ندوة في الجامعة الأميركية بعنوان “أي تاريخ وهويات لمئوية لبنان الثانية”؟

استُكملت في الجامعة الأميركية في بيروت، الندوة الثالثة من مسار الثقافة، تحت عنوان “أي تاريخ وهويات لمئوية لبنان الثانية؟”، ضمن فعاليات مشروع “لبنان في قرنه الثاني: رؤية مستقبلية”، بحضور عدد من المختصين بالشأن الثقافي والإعلاميين.

مقلد

تضمّنت الندوة ثلاث جلسات بإدارة الصحافية ديانا مقلّد، التي افتتحتها بالقول: “في ظل استقطاب سياسي وثقافي حاد يكاد يكون الأصعب في تاريخ لبنان، تلح أسئلة الهوية والثقافة والحرية أكثر من أي وقت مضى. فبعد أن كان لبنان علامة في المنطقة لجهة التنوع والنتاج الأدبي والفكري والثقافي، يعيش البلد راهناً مخاطر جمّة تتعلق بفضاء الحرية وحدودها”.

أضافت: “فمع سطوة السلاح واستباحة الحدود واستدراج لبنان لمواجهات لا طاقة له به، عادت أسئلة الهوية بوصفها نقطة انطلاق لأي نقاش مستقبلي”، سائلة: “كيف نواجه الغزو اللاثقافي ونحصن الحريات ونحدّ من دور الطوائف وتغولها عبر مؤسسات دينية وحزبية كرقباء على ما هو مباح وما هو مرذول. على من تقع مسؤولية حماية الثقافة وأركانها وأهل الأدب والفن والفكر والحرية في لبنان؟ ما هو تأثير التنوع الثقافي على الهوية اللبنانية وكيف بات هذا مهدداً مع تصاعد التوقيفات والرقابة والمنع باسم الطوائف؟ من يضمن الأمن المعنوي والأدبي للمبدعين والفنانين على اختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والجندرية؟”.

البزري

الكاتبة والباحثة اللبنانية دلال البزري، تحدّثت في الجلسة الأولى، تحت عنوان “هويتي المقطّرة المتناثرة”، حيث اعتبرت أنّ “اللبنانيين لا يستطيعون النزول إلى تظاهرة وطنية. والفلسطينيون متفوقون عليهم. قبل الحرب على غزة، ينظمون تظاهرات سنوية، في شهر أيار، ذكرى وعد بلفور. تحضر إليها روافد من كل حدب وصوب. ومع حرب غزة، صارت الدعوة الفلسطينية فرصة لتلاقي الفلسفات والتيارات والانتماءات العربية والعالمية المختلفة”.

وقالت: “مهما هجينا النوستالجيا، مهما سخفناها، مهما رميناها بالصفات “اللاعقلانية”، بـ”رجعيته”، وبأنها تعيق التكيف، التقدم، الجديد، فهي حالة قائمة، عفوية. المكابرة لا تنفع معها، ولا النكران. وكما يقول غالبية من كتب شعرًا بها، إنها ممتعة ومؤلمة. لا أعرف إن كانت واعية ببحثها عن نفسها، تتقصدَها النفس طلبا لتلك المتعة المؤلمة، أم أنها قادمة من الأعماق، أم الاثنين معاً، الوعي واللاوعي.”

حايك

في الجلسة الثانية تحدث الباحث والأستاذ في التاريخ شارل حايك، تحت عنوان “هويات حائرة أم تاريخ يحرر؟” فأشار إلى أنّ “لبنان يشهد في الآونة الأخيرة تفاقم خطاب الهُويات بطريقة مرعبة، إنه وطن شريد وشعب تائه يبحث في الماضي عن الدور الذي يبرر وجوده ويحدد حاضره ومستقبله. كما ويشهد عودة عنيفة للهويات الضيقة الصغيرة، على الساحة السياسية والثقافية وغياب سياسات بناء المواطنة والدولة التي تقتضي قدرا من التحرر والانعتاق من العصبيات القديمة.”

وختم: “هل سنبذل الجهد لإعادة تفعيل الصيغة؟ أم نحاول بناء لبنان آخر تكون فيه الهوية المرتكزة على بناء الدولة والمواطنة والثقافة الحريات هي الجوهر؟ وهل سنقبل التنوع الهوياتي والثقافي، ونبني “البيت بمنازل كثيرة” ام نهدم ما تبقى من هذا البيت باسم الهويات الحائرة المتصارعة؟ وهل من خلال تعزيز فهم أكثر تعقيداً للتاريخ، يمكننا تقريب الفجوات التي خلقتها سياسات الهوية وفتح الطريق لمستقبل أكثر سلامًا وازدهارًا؟ وهل لا يزال هناك وقت للإجابة على هذه الاسئلة؟”

صاغية

وفي الجلسة الثالثة، كانت كلمة للكاتب والمعلق السياسي حازم صاغية، تحت عنوان “كيف دخلت في لبنان وكيف خرج منّي؟” فرأى أننا “اليوم بتنا حزبيّتين، حزبيّة المقاتل وحزبيّة القتيل، والاثنتان ننقسمان حول كلّ شيء تقريباً. أمّا المقاتل فيفرض، للمرّة الأولى في تاريخ البلد بهذه القوّة والإصرار، إيديولوجيا رسميّة توجّه لنا كلّ يوم أمراً: كونوا كذا وافعلوا كذا، وإلاّ كنتم خونة متآمرين، وأمّا القتيل فليس قتلُه مادّيّاً بالضرورة، إذ هو يُقتل بإفقاده الحرّيّة وحرمانه من تقرير مصيره. وهذا مع العلم بأنّ كثيرين قُتلوا مادّيّاً أيضاً حين لم يعبأوا بتلك الأوامر وأصرّوا على البقاء أحراراً”.

وختم: “ولبنان القديم والحرّ لم يكن فردوساً بطبيعة الحال، لكنّه بالتأكيد لم يكن جحيماً. وكانت المسافة الهائلة التي تفصله عن الفردوس أقصر كثيراً من المسافة التي تفصله عن الجحيم. والأهمّ أنّه كان بلداً للفرص المفتوحة ولو بشيء من التفاوت الذي أحدثَ التاريخُ بعضه وأحدثت العصبيّات بعضه الآخر. أمّا اليوم، فهناك شكّ عميق ومُبرّر في أن يكون لهذا البلد قرن ثان”.

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version