في بيروت والشمال والبقاع وحتى الجنوب… آلاف المباني مهدّدة بالسقوط
تعتبر البناءات من أهم الممتلكات التي يمتلكها الأفراد، فهي ليست مجرد مكان للإقامة، وإنما تمثل استثماراً كبيراً قد يمتد الى عقود. وزعزعة المنازل وتصدعها من المشكلات الشائعة التي تواجه أصحاب الملك، وتتسبب باضطرابات هندسية وتشوهات جمالية، قد تؤثر في قيمة العقار وسلامة سكانه.
وفي الإطار، تعاني مئات المباني من اختلالات هيكلية وتهديدات بالانهيار، خاصة بعد انفجار 4 آب 2020، الذي خلّف أضرارا هائلة في العمارات، وزاد من الضغوط على البنى التحتية والمباني القديمة في المناطق المحيطة. وكانت الدولة اللبنانية أجرت في عام 2021 تقييما شاملا للمساكن في بيروت والمناطق المجاورة، لتحديد الابنية التي تعاني من انفلاقات خطرة قد تؤدي إلى سقوطها، وتحتاج إلى إصلاحات عاجلة أو إجراءات أمنية لتقليل مخاطر الانهيار. وليس خافيا على أحد ان هذا الوضع يشكل تحدياً كبيراً للدولة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
التحديات عظيمة!
وفي هذا السياق، تشدد عدد من المهندسين المعماريين الذين تحدثت إليهم “الديار”، على ضرورة اتخاذ عدة تدابير وقائية، منها:
– تقييم البنى التحتية: يجب على الجهات المعنية تثمين البنى التحتية والمباني القديمة بانتظام، لتحديد الصروح التي تحتاج إلى إصلاحات وصيانة عاجلة، كما ينبغي على الحكومة تحسين البنى العامة لتجنب الإهمال الذي قد يؤدي إلى كوارث بشرية.
– تنفيذ الصيانة الدورية: لزوم تنفيذ الصيانة الدورية للحفاظ على سلامة البناء، لتلافي تراكم المشكلات الهيكلية.
– تشديد الرقابة: يترتب على الحكومة تشديد الرقابة على عمليات التشييد والتأكد من اتمامها، وفقاً للمعايير الهندسية والبنائية.
– توعية المواطنين: ينبغي تثقيف الناس بأهمية الصيانة الدورية، والابتعاد عن المباني القديمة التي تظهر عليها علامات تشققات كبيرة ومن الخطورة البقاء فيها.
المناطق الأكثر تضررا!
– تعتبر مناطق بيروت وضواحيها من أكثر المناطق تأثرا بمياه الأمطار، التي الحقت الضرر بالوحدات السكنية، وأحدثت اضطرابات هيكلية، مما تسبب بتخلخل الأساسات وتهديد سلامة المباني.
– تشهد منطقة برج حمود اكتظاظا سكانيا كبيرا، وتضم العديد من الابنية القديمة وهي عرضة لخطر التأثر بمياه الأمطار وتدهور الأساسات، نتيجة لعدم صيانتها بشكل منتظم وملائم.
– في طرابلس ومناطق شمال لبنان بشكل عام، هناك عدد كبير من الوحدات السكنية القديمة التي قد تكون تاريخية أو ذات قيمة ثقافية، ولكنها غالباً ما تعاني من تدهور نتيجة لعدم الصيانة الدورية وتأثيرات العوامل البيئية.
– البقاع الذي يعد منطقة زراعية وريفية، فهناك العديد من المساكن والقصور العتيقة، التي يعود تاريخ بنائها إلى قرون مضت وتحتاج إلى إعادة اصلاح.
– جنوبا، تشتهر المناطق الجنوبية بجمالها الطبيعي وتاريخها الاصيل، مما يجعلها تحتوي على العديد من المقرات التاريخية والتراثية، مثل مدينة صور الساحلية التي تضم العديد من الآثار الرومانية والفينيقية، وهناك بيوت تاريخية عريقة تحتاج إلى الكشف.
– كما أن المناطق القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة تحتوي على العديد من المباني التي تعاني من التدهور، نتيجة للظروف الامنية والاجتماعية الصعبة في المنطقة.
الأرقام تقريبية وليست نهائية!
في موازاة ذلك، أوضح رئيس “شبكة سلامة المباني” المهندس يوسف فوزي عزام لـ “الديار”: “انه يتم التداول عبر الاعلام بالرقم 16,250 مبنى معرضا للسقوط، لا سيما بعد زلزال تركيا وسوريا، والذي كان نشر في عام 2013 ، لكن يبقى هذا الرقم خارج اطاره العلمي”، مشيرا الى الطريقة التي تم من خلالها الاستحصال عليه. أضاف: “في عام 2013 انهار مبنى في منطقة فسوح ، وهذه الكارثة كانت الشرارة وقتذاك التي خلقت النضج لدى الرأي العام والمسؤولين حول خطورة هذه المسألة ، وإدراك ان هذه الكارثة من الممكن ان تضرب عددا كبيرا من المباني”.
خطة سريعة!
وتابع: “يومذاك كان يوجد تعاون بين وزارة الداخلية والبلديات ابان حقبة الوزير السابق مروان شربل، الذي عين أحد مستشاريه لمتابعة هذه القضية، كما أرسل تعميما يطلب فيه من البلديات التعاون مع “شبكة سلامة المباني” في إطار الوقاية من المخاطر في المباني، وكيفية القيام بـأعمال المسح الميداني. الى جانب ذلك، جلنا على معظم البلديات وتم جمع الخرائط الجوية، كما استطعنا الحصول على مستندات أخرى من مصادرنا الخاصة”. واشار الى ان “هذه الأمور تم تحضيرها بشكل تطوعي من قبل مهندسي الجمعية، وادخالها ضمن برنامج GIS للخرائط لتحليلها بحسب الترتيب الزمني، الذي بين لنا اعداد المباني بحسب الاعمار التي كانت المعيار”.
وقال: “انا أصر على ان هذا المقياس لا يعتبر النموذج الصحيح، لان التصور السليم يتمثل بإجراء مسح على الأرض من خلال الفحص النظري أولا، ومن ثم الانتقال الى الاختبارات المخبرية. كما يجب اخذ عينات من الحديد والباطون لتحديد العمر الافتراضي للمبنى، وهذه هي الطريقة الأفضل، وعلى البلديات اعتمادها لا الجمعيات الخاصة”.
أضاف: “لقد كان ضروريا في ظل انعدام الأرقام اظهار حجم المشكلة، بحيث أصبح لدينا التوزيع الجغرافي والأرقام المتعلقة بهذه الوحدات، بالاستناد الى الخرائط التي جمعناها. ومن بعد حوالي عام من العمل في هذا المجال، تبيّن لنا وجود نحو 400 منزل في برج حمود. طبعا توصلنا الى هذا الرقم عبر الطريقة التي ذكرتها، ولكن الاعداد قد تكون أكثر وربما اقل”.
وتوجه الى “البلديات التي يقع على عاتقها القيام بالكشف، لان الهدف من البلدية هو تيسير المرفق العام والمحافظة على سلامة الناس. فالمنهجية التي سلكناها مبنية على العمر، ومكّنَتنا من القيام بإحصاء للمباني المهددة بالانهيار. وأؤكد على ان هذه الآلية ليست الطريقة الهندسية المثلى لمعرفة الاعداد بشكل دقيق، والأفضل اجراء مسح من قبل البلدية الذي هو من ضمن عملها”.
وقال عزام : ” كلما كان عمر المبنى قديما أصبح وضعه الانشائي أصعب، وهذه هي المباني التي تعتبر مهددة نتيجة للحروب التي مرت على لبنان، الى جانب تسوية المخالفات والمناطق العشوائية”.
المصدر – الديار