مفتي راشيا برسالة رمضان: علينا أن نبادر جميعا لحل أزمة الوطن
وجه مفتي راشيا الدكتور الشيخ وفيق حجازي، رسالة لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، قال فيها: “الحمد لله رب العالمين، جعل رمضان موسما للطاعات، وشهرا للمنَح والمكرمات، وأفاض على الصائمات والصائمين فيه نِعم الرضوان والنَّفحات. والصلاة والسلام على إمام القانتين وسيد الأولين والآخرين وحجة الله على العالمين ورضي الله عن صحابته أجمعين وبعد. فيقول الله تعالى في كتابه يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون، ويقول تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كرن مريضا أوعلى سفر فعدة من أيام أخر”.
أضاف: “نسائم الإيمان هلت على عتبات شهر رمضان سيِّد الشهور والأيام، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، شهر التجارة الرابحة، مع الله تعالى لقد فرض الله علينا صيام رمضان، وجعله مطهِّراً لنفوسنا من الذنوب والآثام، ففيه تفتح الرحمات تُضاعف فيه الحسنات، وتكفر السيئات، إنه شهر القرآن وقد كان النبي يتدارس القرآن مع جبريل عليه السلام وكان العلماء يهتمون بالقرآن في رمضان كثيرا منهم من يختمه في كل ثلاث مرة ومنهم في كل يوم مرة ومنهم في كل يوم مرتين، وهذه خاصية رمضان ويجمل أن يقرأ القرآن ويعمل به وتتدبر آياته خاصة وأنه مأدبة الله تعالى إنه شهر تفتح فيه أبواب الجنان فلا يغلق منه باب وتغلق أبواب النيران فلا يفتح منها باب وتصفد الشياطين وينادي مناد من قبل السماء فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشرِّ أقصر. لقد فُرض صوم رمضان على المسلمين شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة وجعله ركنا من أركان وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» وذكر لنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن الله تعالى «قَالَ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»وأوجب المشرع الصوم على كل يجب الصوم على كل مسلم ومسلمة بالغ عاقل مقيم قادر على الصوم سالم من الموانع”.
وتابع: “إن الله تعالى فرض علينا صيام رمضان والنبي سن لنا قيامه أي صلاة التراويح وهي سنة نبوية وتؤدى جامعة في المسجد وهو أفضل، فعليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد. ثم إن الصوم جُنَّةٌ من أدْواء الروح والقلب والبدن، تكبح به جماح النفس عن الشهوات ويقوِّي النفس على الاتِّصاف بالخلال الحميدة ويُنفِّرها من الرَّذائل والانغماس في المنكرات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيماناً، واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيماناً، واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً، واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه”
وأردف: “إن رمضان فرصة الزمان ليس مجرد شهر من الشهور، وإنما له منزلة بين الشهور وفي قلوب المؤمنين لما له من ميزة وفضيلة، فقد كان الصحابة الكرام يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم، وكان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، اللهم سلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً. إنه رمضان وربما لا يعود عليك، فكم كنت تعرف ممن صام في سلف، من بين أهل وجيران وخلان أفناهم الموت واستبقاك بعدهم، حيا فما أقرب القاصي من الداني. فالحذر الحذر من تضييع هذا الشهر باللهو والغفلة وخاصة أمام الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي ولنجعل نصيبا من صيامنا دعاء لاهلنا في غزة ووقوفا معهم في ما هم فيه يعانون، كما أن علينا أن نهتم بالفقراء والمعوزين وخاصة في إخرجا زكاة المال والصدقات، فالنافلة في رمضان تعدل فريضة والفريضة تعدل سبعين فريضة ومن فطر صائما كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء”.
وقال: “إن رمضان من أنفس لحظات العمر، فلا يقبل التفريط فيه بعدا لمن ادرك رمضان فلم يغفر له وأيامه غالية وسريعة الرحيل، ومشقة الطاعة سرعان ما تذهب وسيبقى الأجر وتوابعه من انشراح القلب وانفساح الصدر وفرحة العبد بطاعة الرب سبحانه. وكم من مشقة في طاعة مرت على الإنسان فذهب نصبها وتعبها وبقى أجرها عند الله إن شاء الله. وكم من ساعات لهوٍ ولعبٍ وغفلةٍ ذهبت وانقضت لذتها وبقيت تبعتها. وساعة الذكر فاعلم ثروة وغنى، وساعة اللهو إفلاس وفاقات”.
وأضاف: “أيها المسلمون وإن دار الفتوى في راشيا وإذ تتقدم بالتهنئة لاهلنا في لبنان والاغتراب تسأل الله تعالى أن يبلغنا هذا الشهر وواقع الأمة إلى خير ونصر بإذن الله وأن نقف مع أهلنا مواساة ومساهمة في بلسمة جراحهم وتخفيف آلامهم، وذلك عن طريق صندوق الزكاة في راشيا المؤسسة الأم في قضاء راشيا أحد فروع صندوق الزكاة في لبنان والذي يقوم عليه ثلة من خيرة أهلنا في القضاء وهمهم أن نسهم في مساعدة أهلنا في راشيا، وعلينا أن نكون جميعا يدا واحدة معطاءة وخيرة فالله أعط منفقا خلفا يا رب العالمين، فرمضان شهر الجود والخير والعطاء والمواساة والتكافل الاجتماعي فقد كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان يجود بالخير كالريح المرسلة”.
وختم المفتي حجازي: “ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك والأزمات المتلاحقة في هذا الوطن لا تزال تتوالى مما يتطلب الولوج للخروج من هذا المستنقع الذي وصل إليه لبنان ومنه سرعة انتخاب رئيس للجمهورية لينتظم عقد السلطات في لبنان ولتعود عجلة الحياة الاقتصادية إلى الطريق الصحيح فقد ضاق الخناق على المواطنين، وعلى المسؤولين أن يضعوا نصب أعينهم أن الوطن أمانة في الأعناق وأن ترك الوطن دونما إيجاد الحلول الناجعة جريمة بحق الوطن واهله خاصة وأمام الفلتان الأمني الذي يضرب في كل مكان، وعلينا أن نبادر جميعا لحل أزمة الوطن، وما يجري في غوة جراء الجرائم الصهيونية الأميركية دمرت مدينة باكلمها وشردت أهلها وقتلت عشرات الآلاف من أبنائها، مما يتطلب من الأمة العمل الجاد للجم هذاالعدو المجرم ووقف آله الحرب الغاشمة والنبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله عرضه”.