عسكريون ومستشارون ماليون إيرانيون يغادرون لبنان
كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
بلغت ترددات زلزال سقوط نظام بشار الأسد المنطقة بأكملها، وأسقط حلم امتداد الإمبراطورية الفارسية، وإذا كان لبنان يراقب مرحلة ما بعد سقوط الأسد، تبقى إيران المتضرّر الأكبر من هذه الوضعية الجديدة.
أولى بوادر التغيير الكبير في سوريا والمنطقة إعلان القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) هزيمة المشروع الإيراني في سوريا. وإذا كان الشرع دعا إلى عدم الصدام والدخول في معارك داخلية، فهو يقصد عدم التصادم بين مكونات الشعب السوري إنما مع الإيرانيين إذا بقوا في سوريا وأكملوا نشاطهم كما لو كان الأسد موجوداً.
تشهد منطقة الهرمل على أفول الهيمنة الإيرانية على الداخل السوري، وأعداد النازحين في ربوعها، ليسوا فقط لبنانيين أو سوريين، بل هناك عائلات مقاتلين إيرانيين وأذرعها سواء يمنيين أو عراقيين أو باكستانيين. وإذا كان خروج إيران وأذرعها من سوريا منطقي لعدم القدرة على مواجهة إرادة الشعب السوري أكثر من 13 عاماً، إلا أن ما يحصل في لبنان يطرح أكثر من علامة استفهام.
تكشف معلومات أمنية لـ “نداء الوطن” عن مغادرة عدد كبير من مستشارين وقيادات أمنية وعسكرية تابعة لإيران وأذرعها عبر “مطار رفيق الحريري الدولي”، وقد دخلوا إلى لبنان إما بهويات مزوّرة أو عبر المعابر غير الشرعية التي كان “حزب الله” حتى الأمس القريب يمسك بها، وأغلبيتهم دخلوا إلى لبنان عبر منطقة القصير. واللافت حسبما تكشف المعلومات الأمنية، ليس فقط مغادرة العسكريين الإيرانيين الموجودين في سوريا، بل وصل الأمر إلى من كان يتواجد في لبنان.
وفي السياق، تتحدّث المعلومات عن أن الوجود الإيراني في لبنان راسخ منذ تأسيس “حزب الله”، ولم يغادر البلد. وبعد سقوط نظام الأسد، غادر العدد الأكبر من المستشارين والضباط الإيرانيين الذين كانوا يشرفون على إعادة ترميم “حزب الله” في بيروت، وهؤلاء لا علاقة لهم بإدارة الملف السوري، بل كانت صلاحياتهم محصورة فقط في لبنان.
وما يطرح علامات استفهام أكثر، هو مغادرة أغلبية المسؤولين الماليين الإيرانيين لبنان، وكانت وظيفة هؤلاء الإشراف على الإمداد المالي لـ “الحزب” والعمل على توفير بيئة مالية آمنة لـ “الحزب”، ومراقبة مدفوعات إيران.
وتأتي هذه الأخبار وسط حديث عن مغادرة بعض عائلات قادة “حزب الله” لبنان، واستمرار المسؤولين الكبار في “الحزب” في اتّخاذ الإجراءات الإحترازية نفسها.
وفي تفسير لكل ما يحصل، تبرز قراءة أمنية بأن هناك تخوّف إيراني جدّي من استكمال إسرائيل حربها، فبعد الانتهاء من تدمير بنية جيش الأسد، سيتمّ القضاء على ما تبقى من قوّة لإيران في لبنان، خصوصاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عازم على استكمال ضرب كل أذرع إيران في المنطقة ومن ضمنها لبنان.
ويعرف الإيرانيون أن لبنان لم يعد ساحة آمنة لنشاطهم، خصوصاً بعد سقوط نظام الأسد وضبط المطار والمرفأ والمعابر الشرعية، وهذا الأمر يُعيق تحركهم في الداخل اللبناني.
وأثبتت طهران عجزها عن مواجهة إسرائيل، خصوصاً بعد تلقي “حزب الله” ضربات قوية وعدم قدرته على الصمود وإجباره على توقيع اتفاق هو أشبه باتفاق “استسلام”.
من جهة ثانية، تشكّل مغادرة المسؤولين الماليين الإيرانيين للبنان رسالة إلى “حزب الله” وبيئته بانتهاء عصر تدفق الأموال الإيرانية إلى “الحزب”، وعدم وجود أموال في المستقبل سواء لإعادة ترميم بنية “الحزب” أو لدعم مجتمعه، والأهم غياب أموال إعادة الإعمار الإيرانية.
فهم الإيرانيون جيداً المتغيرات التي تحصل على صعيد المنطقة، فخروجهم بهذا الشكل وبهذه السرعة من سوريا ومن ثمّ تخفيف التواجد في لبنان يعطي إشارة واضحة على انتهاء حلم الإمبراطورية الفارسية، وبالتالي، هل دخلنا مرحلة الخروج النهائي لإيران من سوريا ولبنان؟