السنيورة: أمان لبنان بوحدته وليس بـ”الحزب”
كتب أحمد زكريا في “الراي الكويتية”:
رأى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، أن «حزب الله ليس شبكة الأمان للبنان، بل وحدة اللبنانيين هي شبكة الأمان، وليس لأحد أن يخطف الدولة ويقوم بأعمال ويتحمل كل اللبنانيين كلفتها»، أكد أن «أي بلد لا يستطيع أن يستمر ويشعر أهله بالأمان، إذا لم تكن هناك دولة ترعاه، والذي يؤدي إلى الأمان أن تكون هناك دولة مسؤولة، وليس أحد يفعل الشيء وغيره يتحمل المسؤولية».
وذكر السنيورة، في لقاء مع عدد من الصحف الكويتية، على هامش مشاركته في المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام الذي أقامته مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين في القاهرة الأسبوع الماضي، أنه «عندما حدثت حرب 2006 كانت الحكومة اللبنانية آخر من يعلم، ولم تكن على علم بما قام به حزب الله كما أننا لا نتبنى ما قام به حزب الله، ووقفنا ضد إسرائيل وعانينا الأمرين، وكانت مفاوضات شاقة ودامية، ولكن استطعنا أن نحقق القرار 1701، وهذا القرار لم تحترمه إسرائيل، وحزب الله لم يحترمه».
وعن الصراع الدائر بين حزب الله وإسرائيل، شدد على أن «الأكثرية من اللبنانيين ضد أن ينجر لبنان لهذه المعركة العسكرية، والسبب في ذلك أن لبنان تعرض على مدار السنوات الخمسين إلى 6 اجتياحات إسرائيلية استنزفت لبنان»، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا لا يعني أن لبنان لا يؤيد القضية الفلسطينية، فيعرف القاصي والداني أن لبنان يدعمها ودفع الكثير ولا منة بذلك، وهو مؤمن بهذه القضية وعدالتها، لكنه لا يستطيع أن ينخرط في المعركة العسكرية، لذلك فإن الشعب اللبناني وأيضاً الحكومة اللبنانية لا تريد، بينما على صعيد آخر تقول إيران ويقول حزب الله بأنهما لا يريدان توسيع نطاق المعركة، ولكن من جهة أخرى، فإن في إسرائيل هناك من أصحاب الرؤوس الحامية، من السياسيين والعسكريين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي يريدون توسيع نطاق العملية العسكرية، ويريدون جر لبنان واستفزاز حزب الله لينخرط في المعركة العسكرية.
ولفت إلى أن «لبنان يمر بأزمة اقتصادية فظيعة، لا يستطيع أن يتحمل أي أعباء بهذا الشأن، زيادة عما يمر به، وأيضا يمر بأزمة خطيرة تتعلق بوجود ما يعادل 40 في المئة من سكان لبنان من اللاجئين السوريين».
وعن التباين في ردات الفعل في شأن المقال الذي نشره أخيراً في واشنطن بوست، بعنوان «يد العرب ممدودة إلى إسرائيل… فهل ترد بالمثل؟»، قال السنيورة «هناك من قرأه وأعجب به، وهناك من لم يعرف أن يقرأه، وبالتالي لم يعجب به، فنحن لم نمد يدنا بالسلام دون أن نحددها على أي أسس، فهي على أسس المبادرة العربية للسلام، بينما الآخرون يريدون بنا الانجرار إلى ما تقوم به إسرائيل».
وبشأن مبرراته في اعتباره أن عودة سعد الحريري ضرورة، قال «على أساس أنه شخص ابن لشهيد، وأنه عندما تولى المسؤولية استطاع أن يحقق انتخابات ويكسب فوز 33 نائباً، وهي أعلى مرة يكون بها أكثرية 33 نائباً، وبالتالي هو أخذ قرار تعليق ممارسته بالعمل السياسي، فكنت ضد هذا الأمر، كما كنت ضد مواقف واجتهادات له، عندما قرر القبول بالتسوية مع ميشال عون، فكنت أعتقد، والأيام أثبتت صحة ما أقول، بأن أيام ميشال عون لم تأت إلا بالمصائب، ولم أقرأ بالكف، فقد تبيّن من اليوم الأول منذ سنة 1989 بأنه كان ضد اتفاق الطائف، وبقى على هذه الاجتهادات، مع أنه حلف اليمين عندما أصبح رئيساً للجمهورية الالتزام بالدستور والدفاع عنه، لكن لم نشاهد خلال ممارسته، إلا كل انتهاكات مستمرة للدستور… كما كنت ضد سعد الحريري في قرار، ما يسمى قانون الانتخاب، الذي تم إقراره، وكانت نتيجته وبالا على لبنان، لأنه أدى إلى تعميق الخلافات، وسعد الحريري إذا أراد أن يعود، فبالتالي عليه، أن يستفيد من كل هذه التجارب ويبني على الخلاصات منها».
وبشأن الأوضاع الداخلية وانتخابات الرئاسة، في ضوء تحركات اللجنة الخماسية العربية الدولية، أكد السنيورة أن «وجود هذه اللجنة الخماسية مهم لكنها ليست صاحبة القرار في تحديد من ينتخب، فهذا قرار لبناني»، مضيفاً أن «النظام الديموقراطي قائم على الأكثرية والأقلية، والأقلية وظيفتها الوقوف ضد الأكثرية عندما تكون مهمشة، ولكن لا تصل إلى حد منع القرار، وإلا يكون تعطيلا للدولة، وهو الأسلوب الذي لجأنا له في لبنان، والناتج عن سوء فهم النظام الديموقراطي، وهو الثلث المعطل، والثلث المعطل يعني معطل، هذا الأمر يجب أن يتوقف ويعود القرار، عبر فتح المجلس وتطبيق الدستور». واعتبر أن «هناك أحداً يحاول منع الانتخابات على أساس (تعالوا نتحاور)، نعم يجب أن يكون هناك حوار ولا يوجد شيء أسمى من الحوار في البلدان المتنوعة، ولكن الحوار يكتسب صدقيته وفعاليته بتطبيق ما تم الاتفاق عليه».
وحول منصب رئيس الجمهورية ومن المستفيد من عدم شغله إلى الآن، أجاب السنيورة أن «المستفيد الذي لا يريد الخير للبنان، ومن يحارب من أجل استنفاد كل لبناني»، مردفاً «حتماً إسرائيل لا تريد الخير للبنان وإيران تستخدم لبنان من أجل مصالحها، ولم تقتصر على لبنان، فأتت على لبنان وسورية والعراق واليمن، فلم تدخل إيران بلداً إلا وخربته، فقد خربت وزادت حدة التشنجات الطائفية في تلك الدول، وبالتالي لبنان لم ينتخب رئيس جمهورية، لأن حزب الله يقول، ومن ورائه إيران، إما أن تنتخبوا من بدي إياه ( الذي أريده) أو ما فيه انتخابات. هذا باختصار».
واعتبر أن «ما يجرى الآن في شأن رئيس الجمهورية نتيجة سوء فهم البعض، ممن يحاول تخريب عقول اللبنانيين، بأنهم يصورون أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون الأكثر تمثيلاً في طائفته، والحقيقة أن الدستور اللبناني يقول بصريح العبارة (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن) وليس رمزاً لفرقته ورئيسا لكل اللبنانيين، وهو الذي يجمع اللبنانيين، وبالتالي معه سلاح نووي اسمه الدفاع عن الدستور».
عن حل الدولتين، أجاب السنيورة قائلاً «لطالما أنادي بهذا الحل وأشدد عليه، وعلينا أن نحمل هذه القضية وندافع عنها لمصلحة الفلسطينيين والعدالة، فما يجري عملية إبادة جماعية لا يجوز أن تستمر والطريق الوحيد يكمن في حل الدولتين»، موضحاً «نريد الدولة الفلسطينية السيدة الحرة للفلسطينيين، حقهم أن يكون لديهم وطن وعندهم دولة، ويجب أن نتمسك به ونعمل له ونستفيد من هذه الأجواء المؤيدة لموضوع إنشاء دولة فلسطينية، وأن نبني عليها ولا نتقاعس أو نستحي، فهذه القضية مؤمنون بها ويجب أن ندافع عنها».
علق السنيورة على لقائه مع شيخ الأزهر أحمد الطيب على هامش المنتدى، قائلاً «اللقاء جيد كالعادة، وشيخ الأزهر رجل نلجأ إليه للاستفادة والاستزادة من إيمانه وحكمته وتبصره ودوره وموقعه، ونقدر العلاقة التي تربطنا بالأزهر الشريف والدور الوطني الذي يلعبه على صعيد المسلمين ككل والعلاقات الإسلامية – المسيحية، وهذا الدور هو مع وحدة المسلمين والقفز فوق الخلافات الجانبية، ونحن أمة تؤمن بالسلام، ونستخدم كلمة (السلام عليكم)».
حول العلاقات الخليجية – اللبنانية وتعرضها للاختبارات الصعبة والتحديات في بعض الأوقات، قال السنيورة «العلاقات بين لبنان وأشقائه بالخليج، يجب دائماً الحرص عليها وتنميتها وتعزيزها، فلطالما وقف لبنان مع أشقائه في أيام المِحن، وكثر من أبناء دول الخليج ولدوا بلبنان وتعلموا بلبنان واستشفوا بلبنان، واليوم أخوهم لبنان يتعرّض لتحديات كبرى، والشقيق وقت الضيق، ونحن دائماً حريصون على هذه العلاقة الأخوية والصادقة والحريصة، ونأمل بأن يبقوا إلى جانبنا، وكلنا ثقة بأنهم لا يريدون من لبنان إلا دعمه».