اجتماع بكركي: هدنة المتحاورين أم جرس إنذار؟
اجتماع بكركي: هدنة المتحاورين أم جرس إنذار؟
كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: بضع خلاصات انتهى إليها الاجتماع المسيحي في بكركي الخميس:أُولاها، إعادة جمع الأحزاب والكتل إلى طاولة حوار في ما بينها برعاية البطريركية المارونية تمهّد لهدنة في حملاتها المتبادلة إحداها حيال الأخرى في كل ما تتناحر عليه. ذلك يقطع الطريق أو يُفترض أن يقطعها على المواقف المسبقة بين الأحزاب والكتل هذه بإزاء رفضها التواصل والتحاور في ما بينها. إلى الآن تقتصر المشاركة فيها على ثلاثة أحزاب هي التيار الوطني الحر والكتائب والقوات اللبنانية وقوتان سياسيتان ليستا حزبيتين ولا تمثلان كتلتين نيابيتين وازنتين هما النائبان ميشال معوض ونعمة أفرام على أنه تمثيل مناطقي. افتقرت للشخصيات المسيحية المستقلة عن هؤلاء جميعاً ما يحرم الاجتماع تالياً رأياً ثالثاً بين اصطفافين.
ثانيتها، مناقشة وثيقة تبدّى منذ ما قبل اجتماع الخميس، في التي سبقته بين المشاركين إياهم، أنها في حاجة إلى إعادة نظر في التوجه العام كما في القضايا المثارة. مع أنها ليست جديدة، واطّلع المجتمعون على أفكارها سلفاً، بيد أنهم الآن في طور تعديلها إن لم يكن أكثر في جوانبها الجوهرية، سواء المتصلة بعلاقة المشاركين بعضهم مع بعض أو حيال الفريق الآخر في الشراكة الوطنية. أعدّت المسوّدة قبل ثلاثة أشهر لجنة ضمّت نعوم فرح وزياد الصايغ وإيلي كيروز. إلا أن الحاضرين أضافوا إليها أفكاراً جديدة نجمت عن مقارباتهم المتناقضة لما تضمّنته.
ثالثتها، انتهى اجتماع الخميس إلى التفاهم على عنوان للوثيقة يختلف عن ذاك الموضوع لها في الأصل. من «المسيحيون إلى أين؟» إلى «لبنان إلى أين؟» بغية تعميم الهواجس والقلق وإضفاء طابع شمولي لارتباطه بالكيان والهوية والأخطار المهدّدة.
رابعتها، الامتحان الفعلي لنجاح الحوار المسيحي ـــ المسيحي كما تتوخّاه بكركي توافقه على الأمر الأكثر استعصاء. الواضح من تمثيل الحاضرين في اجتماع الخميس وجود اصطفافين غير متكافئين: التيار الوطني الحر (بعد تغيّب تيارة المردة) على وفرة التناقض بينهما أيضاً قبالة الآخرين جميعاً في المسألتين الأكثر تعقيداً وهما سلاح حزب الله والقرار 1559. بينما يقول التيار الوطني الحر إن سلاح حزب الله أو المقاومة هو من أجل حماية لبنان، يقول الآخرون جميعاً إنه وسيلة ابتلاع الدولة برمّتها وتهديد مباشر للكيان والهوية. موقفان متناقضان يتعذّر الوصول إلى حل وسط بينهما.
خامستها، تقييم جدوى أي وثيقة مسيحية في مقدرتها على مخاطبة الشركاء الآخرين، لا الاكتفاء بالانغلاق على نفسها دونما التحاور مع مَن يفترض أنهم معنيون مباشرة في كل ما تثيره وخصوصاً في مسألتي سلاح حزب الله والقرار 1559 الوثيقَي الصلة بالثنائي الشيعي. في أحسن الأحوال لا تملك الوثيقة الوصول إلى أهدافها في معزل عن التواصل مع أولئك ومحاورتهم. انتهى المطاف بالتريث في المسوّدة المتداولة وإعادة صوغها، على أن يُصار إلى التوسع في مناقشة مضمونها مع الأفرقاء غير المسيحيين قبل الوصول إلى إصدارها.
سادستها، مع أن انتخاب رئيس للجمهورية هو الاستحقاق الراهن الأكثر تعقيداً والأكثر تهديداً للمسيحيين والموارنة خصوصاً، بحرمانهم الاحتفاظ بموقعهم في رأس هرم الدولة، لم يَبن الخلاف عليه في اجتماع بكركي. تحدّث المجتمعون فيه، التيار الوطني الحر والفريق الآخر المناوئ له، بطريقة مشتركة تقريباً في ما يريدون وما لا يريدون