لبنان على فالق ميداني خطير و”التقدمي” يبحث عن حد أدنى من التوافق
لبنان على فالق ميداني خطير و”التقدمي” يبحث عن حد أدنى من التوافق
فيما استهل أمس الحزب التقدمي الاشتراكي جولته السياسية الواسعة، وهدفها الأول إيجاد قواسم مشتركة بين الجميع، خصوصاً الأطراف المتعارضة، انطلاقاً من واقع التباعد الكبير الحاصل والغياب التام للتوافق، ما يُعطّل مجمل الاستحقاقات، لا رئاسة الجمهورية فحسب، كانت جبهة الجنوب ناشطة بشكل تصاعدي خطير، بالتوازي مع ما تردد من رسائل بلغت لبنان عن تهديد إسرائيلي بعدوان وشيك، نفاها ليل أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وفي سياق حركة “التقدمي”، سجلت لقاءات على أكثر من خط، شملت “حزب الله” وحركة “أمل”، بالإضافة إلى “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، وسوف تستمر اليوم وفي الايام المقبلة، ما يؤكّد جدّية الحراك وعزم “التقدمي” على تكوين رؤية سريعة، لأن البلاد لا تحتمل أي تسويف أو تأخير، خصوصاً وأن الأزمات تتراكم، وقد يكون لبنان على موعد مع مستجدات عسكرية خطيرة لجهة الحرب مع إسرائيل.
عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب أكرم شهيب يُشير إلى أننا “نحاول أن نحرك المياه الراكدة، في هذا الظرف الحالي غير الطبيعي في الجنوب اللبناني والاعتداءات الاسرائيلية، الوضع مأزوم، فهل نتفرّج على بعضنا؟ سموا الحركة ما شئتم، حوار، تشاور، تلاقي، إلا أنَّها لفك العقدة والذهاب إلى التلاقي على آلية لإيصال رئيس لموقع الرئاسة، أي نسعى للاتفاق على آلية”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يقول شهيب: “نعمل لخلق مساحة مشتركة بين الكتل النيابية للوصول إلى بحث جدي للوصول إلى رئيس وفاقي. من فترة كانت العقد أكبر، اليوم هناك نقاط مشتركة، قد تصل بنا إلى تلاقي للاتفاق على آلية، “حزب الله” لديه مرشحه، والفريق الآخر لديه مرشحه، والرئيس نبيه بري له الحق الدستوري بالدعوة إلى الحوار وله مساحته من موقعه”.
ويُضيف شهيب: “مع القوات لم نبحث لا بالخيار الأول ولا الثاني ولا الثالث، بل بحثنا في آلية “الحد الأدنى” للتفاهم علّنا نصل الى انتخاب رئيس للجمهورية. هي ليست مبادرة وليست تسويق إسم، والقوات لا زالت على موقفها المعلن، بأن يترأس رئيس المجلس، جلسات متتالية حتى يتم انتخاب رئيس”، مضيفاً: “نحن على خلاف مع القوات على الحوار، هم ليسوا مع أن يدير الرئيس بري حواراً، ونحن في المقابل نؤكد على ذلك، ومَن لديه حل آخر فليعطنا. موقفنا غير موقفهم بالحوار”.
ويتابع شهيب: “علينا المحاولة الدائمة، لأن ما من خيارات، وواقع مجلس النواب يفرض الحوار، حيث لا كتلة غالبة، ولا يزال الوضع بحاجة الى مزيد من التواصل والعمل لتذليل بعض العقبات، ولقاءاتنا مع كافة الكتل مستمرة غداً وبعد غد”.
ويلفت شهيب إلى أنه “بحركتنا نحاول بشتى الطرق أن نتلاقى مع المسعى المشكور من دول الخماسية ومسعى الموفد الفرنسي، وليبقى هناك تشجيع للسفراء والمبعوث الفرنسي يجب ان يكون هناك حركة داخلية، والسعي للوصول الى شيء مشترك، لكن لا حديث بأي إسم أو خيار ثالث او ثان، بل نتفق على آلية”.
إلى ذلك، تواصل إسرائيل تهديداتها وتحذيراتها، وكان يوم أمس الثلاثاء حافلاً في هذا السياق، إذ وبعدما توافرت معلومات في وسائل إعلام دولية عن تنبيهات بريطانية تلقاها لبنان تتحدّث عن ضربة إسرائيلية منتصف شهر حزيران، والتي نفاها الرئيس نجيب ميقاتي، هدّد رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وقال من الحدود إن الجيش الإسرائيلي مستعد للانتقال إلى الهجوم.
وقد تلقى “حزب الله” هذه التحذيرات والتهديدات، فكان ردّه عبر نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، الذي أكّد أن “حزب الله” لا يُريد توسيع الحرب، لكنه جاهز لأي تصعيد، ما يشي بأن الأيام القليلة المقبلة ستكون حامية جداً، خصوصاً وأن مساعي وقف إطلاق النار يبدو أنها ستفشل من جديد، ولا نية حقيقية لدى إسرائيل بالموافقة فعلياً على خطّة الولايات المتحدة الأخيرة.
وتصب المعطيات المتوافرة عن الحرب في سياق التصعيد نفسه، إذ ووفق الشاباك الإسرائيلي، فإن شهر أيّار الماضي كان الأعنف بين أشهر الحرب الأخيرة على صعيد جبهة لبنان أو غزّة، إذ إن عدد الهجمات بالصواريخ والمسيّرات كان الأعلى خلال أيّار، وبالتالي فإن مسار الاشتباك تصاعدي ولا يقترب نحو التهدئة.
الخبير الاستراتيجي والعميد الركن حسن جوني يُشير إلى أن مبادرة بايدن تتمتع بحظوظ لثلاثة أسباب، الأول هو إطلاق بايدن بشكل مباشر وأمام الجميع للمبادرة، ما يُعطيها زخماً قوياً، والثاني هو قلق نتنياهو من مواجهة صعبة مع أهالي الرهائن في حال عدم الموافقة على الاتفاق، والثالث هو التخبّط بين القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيليتين بشأن اجتياح رفح.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يقول جوني إن نجاح مبادرة بايدن سينسحب على باقي الجبهات، وبشكل خاص لبنان، لأن هذه الجبهات ربطت نفسها بحرب غزة، ثم أن في لبنان ركيزة أساسية وأرضية قانونية للتهدئة، وهي القرار الأممي 1701، والافتراض بأن إسرائيل ستستمر في حربها ضد “حزب الله” بعد الاتفاق ليس واقعياً.
وبالتالي، فإن جوني يعتبر أن ما يحصل اليوم من تصعيد هو “تصعيد عشية الموافقة على الهدنة”، لكن وفي حال فشل المفاوضات، فإن جوني يتوقع توسيع رقعة الحرب وشن إسرائيل ضربات سريعة وقاسية في العمق اللبناني قد تطال الضاحية الجنوبية، لكنه في الوقت عينه يستبعد الاجتياح البرّي لأن القوات الإسرائيلية منهكة في ما قوات “حزب الله” الدفاعية البرّية لم تُزج بالحرب بعد.
في المحصلة، فإن الخطر على لبنان يزيد، والتوافق بالحد الأدنى مطلوب لتحصين البلاد من المخاطر التي تطل برأسها، وهذا ما يعمل عليه “التقدمي”، وأي إفشال لهذه المبادرة يُعد بمثابة المسمار الأخير في محاولات تحصين الساحة الداخلية بوجه التحديات والمخاطر.
المصدر – الأنباء الكويتية