أخبار الصحف

جلسة الثقة المضمونة: المتكلمون يلامسون الثلثَين

جلسة الثقة المضمونة: المتكلمون يلامسون الثلثَين

يَنصبّ التركيز الرسمي على إتمام أسبوع الثقة بالحكومة، الذي ينطلق مع الجلسة العامة للمجلس النيابي اليوم. وإذا كان من البديهي التأكيد على نَوم الحكومة المسبق على حرير ثقة وازنة ستنالها في نهاية الجلسة تزيد عن 80 صوتاً، إلّا أنّ ممهّدات هذه الجلسة تؤشر إلى أنّها عالقة في نفق خطابي مُتعِب يمتدّ على ما يزيد عن 75 نائباً أدرَجوا أسماءهم في لائحة طالبي الكلام في جلسة الثقة المنقولة مباشرة على الهواء. مع ترجيحات مجلسية أن تطرق الشهية النيابية غير المسبوقة على الكلام ثلثَي عدد النواب ويلامس الـ80 نائباً. ولا يتسع اليومان المحدّدان للجلسة لهذا الكمّ من السيلان الكلامي، ما سيُوجب حتماً تمديداً لفترة إضافية، من غير المستبعد أن تمتد إلى ما بعد نهاية الأسبوع الجاري.

الأولويات

على ما تعكسه الأجواء الرسمية، فإنّ مرحلة ما بعد الثقة عنوانها السرعة في مقاربة أولويات العهد الجديد وحسمها، وتأتي في مقدّمتها التعيينات المُلحّة والضرورية لملء الشواغر في بعض المراكز الأساسية، ولاسيما في وظائف الفئة الأولى التي يبلغ الشغور فيها 47 موقعاً، ونحو 270 مركزاً شاغراً في وظائف الفئتَين الثانية والثالثة.

وفي هذا الإطار، تؤكّد مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ أفكاراً واقتراحات وتصوّرات أولية موضوعة قيد التداول على الطاولة لتعيينات لن تجري بصورة شاملة وعلى دفعة واحدة، بل تصدر على دُفعات متتالية، تحتل موقع الأولوية فيها قيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، بالإضافة إلى تعيينات مالية، ويوازي ذلك حديث قوي عن توجّه لإحداث تغيير في الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

محاذير

المُسلَّم به أنّ الحكومة ما بعد الثقة التي ستنالها في مجلس النواب، ستدخل تلقائياً في امتحان الإنجاز، والشرط الأساس لنجاحها، كما يقول مسؤول رفيع لـ«الجمهورية»، يتوقف على مجموعة عوامل:

أولاً، أن تُثبِت الحكومة امتلاكها أدوات النجاح والإقدام، وجدارتها وقدرتها على هذا الإنجاز، والمقاربة المَوضوعية والواقعية لكلّ الملفات، ولاسيما الملفات الأساسية المُلحّة والحساسة. وهذا يتطلّب بالدرجة الأولى عدم إدخال المسار الحكومي في نفق النظريّات الحجرية والتنظيرات غير القابلة للتطبيق.

ثانياً، السرعة في الحسم، وليس التسرّع وتكبير حجر الوعود على النحو الذي يُثقل الحكومة ويجعلها تراوح مكانها، وغير قادرة لا على التحرّك ولا على الإنجاز.

ثالثاً، النظرة إلى الواقع اللبناني كما هو بمعادلاته وتوازناته على كلّ المستويات السياسية الإدارية والطائفية، وتجنّب الاندفاع نحو خيارات خلافية، والتصلب في طروحات تثير إشكالات وخلافات.

تعاون الرئيسَين

ويوازي ذلك، ما يعتبره مصدر رسمي مَعبَراً إلزامياً لنجاح هذا المسار، وتحقيق ما هو موعود من إنجازات وإصلاحات وخطوات إنقاذية، عنوانه الأساس التعاون والإنسجام التامَّين بين رأسَي السلطة التنفيذية، أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

وقال المصدر لـ«الجمهورية»، «إنما الكرة هنا في ملعب الحكومة وأدواتها التنفيذية، التي يعوّل الجميع على نجاحها في مهمّتها في هذا الظرف الصعب، وخصوصاً من قِبل رئيس الجمهورية. الذي يُعلّق آمالاً كبرى على هذه الحكومة، ويُعبِّر في كل مناسبة عن رغبة وإرادة صادقة في الاستفادة من الفرص المتاحة حالياً، لبلوغ إنجازات وخطوات إنقاذية عاجلة، تُترجِم ما وعد به في خطاب القسم، والتزامه بالإنطلاق في مسيرة الإصلاح للنهوض بلبنان من جديد، ومكافحة الفساد واجتثاثه ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، وعدم ادّخار أي جهد يساعد في بناء دولة حديثة ومتطوّرة تلبّي طموحات اللبنانيِّين وتحقّق لهم حياةً أفضل».

تحديات

وإذا كان ملف إعادة الإعمار واحتواء آثار العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان يشكّل بنداً معجّلاً بالنسبة إلى لبنان، إلّا أنّه حتى الآن، يبدو مؤجّلاً بالنسبة إلى الدول الصديقة والشقيقة. وعلى ما تؤكّد الأوساط الرسمية فإنّ هذا الملف يشكّل التحدّي الأكبر امام الدولة اللبنانية، ويبدو انّه ملف صعب ربطاً بالغموض الذي يعتريه وعدم بروز أي مؤشرات من أي مصدر عربي أو دولي حول مساعدات محتملة لتمكين لبنان من إعادة الإعمار، سوى تأكيدات كلامية تلقّاها لبنان الرسمي من جهات عربية ودولية مختلفة بدعم العهد الرئاسي الجديد ووعود بالوقوف إلى جانب لبنان، أشبه ما تكون بتعهد بمساعدات مع وقف التنفيذ.

وبحسب الأوساط عينها فإنّه في موازاة تحدّي إعادة الإعمار، تتمَوضع مجموعة تحدّيات أخرى، لاسيما ملف النازحين السوريّين، حيث ينتظر أن يُشكّل نقطة حوار مرتقب بين الدولتَين اللبنانية والسورية في المدى المنظور. فيما الملف الأكثر خطورة وتهديداً للبنان يتمثل بعودة شبح توطين اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان، في ظل التحوّلات والمتغيّرات التي تحصل في المنطقة والتداعيات المتلاحقة على الساحة الفلسطينية في ظل الواقع الجديد الذي تحاول إسرائيل أن تفرضه في الداخل الفلسطيني، وتمهّد من خلاله إلى تهجير جماعي للفلسطينيِّين من غزة والصفة الغربية.

ورداً على سؤال قال مرجع كبير لـ«الجمهورية»، «إنّ أسباب النزوح السوري إلى لبنان قد انتفت بشكل كامل، وبالتالي لا بُدّ من عودة سريعة لهم إلى بلدهم. وهذا الأمر سيكون محل تواصل مباشر مع السوريّين وكذلك مع الدول الصديقة لحل هذا الأمر. أمّا بالنسبة إلى ملف التوطين فموقف لبنان معروف لناحية رفض تهجير الفلسطينيِّين، ورفض توطينهم في لبنان، وتمسكه بحق عودتهم إلى وطنهم. إزاء هذا الأمر فإنّنا في لبنان، وعلى كلّ المستويات السياسية والرسمية والشعبية محكومون بمواجهته والتصدّي له ومنعه مهما كلّف الأمر».

المصدر: الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce