الشغب نحو الداخل: المخيمات أدوات “الحزب”!
شهد لبنان أمس الأربعاء تحركات لعدد من الأشخاص أمام السفارة الأميركية في عوكر، تضامنًا مع الفلسطينيين وتنديدًا بالقصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول الجاري. ولكن سرعان ما تكشّفت نوايا هذه التظاهرات غير السلمية، وانقلبت لمواجهات مباشرة بين المحتجين من جهة والقوى الأمنية والجيش اللبناني من جهة ثانية، حيث عمد بعض المخلين بالأمن إلى تحطيم وإحراق محلات ومطاعم ومؤسسات خاصة، فعمت الفوضى وتمددت لاحقًا إلى الجامعة الأميركية في بيروت وفرع مقهى “ستاربكس” في الروشة وفرع مطعم “ماكدونالدز” في عين المريسة، حيث اعتدى “الشبيحة” على ممتلكات تستفيد منها آلاف العائلات، في مشهد بعيد كل البعد عن التضامن مع فلسطين.
وأفادت مصادر أمنية لـIMLebanon، بأن “التحقيقات جارية لكشف هويات المتورطين بأعمال الشغب التي حصلت بمحيط السفارة الأميركية والتي تمددت، تمهيدًا لتوقيفهم واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم”.
وشددت المصادر على أن “حرية التعبير مقدسة ولكن يجب أن تترافق مع احترام القوانين والممتلكات الخاصة”.
وأكدت أن “الجهات الأمنية كافة في جهوزية تامة لضبط الوضع، مثل ما حصل أمس الاربعاء أمام السفارة، حيث كانت صارمة مع المخلين بالأمن”، مشيرة إلى أن “كل تظاهرة ممكن أن تتطور إلى أعمال شغب ومواجهات، ولكن العناصر الأمنية بالمرصاد، والوضع الأمني ما زال ممسوكًا”.
وردًّا على سؤال حول ما إذا كانت الجهات الأمنية جاهزة لمواجهة الفوضى المتنقلة في حال حدوثها، ذكّرت المصادر أنه “في ظروف سابقة، شهد لبنان تظاهرات في مناطق عدة بالوقت ذاته، حيث تم التنسيق مع الأجهزة الأمنية كافة التي وضعت خططًا أمنية نجحت في ضبط الوضع”.
وفي حديث لموقع IMLebanon، أعرب صاحب مطعم “شيخ المشوي” فراس ونوس عن أسفه لما تعرّض له مطعمه الجديد من أضرار جراء أعمال الشغب في عوكر، وقال: “احترق المبنى المجاور لمطعمنا، فوصلت النيران إلينا والأمر كان خطيرا جدا لأننا نملك قوارير غاز كبيرة، لكننا أطفأنا الحريق في الوقت المناسب ونجونا من كارثة”.
وكشف عن أن النيران والاعتداءات تسببت بتحطم واجهات الزجاج والكاميرات والمكيّفات، والمطعم حاليًّا لا يملك تأمينًا لأنه لم يفتح أبوابه بعد، لذلك ستكون عملية تصليح الأضرار والأعطال على نفقته الخاصة.
وأضاف ونوس: “إفتتاح المطعم كان يجب أن يتم يوم الإثنين المقبل الواقع في 23/10/2023، لكنه تأجل بعد الأضرار التي لحقت به، وإلى أجل غير مسمى خوفًا من تجدد المواجهات وأعمال الشغب”.
كما لفت إلى أن “السفارة الأميركية بعيدة جدا عن المكان التي حصلت فيه الاعتداءات، فالمطعم موجود في ساحة عوكر ويبعد عن السفارة حوالي الثلاثين دقيقة سيرا على الأقدام، فما الهدف وراء هكذا أعمال؟”.
سياسيا، إعتبر الباحث والأستاذ الجامعي مكرم رباح، في تصريحات خاصة لموقعنا، أن “حزب الله يدّعي المقاومة عبر ضربه المؤسسات الخاصة وإحراقه المحلات، في حين أن المعنى الحقيقي للمقاومة هو المحافظة على اقتصاد لبنان عبر تفادي ضرب مؤسسات تؤمن لقمة العيش لآلاف المواطنين اللبنانيين ومن ضمنهم أشخاص ينتمون لبيئة الحزب”.
وأردف: “توجيه المشكلة نحو السفارة الأميركية، يؤكد ألا وجود لرغبة حقيقية في المقاومة، بل النية هي تجييش الشارع، لاسيما أن تلك التظاهرات تبعث برسالة داخلية مفادها أنه في حال دخلنا في الحرب ممنوع على أحد انتقاد خدمة حزب الله للمشروع الإيراني بالمنطقة”.
وكشف رباح عن أنه “إذا دخلنا في حالة حرب، لن تكون المواجهة عادية لأن حزب الله يقارب الوضع مثل العام 2006. نحن الآن في خضم الحرب، وحزب الله غير موجود لحماية لبنان، فهو كرأس حربة إيران في المنطقة يقوم بتأجيج الجبهة من أجل تذكير إسرائيل بأن إيران هي الموجودة على الحدود معها، مؤكدا أنه “عندما تأتي الأوامر من طهران، لن يتردد الأمين العام للحزب حسن نصرالله لحظة واحدة قبل فتح جبهة الجنوب”.
وتابع: “عندما تبدأ التعديات وأعمال الشغب، تصبح نوعًا من ثقافة سائبة، وخير دليل على ذلك، أن مناصري الحزب هاجموا الجامعة الأميركية في بيروت التي هي حصن للقومية العربية وأحد أهم الشروح العلمية التي أعطت كوادر أساسية للثورة الفلسطينية، وهذا الأمر يؤكد أنه ما من طرح وطني لدى من يدّعون المقاومة”.
كذلك رأى أن “الأمن الحقيقي هو بتفادي المواجهة من الأساس، وعلى الجيش اللبناني أن يبعث برسالة أقوى إلى القادة الذين يحركون جنودهم في الشارع، لكن لا أعتقد أنه في صدد القيام بذلك لأسباب عديدة منها وضعه الطائفي الدقيق، بالإضافة إلى الطموحات السياسية لقيادة الجيش عبر التاريخ”.
وأشار رباح إلى أن “المخيمات الفلسطينية في لبنان ليست مجرد مخيمات لجوء، بل أدوات بيد حزب الله كما العديد من المنظمات على رأسها الجماعة الإسلامية التي أطلقت صواريخ نحو إسرائيل”.
وشدد على أنه “بنهاية المطاف حزب الله يسيطر على هذا الملف ويحاول إخافة بعض اللبنانيين لا سيما المسيحيين منهم بخطر فلسطين، أما الخطر الحقيقي فهو السلاح الذي يملكه هذا الحزب والذي يقوم بتزويد الأطراف التي لا تعمل لمصلحة لبنان ومنها عدد من المنظمات في المخيمات الفلسطينية”.
إنتفاضة الشعب الفلسطيني على الظلم حق، والقصف الإسرائيلي الذي يطال المدنيين والصغار والنساء وحتى المستشفيات مدان ومرفوض لا شك، ولكن “طريق القدس لا تمر بأرزاق اللبنانيين”، فأبقوا لبنان وأزماته الكثيرة بمنأى عن صراعاتكم، لأن لا حول ولا قوة له لتحمل ثمن حرب، ستودي به وبأبنائه إلى الزوال!