قراءة في انتخابات المتن الشمالي
قراءة في انتخابات المتن الشمالي
أقفلت صناديق الاقتراع وانتهت عمليات الفرز، وانتقل الجميع إلى حسابات الربح والخسارة وقياس تأثيرها في الانتخابات النيابية المقبلة.
منذ ليل الأحد أعلنت جميع الأطراف والأحزاب السياسية فوزها في الانتخابات البلدية والاختيارية، وهي الجهات نفسها التي هربت أو تهرّبت قبل الانتخابات وتخفّت بالستار العائلي والإنمائي والاجتماعي لتعود وتندفع لحظة إعلان النتائج وتتبنى الفوز هنا والاكتساح هناك.
فجأة، كل المعارك أصبحت مرتبطة بداعمين وآباء سياسيين، وصار من النادر إعلان فوز من دون تبنّ سياسي، علما أنه قبل يوم واحد كان الحديث عن الغياب السياسي عن معظم المعارك.
وإذا كان من الطبيعي للأحزاب والشخصيات السياسية تبني الانتصارات للبناء عليها، أقله إعلامياً، فمن الطبيعي أيضاً أن يفوز الجميع نظراً إلى البعد العائلي لهذه الانتخابات التي يمكن أن تجمع ضمن لائحة مجموعة من المختلفين سياسياً، وهذا حقيقة ما حصل.
من بين الوقائع البارزة في استحقاق الأحد انتخابات قضاء المتن الشمالي، نظراً إلى إعلان الأطراف أن الهدف كان أبعد من الانتخابات البلدية، وهو اتحاد البلديات الذي له دور سياسي في هذا القضاء المتنازع عليه بين عدد كبير من الأحزاب والشخصيات المسيحية.
وعلى الرغم من إعلان النتائج، بقي الغموض سيد الموقف وخصوصاً في معركة الاتحاد، فقد أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء سابقا الياس المر أن شقيقته رئيسة بلدية بتغرين ميرنا المر احتفظت برئاسة الاتحاد بعد فوز فريقها بـ19 بلدية على الأقل من 33، وردّ عليه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل مؤكدا أنه متقدم جداً في معركة الاتحاد وأن المعركة لن تحسم قبل يوم الانتخاب.
في هذا الإطار، يؤكد مصدر في العمارة (المقر الانتخابي لآل المر) كلام المر، مشيراً إلى أن رئاسة الاتحاد حسمت برقم يتجاوز الـ22 صوتا، وإن غداً لناظره قريب.
كلام العمارة ينفيه مصدر كتائبي، إذ يعتبر أن “المر سمّى بعض البلديات وتبنى فوزها، في حين أنها كانت مدعومة من حزب الكتائب، أو هي نتيجة تحالف بين مختلف الأطراف ومن ضمنهم الكتائب، ولا يمكن احتسابها من حصته على الإطلاق، بل على العكس، إن جزءا ممن سمّاهم سيقترع إلى جانبنا في معركة الاتحاد”.
ويرى المصدر أن “من المبكر الحديث عن حسم، وسيناقش الحزب مع رؤساء بلديات رؤيتهم، لأننا لا نعتبرهم “في جيب أحد”، ومن الواضح أن هناك الكثير من البلديات ذاهبة في اتجاه التغيير”.
وفي قراءة سريعة لانتخابات قضاء المتن الشمالي يمكن تسجيل عدد من الملاحظات الأولية الأساسية، منها:
أولاً- غياب الحدة أو المعارك السياسية في مختلف بلدات القضاء، باستثناء بلدات قليلة، ومنها جديدة المتن التي أخذت فيها المعركة طابعاً سياسياً حاداً وفاز تحالف الكتائب- “القوات”- إبرهيم كنعان، وهي بلدية كانت محسوبة تاريخياً على المر.
ثانيا- لم تسجل مفاجآت كبيرة في القضاء، وغالبية النتائج كانت شبه معروفة، مع بعض الاستثناءات كالذي حصل في ضبيه وأنطلياس والمنصورية.
ثالثاً- حفاظ آل المر على الحضور السياسي وعلى عدد لا يستهان من رؤساء البلديات الموالين، رغم الضجة الكبيرة التي افتعلت قبيل الانتخابات.
رابعاً- مسارعة “التيار الوطني الحر” إلى تبني فوز كل اللوائح التي ربحت في مواجهة “القوات” بعد إنكاره مراراً وتكراراً المشاركة مباشرة في هذه الانتخابات، وهي إعلانات وهمية إعلامية أكثر منها واقعية. ففي مناطق عديدة تكاد اللائحة تخلو من أي عونيّ، ويتبنى “التيار” فوزها فقط لأنها تواجه لائحة مدعومة من “القوات”، وبدا ذلك محاولة لتعويض ما جرى معه في عملية تشكيل اللوائح وإبعاد العونيين عنها.
خامساً- عودة ظهور المال الانتخابي وإثارة القضايا الشائكة كملف المجنسين وبيع الأراضي واستعمالها في الانتخابات بعدما كانت خبت لفترة طويلة.
سادساً- عدم إمكان صرف النتائج البلدية في الانتخابات النيابية، وخصوصاً أن الانتخابات تخاض عبر نظامين انتخابيين مختلفين بالكامل، بالإضافة إلى نسبة التحالفات المحلية الهجينة التي طغت، ومن المؤكد أنها ستتغير في الانتخابات النيابية.
اسكندر خشاشو – النهار