مقالات

التوتر يتصاعد جنوبا: هل نقترب من حرب شاملة أم نستمر في لعبة الردع؟

التوتر يتصاعد جنوبا: هل نقترب من حرب شاملة أم نستمر في لعبة الردع؟

يشهد الوضع العسكري في جنوب لبنان تطورات متسارعة تجعل المنطقة في حالة من الترقب والقلق. تصاعد استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة في الأسابيع الأخيرة يعكس واقعا جديدا يفرض نفسه على الأرض، ويضع الجميع أمام تساؤلات حاسمة حول مدى اقتراب الحرب الشاملة أو ابتعادها.

ويبقى السؤال الأبرز: هل أسقطت هذه التطورات المخاوف من اندلاع حرب موسعة، أم أنها تزيد من احتمالات وقوعها؟
عن هذه التساؤلات أجاب مرجع نيابي معارض «الأنباء»، فقال: «عند النظر إلى الواقع الميداني، يتضح أن التصعيد الأخير ليس مجرد استعراض للقوة، بل هو جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى الحفاظ على معادلات الردع التقليدية، وربما السعي إلى تعديلها. إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة يحمل في طياته رسائل متعددة الأطراف، سواء إلى الداخل اللبناني أو إلى الخارج الإقليمي والدولي. هذه الرسائل تعكس رغبة الأطراف في تأكيد استعدادها لمواجهة أي تهديد، ولكن دون الانجرار إلى حرب شاملة في الوقت الحالي».

وأضاف المرجع: «إلا أن هذه التحركات، وعلى رغم خطورتها، لم تسقط شبح الحرب من المشهد. فكل صاروخ يطلق وكل طائرة مسيرة تحلق في سماء الجنوب تبقي احتمالية التصعيد مفتوحة. إن هذه الأدوات العسكرية تستخدم في إطار محدد ومدروس، لكنها قد تتحول إلى شرارة تشعل صراعا أكبر إذا ما تجاوزت الأطراف الخطوط الحمراء أو أساءت فهم الرسائل المتبادلة».

وتابع المرجع: «على صعيد آخر، تلعب التوازنات الإقليمية والدولية دورا حاسما في تحديد مدى احتمالية اندلاع حرب شاملة في لبنان.

وتسعى القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا، للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، على رغم التوترات المستمرة. كما تدرك القوى الإقليمية، مثل إيران والمجموعة العربية، أن الحرب في لبنان لن تكون محصورة في حدود هذا البلد الصغير، بل ستتوسع لتشمل المنطقة بأكملها، وهذا ما يجعلها حذرة في خطواتها».

وأوضح المرجع انه «من جانب آخر، فإن الوضع الداخلي في لبنان يضيف عاملا كبيرا من التعقيد. وتعاني البلاد أزمة اقتصادية حادة، ومؤسساتها السياسية في حالة شلل شبه كامل. وفي مثل هذه الحال، تبدو الحرب خيارا مكلفا للغاية، ولا يملك لبنان رفاهية الدخول فيه.

وتدرك الأطراف المحلية، وعلى رغم استعداداتها العسكرية، أن الحرب ستؤدي إلى انهيار ما تبقى من هياكل الدولة، وهذا ما يجعلها تفضل الحفاظ على الوضع الراهن، مهما كان هشا».

وأشار المرجع إلى انه «ومع ذلك، يبقى السؤال: هل لا يزال هناك داع للهلع من حرب موسعة؟ ويعتمد الجواب بشكل كبير على تطور الأحداث في الأسابيع المقبلة. وعلى رغم كل المؤشرات التي قد تدل على أن الحرب ليست الخيار الأول لأي طرف حاليا، إلا أن إمكانية التصعيد تبقى واردة في أي لحظة. وقد تؤدي الأخطاء في الحسابات، أو التصرفات غير المحسوبة، قد تؤدي إلى نتائج كارثية».

ولفت المرجع إلى انه «يمكن القول ان الخوف من الحرب لم يتلاشى تماما، بل تغيرت أشكاله وتبدلت معطياته. وتبقى التهدئة والديبلوماسية الحلول المثلى لتجنب الدخول في دوامة عنف جديدة، لكن على الجميع البقاء على استعداد لأي طارئ. في النهاية، التحركات العسكرية الأخيرة ليست سوى جزء من لعبة توازنات دقيقة، والنجاة من خطر الحرب تعتمد على مدى قدرة الأطراف المعنية على قراءة هذه التوازنات والتصرف بحكمة ومسؤولية».

المصدر – الأنباء الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce