ساعات حاسمة: هل فعلاً الأجواء مهيأة لوقف إطلاق النار في لبنان؟ ولكن… بقلم رئيس التحرير إنفينيتي نيوز وفاء فواز

في خضم الأزمات السياسية والأمنية التي تضرب لبنان بشكل دوري، تعود قضية وقف إطلاق النار لتتصدر المشهد مجددًا، وسط ظروف تتسم بالتوتر والتعقيد. بينما تتزايد الدعوات المحلية والدولية للتهدئة وإنهاء الأعمال العدائية، تتساءل أطراف عدة: هل الأجواء في لبنان مهيأة حقًا لهذه الخطوة؟ أم أن هناك عوائق كامنة تجعل هذا الهدف صعب المنال؟

على الرغم من التصعيد الذي شهدته البلاد في الساعات الأخيرة، برزت إشارات تدعو للتفاؤل الحذر. تحركات دبلوماسية دولية نشطة، وضغوط إقليمية لاحتواء التوتر، دفعت بعدة أطراف لبنانية إلى الجلوس على طاولة المفاوضات غير المباشرة. وقد لعبت المبادرات الإنسانية دورًا كبيرًا في تهيئة الأرضية لوقف إطلاق النار، خاصة في المناطق الأكثر تضررًا من الاشتباكات.

علاوة على ذلك، فإن الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان شكل ضغطًا كبيرًا على الأطراف المتصارعة. فاستمرار النزاع يزيد من معاناة الشعب، ويهدد بزيادة الفوضى والانهيار الشامل. هذه المعطيات دفعت العديد من الأطراف إلى التفكير جديًا في وقف إطلاق النار كخطوة أولى لإعادة الاستقرار.

 

رغم هذه المؤشرات، تبقى هناك تحديات تجعل تحقيق وقف إطلاق النار أمرًا معقدًا. أول هذه العوائق هو عدم الثقة المتبادلة بين الأطراف المتصارعة، حيث يُنظر إلى أي مبادرة تهدئة بعين الشك. كما أن الأطراف الإقليمية ذات المصالح المتباينة في لبنان تلعب دورًا مزدوجًا: فتارة تدفع باتجاه التهدئة، وتارة تغذي التصعيد لتحقيق أجنداتها الخاصة.

من ناحية أخرى، لا تزال هناك قوى داخلية مستفيدة من حالة الفوضى. هذه الأطراف تسعى إلى عرقلة أي مبادرة سلمية، إما لتحقيق مكاسب سياسية أو للحفاظ على مواقعها في ظل غياب الدولة القوية.

إن وقف إطلاق النار في لبنان لن يكون ممكنًا دون تدخل المجتمع الدولي وضغوطه على الأطراف المتصارعة. الدعم الإنساني الذي توفره المنظمات الدولية لا يقتصر على الإغاثة المادية، بل يتعداه إلى بناء جسور التواصل وتعزيز الثقة بين الفئات المتنازعة.

كذلك، يبرز دور المجتمع المدني اللبناني كعامل أساسي في الضغط لإنهاء النزاع. عبر تنظيم مظاهرات سلمية وإطلاق مبادرات للحوار المجتمعي، يمكن للمجتمع المدني أن يشكل قوة ضغط تدفع الأطراف إلى الالتزام بوقف إطلاق النار والبحث عن حلول دائمة.

 

بين التفاؤل بمبادرات وقف إطلاق النار والقلق من استمرار العوائق، يظل الوضع في لبنان معلقًا على خيط رفيع من الأمل. الساعات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان لبنان سيتمكن من الخروج من دوامة العنف أم سيغرق في مرحلة جديدة من التصعيد. ولكن، يبقى الحل النهائي مرهونًا بإرادة سياسية حقيقية، وتضافر الجهود المحلية والدولية لتحقيق سلام مستدام.

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version