ندوة في جامعة القديس يوسف عن “فكر الاعتدال وبناء الدولة” الراعي: اعتماد الحياد ليس ضعفا بل وقفة ضمير تجاه الوطن
ندوة في جامعة القديس يوسف عن “فكر الاعتدال وبناء الدولة”
الراعي: اعتماد الحياد ليس ضعفا بل وقفة ضمير تجاه الوطن
أقام المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام” ندوة بيروت الدولية 2024 – فكر الاعتدال وبناء الدولة”، في جامعة القديس يوسف – بيروت – حرم العلوم الانسانية – طريق الشام – قاعة بيار ابو خاطر للمؤتمرات. شارك في الندوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الوزير السابق رمزي جريج، رئيس جامعة القديس يوسف البروفسور سليم دكاش، الدكتور غالب محمصاني، رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والاعلام الدكتور العميد علي عواد.
حضر الندوة وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور جورج كلاس ممثلا رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الرئيس ميشال سليمان، الشيخ فايز سيف ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الشيخ غاندي مكارم ممثل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز، وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري ممثلا رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، النائب السابق الدكتور محمد الحجار ممثلا الرئيس سعد الحريري، المستشار هاني خضر ممثلا السفير المصري، المستشار فارس عمودي ممثلا السفير السعودي، النواب مروان حماده، اللواء أشرف ريفي، النائب ميشال موسى، مارون مارون ممثلا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، نائبة رئيس “التيار الوطني الحر” مارتين كتيلي ممثلة النائب جبرن باسيل، العميد الركن أحمد سعاده ممثلا قائد الجيش العماد جوزف عون قائد الجيش، العميد بشارة أبو حمد ممثل اللواء الياس البيسري المدير العام للأمن العام، الوزراء السابقون ناجي البستاني، اللواء عصام أبو جمرة، اللواء عباس إبراهيم، المتقدم في الكهنة نكتاريوس خير الله ممثلا مطران بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس إلياس عوده، حاتم نصوح ممثل النائب إيهاب مطر، السفير بسام نعماني ممثلا النائب فؤاد مخزومي، المدير العام للقصر الجمهوري الدكتور أنطوان شقير، رئيس مجلس الشورى القاضي فادي إلياس، رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران، المستشار الاعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا، رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق الدكتور غالب غانم، رئيس كاريتاس الأب ميشال عبود، سابين سيورتينو ممثلة السفارة الفرنسية، ساره يمين ممثلة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، الدكتورة كفاح الوادي ممثلة السفارة العراقية، نقيب المحامين فادي المصري، نقيب محرري الصحافة جوزيف القصيفي، نقيب المهندسين عارف ياسين، رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم، رئيسة تحرير الوكالة الوطنية للاعلام رنا شهاب الدين، السيد هاني عبدالله ممثلا السيد علي محمد حسين فضل الله، مفتي بلاد جبيل الشيخ غسان اللقيس، رئيس رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية اللواء نقولا مزهر وضباط من أعضاء الرابطة، رئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام، نائب رئيس جامعة NDU الدكتور سهيل مطر، المؤرخ الدكتور عصام خليفة، ضباط من الجيش والقوى الأمنية، أعضاء من أندية الليونز وعدد من الشخصيات السياسية والثقافية والعسكرية والاجتماعية.
استهلت الندوة بالنشيد الوطني، وكلمة ترحيبية لمقدمة الندوة نور فياض. ثم ألقى رئيس جامعة القدّيس يوسف في بيروت كلمة قال فيها: “باسم جامعة القدّيس يوسف في بيروت، يُشرّفني أن أرحبَ بكم اليوم، حيث نجتمعُ لاستكشاف موضوع نراه على جانب كبير من الأهمية ألا وهو: “فكر الاعتدال وبناء الدولة”.
في هذا العصر المتسارع الوتيرة والأحداث الدامية، وفي لحظة تاريخية ندرك فيها أننا أشبه بمن يجلس فوق بركان من العنف لا نعرف متى ينفجّر ويطيح بكلّ ما عرفناه سابقًا، ووسط تناقضات وتحدّيات عالمية وإقليميّة لا تأخذ في الحسبان تطلعاتنا المحليّة بأخذ موضوع الاعتدال وبناء الدولة بُعدًا أساسيًّا في الفكر السياسي اللبناني، إذ إنّ لبنان، من دون أن يُماري في القضايا المصيريّة مثل قضيّة فلسطين، يجد الاعتدال السياسي عنصرًا مكوّنًا من هويّته ووجوده عليه التمسّك به لئلاّ يخسر نفسه. وهنا يبرز دور جامعتنا ومؤسّسة التعليم العالي كحاضنة للفكر الراشد والحوار البنّاء وللتنوّع والاعتدال، كما تبرز أهمية الدولة المبنية على أسس العدل والعدل أساس الملك، ولا عدل وعدالة من دون قضاء له مقوّماته الثابتة في الحكم الصادق، وهذا ما نؤمن به ونعمل من أجله”.
أضاف: “لطالما كانت جامعة القدّيس يوسف في بيروت ملتزمةً كما ورد في المادة السادسة من شرعتها، التي تنصّ على الاستقلال الطائفيّ والسياسيّ، والتي تؤكّد على حرّية الانفتاح والرأي. في هذا الإطار، نحن نرفض أن نكون في خدمة طبقة اجتماعية أو جماعة إتنيّة بصورة حصرية، ونولي اهتمامًا خاصًا للتنوعّ في اختيار أساتذتنا وطلاّبنا وسياستنا الاجتماعيّة تساعد جميع الطلاب في متابعتهم لدروسهم، وهذا ما يعكس العدل في التعاطي والاعتدال في الفكر.
وهنا لا بدّ من التأكيد على أننا نرفض الارتهان لإيديولوجية معينة، بل نحافظ على حرّية الحوار والتعبير في أروقة جامعتنا، شريطة ألاّ تمسّ هذه الحرّيات بالانتظام العام والنشاطات التعليميّة، ونحن بحكم انتمائنا المتجذّر إلى مجتمعنا، نعمل لنكون خميرته، ونسهم في تشكيل مستقبله كما أسهمنا في ولادته.
اليوم ومن خلال ندوة “فكر الاعتدال وبناء الدولة”، سنستكشف معًا السبل ليكون فكر الاعتدال أساسًا لبناء دولة متوازنة وعادلة، وكلّنا قناعة أن التعليم والحوار يعزّزان الفهم المتبادل وقبول الآخر وبالتالي تحقيق العدل وصولاً إلى الاعتدال”.
محمصاني
ثم ألقى الدكتور محمصاني كلمة قال فيها: “في هذه العجالة سوف نركز على لبنان بلدنا ووطننا، اذ لا يتسع المجال مع الاسف للكلام عن الدولة او الدول بصورة عامة وشاملة.
إن لبنان في الوقت الحاضر هو أحوج ما يكون الى مبادىء وأسس ترعى بناءه، اذ نحن مع الاسف في هذا اليوم لا يمكننا ان نقول ان هناك دولة في لبنان. فلبنان حالياً بلا دولة ولا ادارة ومؤسساته السياسية جميعاً مجمدة ومهترئة وغير عاملة وتحتاج الى اعادة بناء وتجديد.
ان الدول اجمالاً، ولبنان بصورة خاصة، هو ذات طبيعة تعددية في مكوناته وطوائفه، وهذه الطبيعة تستوجب احترام القيم الديمقراطية المبنية على الحق في الاختلاف ضمن اطار التنوع والتعدد. وهذا يستتبع القول ان جميع فئات الشعب اللبناني المشاركين في الحوار الذي هو اساس ارساء بناء الدولة يجب ان يكون رائدهم في المشاركة تأكيد فكر الاعتدال في مؤسسات الدولة وفي ارساء انظمتها وقواعدها، كما في تطبيق هذه الانظمة والقواعد.
ومفهوم الاعتدال هذا يعني اشياء عديدة، ولاسيما الامور التالية:
1-التوصل الى قناعات مشتركة بين جميع فئات الشعب اللبناني حول كيفية بناء الدولة وتحديد اسسها.
2- عدم محاولة ابعاد او اقصاء اية فئة من فئات الشعب اللبناني عن المشاركة وعن المسؤولية لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة. ولهذا يجب ان تكون القواعد التي تحكم الدولة مبنية على الاعتدال بحيث تشارك في صياغتها وفي تطبيقها جميع مكونات الشعب اللبناني دون استبعاد اية فئة كانت ودون ان تؤدي القواعد المعتمدة الى استبعاد اي منها ولو بصورة غير مباشرة.
3-نبذ التعصب والتطرف واستبعاد اللجوء الى العنف، المادي او المعنوي، من اجل فرض فكر معين ومحاولة بناء الدولة على اساس هذا الفكر، دون الاخذ بعين الاعتبار افكار وآراء المكونات الاخرى من الشعب اللبناني.
4-استبعاد الفكر الالغائي لاي فئة من فئات الشعب والعمل سوياً على وضع اسس شراكة لبناء الدولة بحيث تتأمن مشاركة الجميع في وضع هذه الاسس وتطبيقها بعيداً عن اي فرض بالقوة او تهديد بها، او اي لجوء مباشر او غير مباشر الى العنف من اجل فرض مثل هذه الاسس.
5-الوصول الى تأمين مشاركة جميع المكونات التعددية في بناء الدولة ضمن اطار من الحوار والتفاهم والحرص على تمثيل واحترام جميع الآراء والافكار وتـأمين التوافق فيما بينها”.
إن الاعتدال في المواقف والافكار وفي التصرف هو الذي يؤمن احترام المبادىء المبينة اعلاه كما يؤمن اظهار مزايا العيش المشترك والاحترام المتبادل وتطبيق القيم الانسانية، ويسمح بمنح جميع الناس، مهما اختلفوا، حقهم في الحياة الانسانية الكريمة وفي رفض الظلم والقهر وتأمين التعايش الكريم بين الاديان والثقافات والحضارات.
6- ان الاعتدال يفترض المساواة بين جميع فئات وافراد الشعب في الحقوق والموجبات ويفترض بالاخص عدم تميز اية فئة من فئات الشعب عن الآخرين في اي حق او موجب كحق حمل السلاح مثلاً الذي يجب ان يبقى محصوراً بقوى الامن العائدة للدولة دون ان يكون لاي فريق من افرقاء الشعب الحق بحمل السلاح او باي قوة اخرى دون سائر الفرقاء.
7-ان الاعتدال يفترض تنظيماً للاعلام بضبط حرية التعبير المعقولة ويمنع الاعلام المحرض على العنف والكراهية”.
وتابع: “ان تأمين الاعتدال يفترض الاعتراف بوجود تعدد الآراء والمفاهيم في تسيير امور الدولة بين مختلف مكونات الشعب كما يفترض أخذ كل هذه الآراء والمفاهيم في الاعتبار واعطائها ما تستحقه من مكانة في بنيان وادارة الدولة لكي يشعر الجميع بانه جزء من هذه الدولة وبان هذه الدولة هي دولته كما هي دولة سائر اخوانه في الوطن. وبالتالي، إن تطبيق الاعتدال يفترض ممارسة تشعر الجميع بأنه معني بالدولة وبأمورها، وبأنه غير مستبعد او مستثنى او معاقب، ولذلك يجب تلافي الاجراءات التي من شأنها ان تؤدي الى استبعاد اي فريق من الدولة وادارتها او حتى الى شعور من قبل اي فريق بوجود قرار او رغبة في استبعاده.
ولذلك، يجب ان يتم، في بناء الدولة وادارتها، تلافي اي مظهر استبدادي او عنفي او انتقامي ضد اي فريق او حتى في المطلق بممارسة السلطة، كي لا يشعر اي فريق، أخطأ او صواباً، بوجود انعدام في المساواة في التعامل معه او مع غيره من فئات الشعب”.
عواد
أما عواد فتناول “خمسة محاور واقعية – نعيشها جميعا – من ” فكر الاعتدال وبناء الدولة”. وقال: “المحاور هي بالتسلسل التاريخي:
المحور الأول : اعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الانساني 2015 : هو أول اعلان علمي دولي شامل أطلقناه بعد مؤتمر جامعة جنيف – سويسرا في 24-5 أكتوبر 2015، نداء عالمي يدعو الدول والمجتمعات البشرية الى اعتماد فكر الاعتدال من أجل السلام وبناء الدولة.
كي نمتلك فكر الاعتدال علينا أن نمتلك ثقافة الحوار. فالاعتدال ليس صفة رمادية دون لون او رائحة كما يقول البعض عن سوء نية ، بل هو أن يبقى الانسان عادلا باستقامة وشجاعة، لا ينحني لا يخنع لا يساوم، بل مرفوع الرأس معتدله، يقول كلمة الحق بوجه الباطل والعدالة بوجه الظلم والنور بوجه الظلام.
المحور الثاني: انتفاضة العدالة 2019
هناك علاقة وثيقة بين “فكر العدالة” و”فكر الاعتدال” من أجل بناء الدولة، سيتحدث معالي الأستاذ رمزي جريج – نقيب المحامين سابقا – حول هذا المفهوم الهام، ولكن سأقول باختصار شديد: أمران كانا على شفير انقاذ لبنان:
1- وضع رؤية استراتيجية واحدة وقرار موحّد ل “انتفاضة العدالة 2019” والتقيد بمدونة السلوك الوطني.
2- حوار وطني بين مفهوم الانتفاضة والحكام في حينه من أجل الوصول الى مساحة الاعتدال.
ولكن ساهم الطرفان في اجهاض “فكر الاعتدال” هذا، اجهاض أهم فرصة تاريخية لبناء دولة في لبنان، الطرف الأول عندما صنع نصف انتفاضة فصنع نصف قبر لها (عن قصد أو قصور أو قلة خبرة أو ترف ساسي أو ورم اعلامي؟! لا فرق، فنحن أمام توصيف بحثي علمي للواقع)، الطرف الثاني عندما استهدف الانتفاضة بالاختراقات والدسائس والظلم والعنف المبرمج والشغب المنظم.
المحور الثالث: مؤتمر جنيف الدولي 2021 حول “ميثاق الاعتدال” و”استراتيجية الأمن القومي اللبناني”:
هناك فهم عام خاطئ لمفهوم الاستراتيجية الوطنية الدفاعية، يردده البعض بترف سياسي منذ العام 2006 وما قبله. ان هذه الاستراتيجية لا تنفصل اطلاقا عن استراتيجة الأمن القومي البناني: فالثانية هي الأم، هي المظلة الأكثر شمولا في بعديها الداخلي والخارجي وفي مقوماتها الخمسة:
مقومات سياسية : (نظام الحكم وفق الدستور)
مقومات اجتماعية : (اعتدال وطني وعدالة اجتماعية)
مقومات اقتصادية : (المصالح والثروات في خدمة تلك الاستراتيجية)
مقومات ثقافية – تربوية : (مواطنة، وحدة وطنية، ولاء، انتماء : هي عناصر في خدمة تلك الاستراتيجية)
مقومات عسكرية – أمنية : لتأمين الامكانات القادرة على ردع المهددات الداخلية والخارجية”.
أضاف: “في هذه المقومات – أيها الأحبة – تكمن الخلافات الكبرى بين المكونات السياسية اللبنانية. ماذا يقول “فكر الاعتدال” بصددها على خلفية علمية موضوعية مستقلة ؟
المحور الرابع : المبادرة الوطنية “ميثاق الاعتدال والانتخابات الرئاسية 2023”.
في الثالث من كانون الثاني 2023 أرسلنا الى كل النواب اللبنانيين مبادرة بعنوان “ميثاق الاعتدال والانتخابات الرئاسية”، رسمت هذه المبادرة مسار وطنيا واقعيا هادفا من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية من نسيج “فكر الإعتدال” قادر على اعادة بناء الدولة. كما أرسلنا المبادرة الى كل المرجعيات السياسية الحكومية والحزبية.
تقول هذه المبادرة ان “الحوار” و”فكر الاعتدال” هما عاملان اساسيان لبناء الدولة، وبأن التغيير في لبنان لن يتم دون بناء الرأي العام الوطني التغييري في 10 مجالات: المواطنة، سيادة الدولة، عروبة الوطن، ديمقراطية التمثيل، الخطاب السياسي المعتدل، احترام الحريات واستقلالية القضاء، مكافحة الفساد، العدالة الاجتماعية، مؤسسات الدولة هي مرجعية المواطن، دور الجيش والقوى الأمنية… أي بدء تنفيذ موضوعي لاتفاق الطائف لمواجهة الأمر الواقع الذي يفكك كيان الدولة.
المحور الخامس : واقع بناء الدولة
في نظرة بحثية علمية الى ما سبق ذكره نستنتج أن “فكر الاعتدال لبناء الدولة” لا تضعه قوة او سلطة او ثروة ، بل رؤية علمية استراتيجية تاخذ بعين الاعتبار واقع الشعب ومكوناته على اختلاف مناخاتها الاجتماعية والثقافية والدينية والتربوية.
وهنا يبرز سؤال هام: هل الأغلبية الساحقة من حكام لبنان تريد بناء دولة؟ جواب علمي بحثي موضوعي غير سياسي: لا! بل ما يريدونه هو انهيار ممنهج متعمد متدرج للدولة كي نصل الى فديراليات أمر واقع تحكم بحكم الأمر الواقع تسمح لهم بدوام السيطرة على ما تبقى”.
جريج
ثم ألقى الوزير السابق جريج كلمة قال فيها: “أفضلُ مدخلٍ إلى الموضوع، تحديدُ معنى الاعتدال في اللغة والاصطلاح. فاللفظة مصدر للفعل اعتدلَ، الذي من معانيه الاستقامة، وهي مشتقة من العدلِ نقيضِ الظلم. والاعتدال اصطلاحًا يعني الوقوف في الموقف الوسط وعدم الميلِ إلى أي اتجاه متطرف. فالشجاعة اعتدال لأنها تقع بين نقيضين هما الجبن والتهور، والكَرَمُ كذلك، لأنه وسط بين البخل والتبذير. وفي هذا المعنى يقول الماورديّ: “كلُّ شيءٍ جاوزَ الوسطَ انقلَبَ إلى ضدِّهِ، والعاقلُ ألزم نفسَه بموقفٍ وسطٍ في الأمور كافةً”. أما الشيخ مصطفى الغلاييني فيعتبر أن في الاعتدال السلامة، وأنه ما ضرَّ أمَّةً إلا تَرْكُ الاعتدال.
أما على الصعيد السياسي، فالاعتدال أسلوبُ ممارسةٍ للسلطة، ضروريٌّ في الدول ذات المجتمعات التعددية، المنقسمة قوميًّا أو لغويًّا أو طائفيًّا، والتي تعتمد الديمقراطية التوافقية نظامَ حكم؛ كما في لبنان، فإن نظامه السياسي الذي أُقِرَّ بعد الطائف، مبنيٌّ على مشاركة مختلف مكوِّنات المجتمع اللبناني في السلطة، وهو يلحظ آلية للحكم تتمثل فيها جميعُ الطوائف وتُتَّخَذُ بموجبها القرارات الهامة استناداً الى مبدأ التوافق والحلِّ الوسط”.
وتابع: “على ضوءِ هذه المقدمة نتناول في مداخلتنا، مقتضياتِ مبدأ الاعتدال وآثارَه على الواقع اللبناني، وذلك في ثلاثة محاور هي:
أولا: الاعتدال في ممارسة السلطات الدستورية وخصوصًا رئيس الجمهورية، ثانياً: الاعتدال في ممارسة السلطة القضائية، ثالثاً: الاعتدال في السياسة الخارجية.
أولاً: بالنسبة لممارسة السلطات الدستورية لصلاحياتها، نشير بادئ ذي بدء، إلى الدور الذي بات من المفترض على رئيس الجمهورية أن يلعبه بعد اتفاق الطائف والتعديلات التي أدخلها بموجب القانون الصادر في 21/9/1990.
فقد تبدل دور رئيس الجمهورية كليًّا، وتحوَّلَ من حاكم يتمتع بأوسع الصلاحيات ويستأثر بالسلطة إلى رئيس يقوم بدور “الحكم” بين القوى السياسية المختلفة، سهراً على احترام الدستور وتأميناً للمصلحة الوطنية العليا.
ذلك أن المادة 49 من الدستور تنص على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان وسلامة أراضيه ويرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء.
لقد أصبح رئيس الجمهورية، وفقًا لهذا النص، حكمًا بين جميع السلطات الدستورية، من المفترض فيه أن يكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية. فالموالاة هي للحكومة، والمعارضة أيضًا. وأما الرئيس فينبغي له أن يكون فوقهما وبمنأى عنهما. ولقد منحه الدستور أكثر من وسيلة لممارسة دوره كرأس للدولة خارج الموالاة والمعارضة. وهذا يفرض عليه أن يتحلى بفضيلة الاعتدال، الملازمة لدور الحكم. لأن الابتعاد عن فكر الاعتدال، كالمطالبة بحصة من الوزراء في تشكيل الحكومة والتطرف في تعاطيه مع القوى السياسية والتصرف كرئيس لحزب سياسي يبعده عن الدور الهام المناط به وفقًا للدستور ويؤدي الى الشلل في اتخاذ القرارات الضرورية التي تتطلبها ممارسة الحكم على وجه صحيح. من هنا يكون للاعتدال في ممارسة رئيس الجمهورية صلاحياته الدستورية تأثيرٌ كبيرٌ على التوازن الدقيق بين السلطات وتعاونها وبالتالي على بناء الدولة وتفعيل جميع مؤسساتها.
ثانياً: الاعتدال في ممارسة السلطة القضائية لدورها.
أن استقلال القضاء، الذي يتيح للقاضي تأدية رسالته بحرية وتجرد يفرض وجود سلطة قضائية مستقلة. ووجود هذه السلطة المستقلة يستند إلى المادة 20 من الدستور اللبناني، التي تنص على أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة وللمتقاضين الضمانات اللازمة.
وإذا كان كبار المسؤولين منذ أكثر من نصف قرن يؤيدون في خطاباتهم قيام سلطة قضائية مستقلة؛ إلا ان هذا التأييد لم يترجم بأي خطوة عملية باتجاه تحقيق الهدف؛ بل العكسُ هو الصحيح، إذ إن تدخل السياسيين في القضاء تزايد على مرّ الأيام، حتى وصلنا حاليًّا إلى حالة مأساوية لم نشهدها من قبل، تسودُها فوضى وتصرفاتٌ غيرُ مألوفة، جعلت من بعض القضاة أداة طيّعة في يدِ القوى السياسية.
وبالرغم من هذه الحالة، فإن قصور العدل لا تخلو من قضاة شرفاء يحرصون على تأدية رسالة القضاء باستقلال ونزاهة، وهؤلاء القضاة هم أملنا بأن العهد الذهبي الذي عرفه القضاء في لبنان لم يذهب إلى غير رجعة.
ثالثا وأخيرًا: الاعتدال والسياسة الخارجية التي اعتمدها لبنان
ان الاعتدال يفرض على السلطة، التي يجب ان تتحلى به ان تعتمد في سياسة لبنان الخارجية عدم الانحياز، خصوصاً في ظل الصراعات الاقليمية الحادة، التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وبدلاً من اعتماد هذه السياسة الحكيمة، اندفع لبنان خصوصاً بعد حرب 2006 نحو محور الممانعة اندفاعاً تسبب بعزله عن محيطه العربي وبأزمات كثيرة ومتلاحقة أدّت الى شلّ عمل السلطات الدستورية والى تعريض البلاد لخطر الحرب واعتداءات إسرائيل المتواصلة على حدوده الجنوبية.
وكان الرئيس ميشال سليمان قد ادرك مخاطر هذا الوضع على استقرار لبنان، فدعا الى طاولة حوار، حضرتها جميع القوى السياسية وصدر بنتيجتها بالاجماع في 11/6/2012 إعلان بعبدا، الذي نصّ بنده الثاني عشر على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات الاقليمية، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي”.
أضاف: “غير ان حزب الله تنكر سريعاً لهذا الاعلان واستمرّ في جرّه للبلاد نحو محور الممانعة، معرضاً لبنان لمخاطر جمة، باحتفاظه، بدلاً عن السلطة الشرعية، بقرار الحرب والسلم، وغير آبه بإرادة الشعب اللبناني، التي من المفترض ان يعبر عنها ممثلوه في مجلس النواب وفي الحكومة المنبثقة عنه. ولقد تجلّت هذه المخاطر بعد حرب غزة وما رافقها ويرافقها من تهديدات اسرائيلية بشنّ حرب تدميرية على لبنان.
فلو ان لبنان نأى بنفسه عن سياسة المحاور بعد حرب 2006 او على الأقل منذ اعلان بعبدا وطبّق القرارات الدولية ولا سيما القرار 1701 لكان قد تجنب كل المخاطر التي تَعَرّض ويتعرض لها حالياً.
غير ان الالتزام بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية المكرسة في اعلان بعبدا لا تكفي بحدّ ذاتها لتأمين نظام مستقر وثابت يجنب لبنان كل مخاطر اندفاعه نحو محور الممانعة.
فوحده اعتماد “نظام الحياد الناشط والفاعل”، الذي طرحه منذ فترة غبطة البطريرك بشاره الراعي وأيدته غالبية القوى السياسية في لبنان، كفيل بأن يؤمن بشكل دائم تجنيب لبنان مخاطر سياسة الانحياز نحو محور من المحاور الاقليمية”.
البطريرك الراعي
ثم كانت كلمة البطريرك الراعي وقال فيها: “ميثاق الإعتدال وحياد لبنان الإيجابي الناشط.
يسعدني أن أشارك في هذا المؤتمر الذي دعا إليه الدكتور العميد علي عوّاد رئيس المركز الدوليّ للدراسات الإستراتيجيّة والإعلام، والذي تستضيفه جامعة القدّيس يوسف الزاهرة مشكورة، مع التحيّة لرئيسها البروفسور الأب سليم دكّاش. فأشكر كلّ الذين تكلّموا قبلي ببلاغتهم العلميّة، وأحيّي الحضور الكريم.
أتناول في مداخلتي موضوع: “ميثاق الإعتدال وحياد لبنان الإيجابي الناشط”.
الرابط بينهما
الهدف من هذه الندوة تعزيز “فكرة الإعتدال من أجل بناء دولة ووطن في لبنان”. نقرأ في ميثاق الإعتدال أنّ اللبنانيّين المؤيّدين للإعتدال يجدون فيه السبيل لإنقاذ لبنان من محنه المصيريّة وأزماته، ويدعون لتوحيد الجهود من أجل تعزيز سيادة الدولة اللبنانيّة على كلّ أراضيها، ورفض أيّ تدخّل خارجيّ في الشؤون الداخليّة والخارجيّة مباشرة أو بالواسطة؛ ومن أجل قيام دولة القانون والمؤسّسات وإجراء الإصلاحات البنيويّة .
من أجل تحقيق هذا الهدف يشكّل الحياد الإيجابيّ الناشط عنصرًا أساسيًّا. فمن ناحية النظام السياسيّ، المجتمع اللبنانيّ قائم على التعدّديّة الدينيّة، التي تشكّل مصدر غنى حضاريّ وثقافيّ له، ولكنّها في الوقت نفسه تحمل وجهًا سلبيًّا هو التشرذم الداخليّ الذي زاد من خطورته قيام إسرائيل التي أعلنت عن نفسها دولةً دينيّة، وما رافق ذلك من مضاعفات الهجرة الفلسطينيّة إلى لبنان.
فلا بدّ والحالة هذه من أن يعتمد لبنان مبدأ الحياد وعدم الدخول في سياسة المحاور الإقليميّة والدوليّة، “فلا يُحارِب ولا يُحارَب”. فيلتزم الجميع بهذا المبدأ، وبروحيّة الميثاق الوطنيّ، وأسس الحياة المشتركة، ويعملوا على تطوير صيغة النظام السياسيّ من خلال تكريس وتثبيت أسس جمهوريّة مركزيّة مدنيّة حياديّة تضمن وحدة الوطن وسلامة أراضيه، وتكون نموذجًا ومثالًا يُحتذى به لرسالة حضاريّة في التلاقي والتفاعل بين مواطنيه المتعدّدي الأديان على الضفّة الشرقيّة للمتوسّط .
II. الحياد من جوهر الهويّة اللبنانيّة
ليس حياد لبنان فكرة جديدة أو مشروعًا مقترحًا، بل هو عودة إلى صميم جوهر الهويّة اللبنانيّة كما كانت عند نشأة لبنان سنة 1920. فنقول إنّ لبنان منذ توقيعه “اتفاق القاهرة” سنة 1969 وكلّ ما تبعه من حروب حتّى يومنا، أصيب في صميم هذه الهويّة، وهو بالتالي مريض. علاجه المفيد في العودة إلى الحياد وهو العلاج الأساسيّ لأمراض لبنان العديدة التي تحتاج لعلاجات مركّبة تنال من مختلف الجراثيم. لكنّ الجرثومة الأساسيّة المسبّبة لحروب لبنان هي الإنحياز العقائدي والنضاليّ والعسكريّ إلى الصراعات الخارجيّة.
لذا نقول: اعتماد الحياد اللبناني هو وقفة ضمير تجاه الوطن. فمن يحبّ وطنه لا يتركه مريضًا، لكون شفائه ممكنًا. إنّ الإحتكام إلى الأخلاق الوطنيّة، لا إلى السياسة، كفيل بإزالة تحفّظات اللبنانيّين كافّة بشأن الحياد.
ونقول: لا يستقيم الحياد في لبنان ما لم يتحصّن بأخلاقيّة تضامنيّة، تجيز للدولة اللبنانيّة والمواطنين مناصرة قضايا الحقّ والعدالة وحقوق الإنسان والشعوب في الشرق والعالم. وهكذا الحياد اللبنانيّ لا يقيم جدارًا بين لبنان ومحيطه العربيّ والعالم. فهو لا يعني الإستقالة من “الجامعة العربيّة” ومن “منظّمة المؤتمر الإسلاميّ” ومن “منظّمة الأمم المتّحدة”، بل يفعّل دوره فيها كلّها وفي غيرها، ويجعله شريكًا في إيجاد الحلول عوض أن يبقى ضحيّة الخلافات والصراعات. وبديهيّ أنّ اعتماد الحياد فيما يدافع عن القضيّة الفلسطينيّة سياسيًّا ودبلوماسيًّا، فهو يواصل التصدّي للتوطين الفلسطيني على أرض لبنان.
وفي كلّ الأحوال دولة لبنان المحايدة تمتنع عن الإشتراك في حروب خارجيّة، وعن توفير دعم ماليّ وسلاح للقوى المتحاربة، وعن الإشتراك في حصار إقتصاديّ في زمن السلم. لكن يحقّ لها الإحتكام إلى سلاحها دفاعًا عن شعبها وأراضيها، ومواصلة التبادل التجاريّ السلميّ مع دولة محاصرة، والمحافظة على حريّة صحافتها وتعزيز ديبلوماسيّتها.
خلافًا لـما يتوهّم البعض، الدولة الحياديّة ليست بالضرورة ضعيفة أو مستضعفة. ثمّ لا حياد بدون سيادة واستقلال وأمن وحريّة. وحين تمتنع دولة محايدة عن القيام بأمر ما، فلأنّ لا مصلحة لها فيه. من لا يلقي بنفسه في النار ليس بالضرورة إنسانًا مقيّدًا، بل هو إنسان حرّ لا يريد أن يحترق. دستور الدولة المحايدة يردع الغرائز الداخليّة والأطماع الخارجيّة، فيسمح للدولة أن تشارك في حلّ مشاكل الآخرين، من دون أن يتدخّل الآخرون في شؤونها، ويخلقون لها مشاكل عصيّة.
