اقلام حرة

سقط نظام قمع الاحرار: قراءة في مسببات و نتائج هذا الانهيار

سقط نظام قمع الاحرار: قراءة في مسببات و نتائج هذا الانهيار
على مرّ العقود، حكم النظام السوري البلاد بقبضةٍ من حديد، مستخدمًا وسائل القمع والبطش كركائز أساسية لاستمراره و اعتمد هذا النظام على التصفية الجسدية للمعارضين، النفي القسري لكل صوت حر يجرؤ على انتقاد السلطة، وتركيب التهم الملفقة لإسكات أي محاولة للتغيير ، و تفريق افراد البيت الواحد ، لكن كما أثبت التاريخ مرارًا، إن الأنظمة القائمة على الظلم والاضطهاد لا يمكنها الصمود إلى الأبد، وسقوطها حتمي مهما طال الزمن و مهما اتخذت من قوى اقليمية و خارجية اوكسيجينها و دعمها للاستمرار،
فمنذ تولي حزب البعث السلطة في سوريا، أُنشئت أجهزة أمنية هائلة، كانت مهمتها الوحيدة هي إحكام السيطرة على الشعب وترسيخ هيمنة النظام ، اعتمدت هذه الأجهزة على الاعتقالات التعسفية بغالبيتها ، و الإخفاء القسري، والمحاكمات الشكلية التي كانت تُصدر أحكامها مسبقًا بناءً على أوامر عليا ولم يتوقف الأمر عند القمع الداخلي فحسب بل استخدم النظام إسلوب النفي لتصفية معارضيه سياسيًا واجتماعيًا، حيث نُفي الآلاف من المثقفين المُنتجين و جمع كبير من فئة الشباب والسياسيين خارج البلاد، تاركين وراءهم فراغًا في المشهد الثقافي والفكري السوري، أما من بقي في الداخل ، فقد عاش تحت تهديد دائم بالتصفية أو السجن، حيث امتلأت السجون بمئات الآلاف ممن اتُهموا زورًا بالإرهاب أو التآمر و كل من يغرد خارج السرب يسجن ، يُنفى ، يُغتال او يتهم ( بانتحاره برصاصتين بالرأس) ،

أما و منذ ١٣ عاما ، و مع انطلاق شرارة الربيع العربي، كسر الشعب السوري حاجز الخوف وخرج إلى الشوارع مطالبًا بالحرية والكرامة ووحدة سورية مطالبة سقوط نظام البعث ، إلا أن النظام واجه هذه المطالب المشروعة بالقوة المفرطة، حيث تحولت الاحتجاجات السلمية إلى صراع دموي بسبب العنف الممنهج الذي مارسته قوات النظام.

لم يكن القمع الوحشي كافيًا لإسكات صوت الشعب بل أدى إلى تعرية النظام أمام المجتمع الدولي، حيث بات واضحًا أن هذا الحكم مبني على الظلم والإقصاء، وليس له أي شرعية سياسية أو أخلاقية و هنا لم يعد للشعب السوري الحر و المغترب و المنفي سوى انتظار عدالة السماء مع تحركات لم تتوقف و احتجاجات متتالية ، و مع انهيار الثقة بالقضاء المحلي، الذي أثبت ولاءه للنظام بدلًا من تحقيق العدالة، اتجهت الأنظار نحو العدالة الدولية ورغم التخاذل العالمي عن تقديم المسؤولين عن الجرائم للمحاكمة، و ما جرح غزة الا وصمة عار في جبين البشرية و المسؤولين لكن العدالة الإلهية أخذت مجراها مع تفكك النظام تدريجيًا وخسارته لمعظم الأراضي السورية لصالح قوى المعارضة، الأهم من ذلك هو فقدان النظام شرعيته أمام الشعب السوري، الذي لم يعد يرى فيه سوى كيان استبدادي يفتقر إلى أي مقومات للحكم الرشيد وفي النهاية، فإن سقوط الأنظمة المبنية على البطش هو تذكير دائم بأن الظلم لا يدوم، وأن قوة الشعوب هي المحرك الحقيقي للتاريخ،

ختاما اننا نرى أن التجربة السورية هي درس عظيم لكل الأنظمة التي تعتمد على القمع كأداة للحكم فالعدالة قد تتأخر، لكنها حتمًا ستأتي، سواء عبر إرادة الشعوب أو عبر محاكم السماء التي لا تخضع لأي ضغوط أو مصالح ، وفي النهاية سيبقى الشعب السوري مثالًا للصمود والإصرار على الحرية رغم التحديات الجسام….

✊🏻✍🏻نزار بو علي
٨ كانون الأول ٢٠٢٤
تاريخ ولادة سوريا الحديثة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce