مقالات

“حزب الله” يواجه “حتمية” حلّ جناحه العسكري قريباً!

“حزب الله” يواجه “حتمية” حلّ جناحه العسكري قريباً!

لم تبدأ في العراق الحملة على رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، بسبب رفضه استنساخ تجربة الحشد الشعبي، بل بدأت في لبنان وتحديداً عبر الجيش الإلكتروني التابع لـ”حزب الله” مع دخول سريع سجله على خط الاستهجان محمد مهدي حسن نصرالله.

وبعد “حزب الله” انضمّت الفصائل الموالية لإيران إلى الحملة، وأجبرت الخارجية العراقية على التدخل، الأمر الذي استوعبه عون وتفاعل معه بسرعة قاطعاً الطريق على تفاعلات غير مرغوب فيها من السلطتين اللبنانية والعراقية.

وليس سراً أنّ “حزب الله” ينتظر “على المفرق” رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء وبعض القوى الداعمة للعهد والحكومة، بسبب إصرارهم على تنفيذ تعهدهم ببسط سلطة الدولة وحدها على كافة الأراضي اللبنانية واحتكار السلاح!

وما قاله الرئيس عون في مقابلته التي رفض فيها أن يستنسخ لبنان تجربة الحشد الشعبي، أزعج “حزب الله” كثيراً، لأنّه دليل إضافي على أنّ موضوع حل “الجناح العسكري” للحزب قد اتُّخذ فعلاً، وبدأ التفكير بطريقة تنفيذ هذا القرار، بحيث تُطرح احتمالات عدة، من بينها استيعاب العناصر المؤهلة ضمن المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، أي جميع هؤلاء المحتمل أن يتخلوا عن طائفيتهم وتبعيتهم وانتمائهم لعقيدة ولاية الفقيه التي تجعلهم بخدمة التكليف الإيراني لا تحت أمر السلطة اللبنانية الشرعية المختصة.

وقد أحدث هذا الدليل الذي ترافق مع وعد عون بأن تتمكن الدولة من احتكار السلاح في لبنان، في خلال عام 2025، توتراً كبيراً في قواعد الحزب التي شنّت هجومات عنيفة، كان أكثرها تعبيراً ذاك الذي تولاه عضو المكتب السياسي في الحزب محمود قماطي، عندما استعمل شعار الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله الذي غطى فيه الغزوة العسكرية على بيروت والجبل في السابع من أيار/ مايو 2008: كل يد تمتد إلى سلاح المقاومة تقطع!

 

ولهذا استغل دعائيّو الحزب موقف عون من استنساخ تجربة الحشد الشعبي في العراق لتشتيت الانتباه عن المهم جداً: البدء بالتفتيش عن طريقة لاستيعاب الجناح العسكري في “حزب الله”، على اعتبار أنّ حلّه أصبح “حتمياً”.

ويحاول الحزب، بشتى الوسائل تأخير هذا الاستحقاق بكسب ما أمكن من وقت، ويعمل ما يستطيعه لاستغلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة اللبنانية وعلى عناصره بالذات، من أجل تحقيق هذا الهدف.

ولكن الحزب لم يوفق بعد في سعيه إلى كسب الوقت، لأنّ حججه تبدو واهية؛ فسلاحه كما أظهرته وقائع الحرب الأخيرة، غير قادر لا على الدفاع عن سيادة لبنان فحسب بل على حماية قيادات الحزب ومقاتليه ومناصريه، أيضاً!

 

ويواجه “حزب الله”، حتى ضمن بيئته الضيّقة، أسئلة صعبة عن جدوى سلاحه، إذ تحوّل، بفعل الواقع اللبناني والضغوط الخارجية، إلى عامل معرقل لإعادة إعمار ما تهدم، بحيث بات الجميع أمام الخيار الصعب: بقاء السلاح شمالي نهر الليطاني في مقابل بقاء الدمار في كل لبنان والتسبب بعودة مهدد بها للحرب!

ويدرك الجميع في لبنان أنّ “حزب الله”، مهما فعل لرفع المسؤولية عن نفسه ورميها على عاتق الدولة، يبقى المسؤول الأوّل عمّا حصل، ويستحيل أن يتهرب من دفع أثمان ذلك، وفي مقدمها تسليم سلاحه في كل لبنان، حتى تعود للدولة اللبنانية كلمتها المعتبرة في الإقليم وفي العالم!

وكان واضحاً أنّ رئيس الحكومة العراقية محمد شيّاع السوداني، بدا متفهّماً للموقف الذي أطلقه عون، ولذلك لم يترك رئيس الجمهورية اللبنانية يسهب في شرح ما قاله، بل انتقل معه للبحث في مواضيع أخرى، مثل القمة العربية المزمع عقدها في بغداد وطريقة تعاطي بيروت وبغداد مع النظام السوري الجديد، بعدما انعقد في الدوحة أوّل لقاء رفيع المستوى بين الطرفين السوري والعراقي، واضعاً حداً نهائياً لابتعاد طويل نسبياً، بسبب مواقف الفصائل الولائية في الحشد الشعبي المناهضة لتطبيع العلاقة بين الرئيس أحمد الشرع الذي كان يوماً أبو محمد الجولاني وبين القيادة العراقية.

ويعرف السوداني، قبل غيره، مشكلة العراق مع الحشد الشعبي، ولذلك كانت الفتوى الشهيرة للمرجعية الروحية الشيعية العليا في العراق السيد علي السيستاني، من أجل وضع كل السلاح في خدمة العراق حصراً وحل سائر الميليشيات وتحريم استعمال السلاح لمصلحة أجندات خارجية.

وكاد سلاح الحشد الشعبي، على الرغم من اعتباره جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية، يتسبب بمآسٍ للعراق، لولا تدخل واشنطن لدى القيادة العراقية من أجل أن تضبط فصائل إيرانية في الحشد الشعبي، تحت طائلة قصفها إسرائيلياً وأميركياً، وفق السيناريو الذي يُنفّذ منذ مدة ضد حوثيي اليمن. ولهذا كان الخروج السريع لهذا الحشد من “وحدة الجبهات”!

إذن، طُويت صفحة الاضطراب اللبناني العراقي، ولكن صفحة حل الجناح العسكري لـ”حزب الله” تبقى مفتوحة حتى تصل إلى خواتيمها المرسومة!

فارس خشان – “النهار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce