مناقشة الموازنة العامة في مجلس النواب.. سجالات وهرج ومرج
انعقدت الهيئة العامة لمجلس النواب قبل الظهر، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لدرس وإقرار مشروع الموازنة العامة عن العام 2024، بعدما عدّلت لجنة المال والموازنة المشروع الحكومي جذرياً.
وتغيب بعذر النواب أحمد الخير، ستريدا جعجع، وطوني فرنجية.
وطلب نحو 40 نائباً الكلام .
وفي التفاصيل تناولت التعديلات 87 مادة من أصل 133، فألغت 46 وعدّلت 73، وأقرت 14 مادة كما وردت في المشروع، أي أنّ التعديل والإلغاء شملا 90% من المشروع الذي قدّمته وزارة المالية.
بدأت الجلسة بسجال بين النائب ملحم خلف ورئيس مجلس النواب نبيه بري بعد رفض الاخير إعطاء الكلام “بالدستور” لخلف للحديث عن استحالة التشريع بغياب رئيس.
وقال له بري: “ما رح أعملك بطل وطلعك برا القاعة”. وقال خلف الذي انحسب من القاعة: أطلب الشّروع فوراً في انتخاب رئيس للجمهورية والتعطيل المتعمّد انقلاب على الجمهورية وعلى سيادة القانون والدستور والاستمرار في جلسة الموازنة بمثابة انقلاب على النظام ولن أقبل بالمشاركة فيه والاستمرار بهذا النهج سيسقط الجمهورية على رؤوس الجميع وإذا لن ننتخب رئيساً سأخرج كبطل من المجلس لأنني لن أخالف الدستور.
كما وقعت مشادة في بداية الجلسة بين النائب علي حسن خليل والنائب فراس حمدان، وقد وصفه خليل بالتافه: وقال له: “إنتو قرطة مافيات”، في إشارة إلى نواب التغيير: ليعلو الصراخ والهرج والمرج في القاعة.
كنعان: في مستهل الجلسة، تحدث رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان فقال: “لحظت لجنة المال والموازنة غياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الموازنة المحال إليها وتدني نسبة الاعتمادات المخصصة للنفقات الاستثمارية وتميّزه بالعشوائية في استحداث الضرائب والرسوم وبالعشوائية في بعض الاعتمادات”.
وأوضح أن “لجنة المال ألغت مواد متعلّقة بتعديلات ضريبية واستحداث ضرائب ورسوم جديدة لمخالفتها الدستور وهدف الحكومة تأمين إيرادات إضافية للخزينة من دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقدرة الاقتصاد على التمويل وقدرة المواطنين على التحمّل”، مؤكدا أن ” الحكومة تجهل ما حصّلته من إيرادات تفصيلية خلال العامين 2022 و 2023 وتجهل ما حققته دولرة بعض الرسوم خلال العام 2022 ولاسيما رسوم المطارات والمرفأ وتجهل ما يمكن أن يوفره من إيرادات كل تعديل أجرته بموجب مواد مشروع الموازنة”.
ورأى أن “غياب الرؤية يتلازم مع غياب وحدة المعايير في التعديلات المقترحة على الرسوم القائمة فبعض الرسوم رفعت قيمتها 10 أضعاف كرسوم السير، ورفعت قيمة سواها 40 ضعفًا كبعض رسوم الطابع المالي، وتمّ رفع البعض الآخر 180 مرة كالرسوم على المواد الكحولية المنتجة محلياً”.
أضاف: “خلافاً لما قاله بعض الإعلام فلجنة المال لم تلغ المادة 58 من مشروع الموازنة التي تتعلق بكيفية تحصيل ضريبة 10% من ايرادات الأسهم والسندات والودائع الخاصة باللبنانيين في الخارج بل باتت المادة ٤٢ من المشروع المعدّل من اللجنة”.
تابع:”نفضنا الموازنة كما اتت من الحكومة وقمنا بإصلاحات جوهرية على صعيد المالية العامة. إن لجنة المال شطبت المادة العاشرة التي كانت تجيز تغطية فوائد القروض الإنمائية بعدما تبين مدى الزبائنية التي اكتنفت منح هذه القروض، وتفرد حاكم مصرف لبنان بتقريرها، وما أدرانا ما القروض المدعومة ومن استفاد منها”.
وشرح أن “لجنة المال خصصت اعتمادًا بقيمة 10 آلاف مليار ليرة للأدوية السرطانية والمزمنة واعتمادًا بقيمة ألف مليار ليرة للانتخابات البلدية والاختيارية وعدّلت الاعتمادات الخاصة ببعض الإدارات حيث تبينت الحاجة إلى ذلك لاسيما ما خص نفقات التغذية والمحروقات السائلة لدى الأجهزة العسكرية والأمنية وسواها”.
ولفت إلى أن “الواردات بحسب كتاب رسمي من وزارة المال ارتفعت من ٢٧٧ الف مليار الى ٣٢٠ الف مليار أي بفارق أكثر من ٤٠ الف مليار”.
عدوان: بدوره، قال ررئيس لجنة “الادارة والعدل” النائب جورج عدوان خلال جلسة مناقشة مشروع الموازنة: ” نحن اليوم نناقش موازنة 2024، لكن أي نقاش جدي لا يستقيم من دون إستقرار يريده جميع اللبنانيين يتيح استعادة الدولة مقوماتها، وعن أي استقرار نتكلم وقرار الحرب والسلم خارج مؤسسات الدولة والبعض يربط مصلحة لبنان بمحور خارجي، والبعض الآخر ينتظر الخارج ليؤمن لنا رئيساً للجمهورية”.
أضاف:” لا نريد أن نربط مستقبلنا إلا بمصلحة وطننا أولاً وأخيراً ونحن لا نريد الخارج أيًا كان الخارج أن يقرر عنا في رئاسة الجمهورية. هل هم أدرى منا في مصلحة لبنان؟ نحن نريد أن تستعيد الدولة وحدها قرار الحرب والسلم، وبخلاف ذلك لا فائدة لموازنات وإصلاحات وقرارات تبقى كلها في مهب الريح”.
سأل:”كيف نقارب الموازنة اليوم بالطرق التقليدية وكأننا لم نشهد انهياراً نقدياً ومالياً واقتصادياً، وكأنه لم تحصل سرقة العصر في لبنان؟”. تابع:”حصلت سرقة العصر في لبنان، وهناك منظومة تتشارك مع حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة المسؤولية في ما حصل. في كل الدول تحصل محاكمات ومحاسبة، إنما في لبنان لم يحصل أي شيء، بل أكثر يحضر سلامة جنازة أخيه بمواكبة أمنية من عشرات رجال الأمن”.
وقال:”غير صحيح أننا ننتظر قانون استقلالية القضاء في لبنان حتى نقوم بالمحاسبة والإصلاحات، إنما المشكلة “خلقية” موجودة في القضاء لا يحلها قانون”.
أضاف:”ندرس الموازنة والاستقرار مهدد أمنيًا واقتصاديًا وماليًا وكيانيًا بوجود ما يفوق المليوني سوري أي 33% من المقيمين، وحتى اليوم الحكومة لم تقم بأي خطوة جدية في اتجاه معالجة هذا الموضوع، تطبيقاً لمذكرة التفاهم الموقعة عام 2003 بين الأمن العام ومفوضية اللاجئين التي تؤكد أن لبنان ليس بلد لجوء، فيما تحاول بعض الدول إبقاءهم في لبنان خدمة لمصالحها”.
ولفت إلى أن “هناك مشكلة كبيرة في القضاء يجب معالجتها ولم نرَ إحالة أي قاضٍ على التفتيش في ملفّ رياض سلامة”، معتبرا أن ” هذه الموازنة استمرار للموازنات السابقة ولا تحمل أي استثمارات أو أي اصلاح ضريبي حقيقي، وتشكل الضريبة فيها على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال اكثر من 7.2% مقابل 67% من السلع على الخدمات والرسوم على التجارة والجمارك وضريبة على القيمة المضافة ورسوم الاستهلاك، بمعنى آخر 67% تصيب عموم الناس ونسبة قليلة من المقتدرين”.
تابع:”ندرس مشروع موازنة من دون أن يكون هناك قطع حساب وطبعاً لم تنجز الحسابات ضمن المهلة المحددة، وأرقام الموازنة تغيرت حتى اللحظة الأخيرة، فيما وزارة المالية عاجزة عن تقديم أرقام مدققة ونهائية عن إيرادات ونفقات موازنات 2021 و2022 و2023، والأدهى والأخطر أن وزارة المال لا تملك الأرقام لأنها توقفت عن إدخالها منذ عام 2019 على النظام المالي للوزارة”.
السيد: واعتبر النائب جميل السيّد، خلال جلسة مناقشة الموازنة، “اننا في حالة استثنائية سريالية تفوق الوصف، ونتعاطى مع الحكومة اليوم بالصّراخ الإعلامي وهي تُفاوض نيابةً عن الدولة في غياب رئيس الجمهورية”. وقال: “هذه الموازنة تسعى إلى القرش من جَيب المواطن، ونحن جثّة على قارعة الطريق والدولة جثّة على طريق التحلل”.
بوصعب: أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، خلال جلسة مناقشة الموازنة، انه “من الصعب الخروج من الشعبوية والدخول على مصلحة المواطنين، فلو لم نناقش هذه الموازنة لكنا عدنا الى موازنة 2022”. وقال: “لجنة المال حاولت قدر المستطاع إجراء إصلاح في الموازنة وفُرِض على المجلس مناقشتها بمختلف العلل ولا صفر عجز فيها”، مشيرا الى ان “هذه الموازنة لا تلبّي مطالب الاستشفاء والتربية ولا المؤسسات ولا القوى الأمنية ولا العسكريين”.
