مقالات

“التمديد” ثلاث سنوات للنزاع على الإيجارات السكنية!

| زينب حمود |

أواخر العام الماضي، انقضت مهلة السنوات التسع لتحرير عقود الإيجارات السكنية، كما نصّ قانون الإيجارات الصادر عام 2014، وبدأ النزاع حول وقت بدء احتساب المهل بين المالكين الذين يحددونه بتاريخ دخول القانون حيز التنفيذ في 28 كانون الأول عام 2014، والمستأجرين الذين يعيدونه إلى تاريخ تعديل القانون عام 2017. الخلاف على سنوات الإشغال الثلاث بدأ منذ تعديل القانون قبل سبع سنوات، ولكنه بدأ يترجم قضائياً خلال الأشهر الماضية «بعدما انتهت مدة العقود وصار الإشغال بلا أي مسوغ قانوني»، بحسب رئيس «نقابة مالكي الأبنية المؤجرة» باتريك رزق الله.

وفيما يرتفع عدد الدعاوى القضائية لإخلاء المأجور، يتمسك المستأجرون بالنص القانوني الجديد عام 2017، ويشدد رئيس «تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات»، المحامي أديب زخور، على أنّ «القانون عام 2014 أُبطل في المجلس الدستوري ونُسفت معظم مواده (37 مادة من أصل 58)، ولا يمكن تطبيقه بعدما تغيّر جذرياً في 28 شباط 2017».ويبرز انقسام اجتهادي في قصور العدل واستنسابية بين القضاة حتى ضمن المنطقة الواحدة في تحديد تاريخ احتساب المهل بين عامَي 2014 و2017. مثلاً، صدر عن محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضي أيمن عويدات عام 2021 قرار بسريان القانون بدءاً من 2017، خلافاً لما حكمت به القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظرة في دعاوى الإيجارات رين أبي خليل، في 25 حزيران الماضي من «إخلاء المأجور بعد تطبيق القانون في 28 كانون الأول عام 2014».

إلى ذلك، نصّ قانون الإيجارات الجديد على استفادة المستأجرين ذوي الدخل المحدود من مساهمة مالية عبر صندوق خاص بالإيجارات السكنية، فضلاً عن إعطائهم الحق بالبقاء في المـأجور بعد انتهاء المدة التمديدية لمدة ثلاث سنوات إضافية، لتصل مهلة الإخلاء إلى 12 سنة بدلاً من تسع. لكن، اللجان لم تُشكَّل بالكامل ولم ينطلق عملها بعد، كما لا يزال الصندوق فارغاً من أي أموال. وتعدّد رئيسة «تجمّع مالكي الأبنية المؤجرة» أنديرا الزهيري أسباب اعتذار غالبية القضاة المنتدبين عن عدم استلام مهمات اللجان «بانتشار جائحة كورونا والنقص في عددهم واعتكاف عدد منهم مع الأزمة الاقتصادية وتراجع مخصصاتهم، إلى جانب تعيينهم في لجانٍ بعيدة عن مناطق سكنهم…». نتيجة لذلك، «جُمّدت اللجان، وعُلّقت كل الملفات المحالة إليها، فلم يستفد أحد من الصندوق رغم ما رُصد له من ميزانية بلغت 200 مليار ليرة».

مع إعطاء هذه اللجان المعطلة حصرية البت في طلبات الاستفادة من الصندوق، «تحوّل الصّندوق إلى سوق خضار، تارة يستقبل طلبات المستأجرين من دون شروط موجبة، وتارة يرفض استقبالها. علماً أنّ عدد المنتسبين للصندوق بلغ 13 ألفاً من أصل 64 ألف مستأجر، بحسب دراسة أعدها «تجمع مالكي الأبنية المؤجرة» بناء على أرقام وزارة المالية أوائل 2019». المفارقة أنه بمجرد الحصول على رقم طلب التقديم، ومن دون استيفاء الشروط، يُعامل المستأجر معاملة المستفيد من الصندوق فيحظى بثلاث سنوات إشغال إضافية. وعليه، يرى المالكون أنّ الصندوق «بدعة لإطالة أمد البقاء في المأجور».

في الظاهر، يتنازع المالكون والمستأجرون القدامى على سنوات الإشغال المتبقية لتحرير عقود الإيجار. لكن الخلاف الحقيقي هو الهوة بين المالك الذي ينتظر «الفرج» لاسترداد المأجور، والمستأجر الذي يبحث عن أي طريقة ليكسب وقتاً إضافياً فيه، طامعاً بإيجاد حلّ غير الإخلاء رغم صدور قانون تحرير عقود الإيجارات. هوّة تستنزف المالكين والمستأجرين على صعيد الجهد والوقت ورسوم رفع دعاوى قضائية وأتعاب المحامين، أوجدتها الحكومات المتعاقبة ولا تزال تسهم فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce