هوكشتاين يسوّق لتعديلات الـ1701… مواجهة إيران ترسم مستقبل المنطقة
هوكشتاين يسوّق لتعديلات الـ1701… مواجهة إيران ترسم مستقبل المنطقة
أسبوعان يفصلان العالم عن الانتخابات الرئاسية الأميركية. ما لم يعطه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الرئيس الأميركي جو بايدن طوال سنة، لن يعطيه إياه قبل أيام قليلة من انتهاء ولايته ومغادرته للبيت الأبيض، بمعزل عن نتيجة الانتخابات وعن رهان نتنياهو على المرشح الجمهوري دونالد ترامب وسط التنسيق الدائم بينهما وصولاً إلى تحفيزات ترامب الكثيرة لنتنياهو لأجل تحقيق أهدافه والسعي إلى خلق شرق أوسط جديد.
زيارة هوكشتاين الوداعيّة
على مسافة هذه الأيام، تحرّك المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان في ما يُعتبر الفرصة الأخيرة للوصول إلى وقف لإطلاق النار، بينما الأدق هو أنها الزيارة الأخيرة لهوكشتاين الذي ينتهي عمله في البيت الأبيض نهاية الشهر الجاري، لينتقل إلى العمل في القطاع الخاص في إحدى الدول العربية.
لزيارة هوكشتاين إلى بيروت أكثر من معنى أبرزها الظروف الإنتخابية الأميركية وإظهار الإدارة اهتمامها ومساعيها في سبيل وقف إطلاق النار على الرغم من أن ذلك لا يبدو ممكناً. يتعاطى اللبنانيون بواقعية مع مجريات الأحداث، وعلى الرغم من كل المباحثات التفصيلية مع هوكشتاين حول الصيغ المقترحة إلا أن نتنياهو يبدو في مكان آخر وهو الذي أجهض كل محاولات وقف النار واستغل كل المفاوضات لتنفيذ عملياته التصعيدية وعمليات الاغتيال. لذلك لا ثقة لبنانية بإمكانية فرض وقف النار على نتنياهو الذي يصبّ جهوده على تنفيذ ضربة قاسية ضد إيران ولا بد من ترقّب تداعياتها وتبعاتها.
بين بري وهوكشتاين
في اللقاء الذي استمر قرابة الساعتين بين هوكشتاين ورئيس مجلس النواب نبيه بري، جرى النقاش في ملفات مختلفة، اقتراحات جديدة وأخرى قديمة حول آلية وقف النار، وكيفية تطبيق القرار 1701 وإعادة تشكيل السلطة وغيرها من الأفكار. كان بري واضحاً في طروحاته، أولها ضرورة وقف إطلاق النار قبل أي مسار آخر، وبعده يمكن الانتقال للبحث بكل النقاط العالقة، ويمكن لوقف النار أن يفسح المجال أمام انتخاب رئيس للجمهورية. قدّم بري عرضاً شاملاً حول مسار المفاوضات على مدى 11 شهراً. توقف كثيراً عند محطّة البيان الرئاسي الدولي الذي دعا إلى وقف النار وتطبيق القرار 1701 والقرار 2735 حول غزة، وأن نتنياهو هو الذي أجهض كل الصيغ والحلول من خلال عملياته التصعيدية. قدّم بري طروحاته وفق مسارين، أولاً وقف إطلاق نار دائم، وثانياً إعادة تجديد المبادرة السابقة التي كانت تنص على وقف إطلاق النار على مدى 3 أسابيع، يتم خلالها البحث في كيفية وضع إطار سياسي وزمني لتحقيق الأهداف الأخرى وتطبيق القرارات الدولية. وفي حال تم التوافق على ذلك يمكن إطلاق ورشة انتخاب رئيس للجمهورية خلال الأسبوع الأول من هذه الهدنة، مع توفير ظروف عقد جلسات في المجلس النيابي.
ملحق للـ1701؟
في النقاشات التفصيلية حول وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، تؤكد المعطيات أن الأمور مرهونة بالموقف الإسرائيلي الحقيقي، لا سيما أن كل الجهود المبذولة لا يمكن أن تصل إلى نتيجة من دون موافقة إسرائيل عليها ومن دون الضغط على نتنياهو الذي يرفض كل الحلول، وهنا طالب برّي بضرورة الضغط على نتنياهو لمنعه من استكمال الحرب وتوسيعها. في هذا السياق يفترض أن يتواصل هوكشتاين مع الإسرائيليين أو يتوجه إلى تل أبيب، وفي حال تقدّمت الأمور مع الإسرائيليين يمكن الحديث حينها عن إحراز تقدم.
من بين الأفكار المطروحة لتعزيز الـ1701، تعزيز ثكنات الجيش على الشريط الحدودي لا أن تكون الثكنات عند نهر الليطاني، وتعزيز فعالية نشر الجيش وقوات اليونيفيل بالمعنى الفعلي وليس صورياً وهذا جزء من نقاشات ومفاوضات سابقة كانت قد حصلت بين هوكشتاين وبرّي وقد تم نقاشها تفصيلياً على الخرائط. أكد بري أن لبنان يرفض التعديل على القرار 1701، فأجاب هوكشتاين بأن المطروح ليس التعديل لأنه لا إمكانية في مجلس الأمن للتعديل على قرار. يستند لبنان في ذلك على الفيتو الروسي والصيني. ولكن ما شدد عليه هوكشتاين هو اتفاق ترعاه أميركا يكون ملحقاً للقرار 1701 ويحدد النقاط التفصيلية والمباشرة لكيفية تطبيقه. في المقابل هناك جهات ديبلوماسية تعتبر أن المقصود والمخفي في الحديث وراء الضمانات لتطبيق القرار 1701 هو الوصول إلى بعض البنود المتعلقة بالقرار 1559 ولكن من دون ذكره كي لا يحدث ذلك استفزازاً للبنانيين.
في ظل كل هذه المفاوضات لا يبدو أن إسرائيل في وارد وقف إطلاق النار. التصعيد الذي تقدم عليه تل أبيب وخصوصاً استهداف فروع القرض الحسن لم يكن مرتبطاً فقط بزيارة هوكشتاين واستغلال الضغط العسكري سياسياً، فتل أبيب بذلك انتقلت إلى مرحلة ثانية من هذه الحرب وهي ضرب المؤسسات المدنية التابعة لحزب الله والهدف من ذلك ضرب الجذور وما يسمّيه الإسرائيليون تصفية حزب الله أو تدميره.
بالنسبة إلى جهات لبنانية وديبلوماسية فهناك قناعة بأن نتنياهو لن يوقف الحرب حالياً، وأنه يحاول كسب الوقت إلى أقصاه، ولا سيما أن الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات الأميركية سيستغلها لتصعيد عملياته طالما أن واشنطن غير قادرة على ممارسة الضغوط عليه. فنتنياهو، بحسب توصيفات ديبلوماسية، أصبح يعتبر نفسه أحد ملوك إسرائيل، وهو لا يبدو مستعداً لأن يوقف عملياته العسكرية وتصعيده، ولذلك هو يربط كل الجبهات ببعضها البعض خصوصاً في ظل تحضيره لتوجيه ضربة قاسية لإيران، لذا لا بد من انتظار نتائج هذه الضربة ففي حال كانت قوية جداً وتمكنت إسرائيل من خلق اهتزازات في بنية النظام، سيستكمل نتنياهو حربه في سبيل تدمير قدرات حزب الله العسكرية ولو اقتضى ذلك توغلاً برياً واسعاً، أما في حال تمكنّت طهران من استيعاب الضربة وواصلت تصديها ودعم حزب الله، مع الرهان على إلحاق خسائر كبيرة في صفوف الإسرائيليين، فحينها يمكن الضغط على نتنياهو لإجباره على وقف إطلاق النار، والعودة عندها إلى المقترحات الأميركية.
منير الربيع – المدن