اضاف: “صحيح ان الدستور لا يفرض علينا الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية، الا انه يجب تحكيم العقل وخوفي ان يصبح هذا المجلس شاهد زور.
و اعتبر بو صعب ان “الرئيس ميقاتي صبّ الزيت على النار في الخلاف بين وزير الدفاع وقائد الجيش، والوزير يحاول تطبيق القانون”. وتوجه الى ميقاتي بالقول: “لو كان غازي زعيتر وزيراً للدفاع هل كنت تعاملتَ معه بالطريقة التي تعاملت بها مع الوزير موريس سليم؟”.
في اسرع وقت: وردا على مداخلة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب التي ابدى فيها خشيته ان يأتي العام المقبل ونناقش فيها الموازنة في ظل غياب رئيس للجمهورية قال الرئيس نبيه بري : ان شاء الله لا وان شاء الله في أسرع وقت.
فضل الله: اكد عضو الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، خلال جلسة مناقشة الموازنة العامة، ان “كتلتنا تحمل أمانة دماء الشهداء وصوتهم في هذا المجلس النيابي”، وقال: “أهل الجنوب مقتنعون بدورهم التاريخي في مواجهة الاحتلال الصهيوني ومساندة قضايا الحق”. وأعلن “ان الكيان الصهيوني كان يُحضّر لضربة استباقية على لبنان قبل معركة طوفان الأقصى”.
وقال: “نحن أمام نكبة جديدة في غزّة تشبه نكبة الـ 48 وينتفض لها صاحب كلّ ضمير إنساني ونحن معنيّون بأن نتّخذ الموقف الذي يتلاءم مع الحدث خصوصاً إذا كنا على لائحة الوحش القاتل”، مشيرا الى “اننا أمام حرب ترسم مصائر دول ونحن لن نسمح بقرى سبعٍ جديدة. سنعمل بكل قوة حتى لا يتكرر الاحتلال كما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ، وعندما نكون أقوياء وقادرين نستطيع أن نرسم مستقبل بلدنا.
اضاف: “نحن على خارطة المعادلة الإقليمية اليوم بفضل تضحيات الشهداء والأهالي والموقف السياسي الرافض للضغوطات. و أخذنا المبادرة لمنع انتصار العدو الصهيوني ونحن نعلم ظروف البلد ونرى حجم الاستنفار الغربي لأجل العدو”.
واكد فضل الله “اننا نلتزم بحق الدفاع عن النفس وحق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال وفق البيان الوزاري للحكومات المتعاقبة”، مشيرا الى ان “المطلوب ملاقاة الموقف الرسمي للدولة اللبنانية الذي تعبر عنه الحكومة لجهة السعي لوقف العدوان وحماية البلد وتحميل العدو مسؤولية الاعتداءات على لبنان”.
معوض: واعتبر النائب ميشال معوض خلال جلسة مناقشة مشروع الموازنة، “ان هذه الموازنة تشجّع غير الملتزم والاقتصاد الأسود، وهي موازنة التشبيح وتجويع المواطن وضرب القطاع الخاص الشرعي لصالح أبطال التهريب، وموازنة ضرب الموظّفين في القطاع العام ومؤسسات الدولة لصالح الزبائنية”.
وقال: “بعد “دعوسة” الدستور والقوانين نقع دائمًا بين خيار السيء والأسوأ ووجودنا اليوم في الجلسة هو لتأمين النصاب كي لا تقرّ الموازنة بمرسوم وكي نحمي المواطن”.
واضاف: “اننا في واحد من أكثر البلدان فسادًا إنّما ليس هناك فاسدون، وفي بلد فيه إجرام لكن ليس هناك مجرمون، والحكومة تقف عاجزة أمام ارتفاع أرقام الاقتصاد غير الشرعي الذي بات يشكّل 50 إلى 60 في المئة”.
ورأى ان “الحرب الحالية قادرة بأي لحظة أن تتحوّل إلى حرب شاملة تدمّر كلّ لبنان واللبناني عاجز عن تقرير مصيره”. مؤكدا انه “لا بدّ من الاتفاق على 3 ثوابت هي: أوّلًا أنّ كل لبنان يقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وثانيًا علينا الاتفاق على آلية القرار وكل آلية خارج الدولة والدستور تأخذ البلد إلى الانقسام وثالثًا التزام الطائف والدستور”.
وأعلن معوض “ان الحلّ لا يكون من خلال الموازنة إنّما باستعادة الدولة لقرار السيادة وانتخاب رئيس وتشكيل الحكومة والشروع في الإصلاحات ولن نعطي ثقتنا للموازنة”.
رفع الجلسة: وعند الثالثة رفع بري الجلسة الى السادسة مساء.