III. الحياد اللبنانيّ على قياس لبنان
الحياد اللبنانيّ صيغة مفصّلة على قياس لبنان. ويدعو اللبنانيّن للتوفيق بين العقل والقلب، بين المصلحة الوطنيّة والأهواء الفئويّة، بين الأمن والحريّة، بين المشاركة والتورّط، بين الإنحياز والتضامن. وإذا كان البعض يعتبر الصراع العربيّ عقبة أمام إعتماد الحياد، فالدول العربيّة تمارس منذ ثلاثين سنة سياسة الحياد العسكريّ الواقعيّ تجاه هذا الصراع. وذهب بعض من هذه الدول حتى الإنحياز نحو إسرائيل لا الحياد فقط. إنّ الجهد العربيّ اليوم منصبّ على التوصّل إلى اتفاق سلميّ مع إسرائيل. وها هي قرارات قمّة السعوديّة سنة 2007 تؤكّد السلام كخيار وحيد.
ولئلّا يساء فهمنا يجب التوضيح أنّ موقف لبنان الرسميّ هو:
1.أنّه “من غير الممكن أن يكون حياديًّا إزاء ثلاثة: إزاء إسرائيل، وإزاء الإجماع العربيّ، والتمييز وبين الحقّ والباطل.
2.أنّه ملتزم باتفاق الهدنة للعام 1949، الذي ما زال ساري المفعول وفقًا لما أكّدته قرارات مجلس الأمن المتتالية، وذلك ريثما يتمّ استبدالها بنصّ آخر وإيجاد حلّ عادل وشامل للنزاع العربيّ الإسرائيليّ.
3.أنّه ملتزم بقرارات مجلس الأمن ولا سيما القرار 1701 (11 آب 2006).
4.أنّه مقيّد بالمادّة 65 من الدستور البند 5 الذي يحفظ لمجلس الوزراء إعلان الحرب والسلام بموافقة ثلثي أعضائه.
IV. ممارسة الحياد اللبنانيّ”.
أضاف: “ويجب التذكير:
بأنّ حكومة الإستقلال سنة 1943 أعلنت إلتزام لبنان “الحياد بين الشرق والغرب” وظلّ هذا الإلتزام ظاهرًا في البيانات الوزاريّة بلفظة حياد أو تحييد أو نأي بالنفس حتى السنوات الأربع الأخيرة.
بأنّ أعمال ميثاق جامعة الدول العربيّة (1945) إعتبرت “لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة”، فيكون هكذا عنصر تضامن بين العرب، وليس عامل تفكيك وتغذية للنزاعات.
بأنّ إعلان بعبدا في عهد الرئيس العماد ميشال سليمان بتاريخ 11 حزيران 2012 الذي تمّت الموافقة عليه بالإجماع تضمَّنَ بوضوحٍ عبارةَ “تحييدِ لبنان”. وأُرسِلَ إلى الأمم المتَّحدة، وتمَّ توزيعه كوثيقةٍ رسميَّةٍ من وثائق مجلس الأمن والجمعيَّة العامَّة (راجع الوثيقتين: A/66/849 و S/2012/477 ). وصدرَ عن مجلس الأمن بيان بتاريخ 19/3/2015 يدعو الأطراف اللُّبنانيَّة التقيُّد بما ينصُّ عليه هذا “الإعلان”.
إنّ تحييد لبنان عن صراعاتِ المنطقةِ ما بين 1943 و 1975 أدَّى إلى الازدهارِ والبحبوحةِ، وزيادةِ النموِّ، وارتفاعِ نسبةِ دخلِ الفَرد، وتراجعِ البطالةِ حتى دُعِيَ لبنانُ “سويسرا الشرق”.
وختم الراعي: “وصفنا حياد لبنان “بالإيجابيّ الناشط” للدلالة على دوره في تعزيز حقوق الإنسان وحريّة الشعوب لا سيما العربيّة منها التي تجمع عليها دُولُها والأمم المتّحدة، وعلى الأخصّ الدفاع عن القضيّة الفلسطينيّة وحلّ الدولتين، وإتّخاذ مبادرات للمصالحة والتقارب بين الدول العربيّة والإقليميّة وحلّ النزاعات.
فأين نحن اليوم من دون الحياد والتحييد والنأي بالنفس؟! فيجب أن يشفى لبنان من مرضه ويستعيد صحّته بالحياد الإيجابيّ الناشط لكي يستعيد دوره التاريخيّ المعروف: “بجامعة العرب، ومستشفى العرب، ومصرف العرب”؛ ومكان التلاقي والحوار بين الديانات والثقافات عملًا بمصادقة الجمعيّة العامّة لمنظّمة الأمم المتّحدة في دورة أيلول 2019 على طلب رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة العماد ميشال عون، “بإنشاء لبنان أكاديميّة الإنسان للتلاقي والحوار”. ولبنان بموقعه على الضفّة الشرقيّة من البحر الأبيض المتوسّط هو جسر تواصل ثقافيّ واقتصاديّ وحضاريّ بين الشرق والغرب”.