تردد حكومي في التجاوب مع خطة “الخارجية” لإغلاق بعثات دبلوماسية
أثار إدراج اقتراح وزارة الخارجية اللبنانية إغلاق ست بعثات دبلوماسية على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، استياء عدد كبير من المغتربين وقوى سياسية عدّت أن إجراءً كهذا، ورغم أسبابه المرتبطة بالأوضاع المالية الصعبة، يهدد علاقات لبنان الدولية، كما يشكل صفعة لأعداد كبيرة من المغتربين اللبنانيين.
وارتأى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأجيل بت هذا البند خلال الجلسة الحكومية الأخيرة التي عُقدت الأسبوع الماضي، في ظل عدم حماسة العدد الأكبر من الوزراء لإجراء مماثل، وتم الطلب من وزير الخارجية عرض جدوى خطوة مماثلة.
ويلحظ اقتراح الخارجية إقفال خمس بعثات في أميركا اللاتينية، وهي سفارات لبنان في تشيلي والأوروغواي والإكوادور والباراغواي، والقنصلية اللبنانية في ريو دي جانيرو البرازيلية، إضافة إلى السفارة اللبنانية في ماليزيا.
فجوة مالية
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن «الخارجية» تعاني من «فجوة مالية تتراوح ما بين 30 و35 مليون دولار، وهي، وبعد إجراءات تقشف كثيرة قامت بها في السنوات الماضية لجهة خفض عدد الموظفين ورواتب الدبلوماسيين والمصاريف التشغيلية، عدّت أن إقفال البعثات الست يؤدي للحفاظ على باقي البعثات»، لافتة إلى أنه «تم خفض موازنة الخارجية من 95 إلى 70 مليون دولار في الأعوام الـ3 الماضية».
وشدّدت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «الهدف ليس إقفال البعثات، إنما محاولة سد الفجوة المالية، وبنهاية المطاف القرار النهائي في هذا المجال للحكومة».
وأوضحت المصادر أنه «تم الاعتماد على أكثر من معيار لاختيار هذه البعثات دون سواها، وأبرز هذه المعايير عدد اللبنانيين في الدول السابق ذكرها، وحجم التبادل التجاري، ووجود سفارات في دول مجاورة قادرة أن تغطي أعمال السفارة التي سوف تقفل، إضافة للعجز لدى البعثة».
ولم تطلع لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية بعد على حيثيات اقتراح وزارة الخارجية، ويفترض، بحسب رئيسها النائب فادي علامة، أن تجتمع بالوزير عبد الله بو حبيب قريباً للحصول على إيضاحات. ويشدد علامة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «أي قرار يتخذ، وبخاصة في هذا المجال يجب أن يكون معتمداً على أسس علمية، وبالتالي، أن تكون له جدوى اقتصادية، ولا يضر بالاغتراب، ويحقق وفراً يمكن الاستفادة منه لتفعيل حضور لبنان الدولي في بلدان أخرى حيث عدد المغتربين أكبر، وعندها يصبح الاقتراح مفهوماً».
اعتراضات
واستهجن رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، اقتراح إقفال السفارات، وعد أن «مجرد تفكير حكومة تصريف الأعمال، الناقصة الشرعية والفاقدة الميثاقية، بإقفال السفارات هو خنق للبنان وإجرام بحق ملايين اللبنانيين المنتشرين في هذه البلدان»، مشدداً على أن «من لا يدرك قيمة الانتشار اللبناني لا يفهم معنى لبنان».
كذلك، شنت الهيئة الاغترابية في حزب «الكتائب اللبنانية» حملة عنيفة على اقتراح «الخارجية» ووصفته بـ«الخطوة المرتجلة التي من شأنها أن تقطع الخيط الرفيع الذي يربط اللبنانيين في الخارج بوطنهم الأم، في وقت يحتاج إليهم وطنهم أكثر من أي وقت مضى».
وأشارت الهيئة إلى أن «آلاف المغتربين عبّروا لديها عن رفضهم المطلق لهذه الخطوة»، وطالبت وزير الخارجية بـ«مراجعة لوائحه وتنقيتها من الموظفين الذين حشروا في البعثات الخارجية من ضمن سياسة المحسوبية التي كانت سائدة، وعندها سيحقق وفراً أكبر من المبلغ الذي يدعي أنه سيوفره بإغلاق السفارات والقنصلية التي يقترح وقف العمل فيها، ويحافظ على الروابط التي تجمع اللبنانيين في الداخل بأبناء وطنهم في الخارج».
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية أعدت مشروعاً في عام 2022 لإغلاق 17 بعثة بمسعى لتحقيق وفر بنحو 15.5 مليون دولار خلال خمس سنوات.
وطلبت الوزارة من السفارات البحث عن مانحين للمساعدة في تغطية نفقات تشغيلها، وذلك من خلال السعي للحصول على تبرعات بشكل أساسي من المغتربين اللبنانيين. ويبلغ عدد البعثات الدبلوماسية اللبنانية 89 بعثة موزعة بين 74 سفارة و15 قنصلية، فيما كان يصل مجموع رواتب الدبلوماسيين سنويا إلى 30 مليون دولار.
ويرزح لبنان منذ عام 2019 تحت ما وصفه البنك الدولي بأنه واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية منذ منتصف القرن التاسع عشر، ما دفعه لاعتماد إجراءات تقشفية على كل الصعد، وبخاصة مع شح احتياطي العملات الأجنبية في مصرف لبنان وانهيار الليرة اللبنانية.
المصدر – الشرق الأوسط