخرى، قد ينضمون إلى أحزاب أو تكتلات معارضة تتماشى مع رؤيتهم، سعياً لتعزيز مواقعهم في الانتخابات القادمة. انتخابيًا، سيؤثر غيابهم على التيار الوطني الحر، إذ يمكن أن يؤدي إلى تراجع شعبية التيار وفقدانه لعدد من الناخبين المؤيدين لهذه الشخصيات. ستتوقف الخطوات المقبلة على مدى قدرتهم على التأقلم مع الوضع السياسي الجديد وإعادة تحديد دورهم في المشهد اللبناني المتغير.

يواجه باسيل تحديًا كبيرًا في العثور على ثلاث شخصيات مناسبة لملء الفراغ الذي تركه بو صعب في المتن، وعون في بعبدا، وأبي رميا في جبيل. النواب المذكورون لديهم تمثيل قوي في مناطقهم، وكانوا على مدى سنوات يؤمّنون التأييد الشعبي المطلوب للتيار الوطني الحر، ويحافظون على ثلاثة مقاعد أساسية في تكتل “لبنان القوي”. هذا الدور كان حاسمًا، خاصة في ظل تراجع الدعم المسيحي للتيار وتقدم القوات اللبنانية على الساحة المسيحية.

من المرجّح أن يشكل آلان عون، سيمون أبي رميا، وإلياس بو صعب تياراً سياسياً جديداً بأنفسهم، خاصة إذا شعروا أن لديهم رؤية مشتركة وقاعدة شعبية كافية لدعم هذا المشروع. تشكيل تيار جديد قد يكون خياراً صعباً أمامهم لكنه قد يعزز استقلاليتهم ويوسّع نفوذهم في الساحة السياسية.

على الجانب الآخر، قد يختارون الانضمام إلى أحزاب أخرى قائمة، خصوصاً إذا رأوا في ذلك فرصة لتعزيز مواقعهم السياسية والاستفادة من هياكل وتنظيمات قوية موجودة بالفعل. هذا القرار يعتمد على حسابات متعددة، بما في ذلك التوافق الأيديولوجي والسياسي مع الأحزاب الأخرى، ومدى قدرتهم على الحفاظ على قاعدتهم الشعبية في ظل هذه التغييرات.
لا شك أن استقالات بو صعب وعون وأبي رميا ستؤثر على “التيار الوطني الحر”، وقد يخسر التيار مقاعد إضافية في الانتخابات النيابية المقبلة. في المقابل، من المحتمل أن تحافظ “القوات اللبنانية” على عدد نوابها، بل وربما تزيد عدد أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” إذا تراجع دعم الناخبين للمجتمع المدني والتيار الوطني الحر.

Share.
Exit mobile version