فرنجية “حاول” تحريك المياه الراكدة رئاسياً.. الواقع السياسي والأمني في مكان آخر
حاول رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية تحريك المياه الراكدة رئاسياً، فأجرى بضعة لقاءات لعلّه يُعيد إلى الأذهان صورة المرشح الرئاسي الأقوى، لكنّ الواقع السياسي والأمني في البلاد موجود في مكان آخر ولا يمكن لأحد التكهّن بما ستذهب إليه الأمور.
تؤكد معلومات ديبلوماسية أنّ الضغط الديبلوماسي الغربي والعربي سيشتدّ في الأسابيع المقبلة من أجل إتمام الاستحقاق الرئاسي، ويحاول فرنجية، بناءً على نصائح مقرّبين منه، الحراك لكي يقول للجميع إنّ حظوظه لا تزال مرتفعة.
كان بإمكان رئيس «تيار المردة» تقديم واجب العزاء لقائد الجيش العماد جوزف عون بوفاة والدته طوال الأيام الثلاثة للتعزية، لكنه اختار التوقيت بعد انتهاء المواعيد الرسمية للعزاء، إمّا لإعطاء التعزية أهميّة مضاعفة، أو لكي تكون «نزلته» من الشمال «مثمرة»، فيلتقي عون، ثمّ يلبّي دعوة النائب السابق وليد جنبلاط إلى مأدبة العشاء.
ورغم الأخبار التي يحاول القريبون من فرنجية بثّها عن قرب تبنّي جنبلاط ترشيحه، إلّا أنّ مصادر في «اللقاء الديموقراطي» تنفي هذا الخبر، فالعشاء لم يكن مناسبة لتبنّي الترشيح أو رفضه، بل لمناقشة المواضيع الوطنية مثل رئاسة الأركان وحرب غزة وتداعياتها على لبنان، وطبعاً الاستحقاق الرئاسي من زاوية ضرورة إنهاء حال الفراغ.
وإذا كان «اللقاء الديموقراطي» لم يُعلن تبنّي فرنجية لأسباب عدّة أبرزها عدم وجود تأييد مسيحي وعربي وغربي له، تبقى أسهم فرنجية الرئاسية متراجعة، ولم تستطع زياراته تحقيق أي خرق، فحتّى لو أعلن العماد عون انسحابه من السباق الرئاسي، علماً أنه لم يعلن ترشيحه، فهذا لا يعني ارتفاع حظوظ فرنجية.
الثُغر والمعضلات التي تواجه ترشيح فرنجية ما زالت على حالها ولم يطرأ أيّ تبدّل في الموقف المسيحي، وتشير أوساط «التيار الوطني الحرّ» إلى أنّ موقف رئيسه النائب جبران باسيل ما زال على حاله، فهو يرفض تبنّي مرشّح لا يتمتّع بحيثية مسيحية، ويُعيد إحياء النظام الذي حكم لبنان منذ عام 1990، وكل الليونة التي أظهرها باسيل في المرحلة الماضية لا تعني القبول بفرنجية رئيساً.
وترفض «القوات اللبنانية» وحلفاؤها السير بمرشح «حزب الله» و»أمل»، وإعادة إنتاج سلطة «الحزب»، وعزل لبنان مجدّداً، وبالتالي لا مجال للمعارضة المسيحية أن تتبنّى ترشيح فرنجية، بل إن هذه القوى تعدّ العدّة لمواجهة الترشيح إذا سار به باسيل وتهيّأت الظروف لانتخابه، رغم استبعاد «القوات» هذا الأمر.
وليست العوامل الداخلية والمسيحية وحدها التي تقف عقبة في وجه ترئيس فرنجية، فالموقف العربي والدولي واضح، والمملكة العربية السعودية تُجاهر برفضها وصول أي مرشح من محور «الممانعة» إلى سدّة الرئاسة، ولا تريد تكرار تجربة رئاسة العماد ميشال عون على الرغم من اختلاف الشخصيات.
ويُعطَف الموقف السعودي على موقف واشنطن ودول اللجنة الخماسية، وفي السياق، لن تمنح هذه الدول جائزة ترضية لـ»حزب الله»، فمعادلة إنهاء العمليات في الجنوب مقابل منح «حزب الله» مكاسب في الداخل غير دقيقة، فهذه المعادلة لم تصدر من واشنطن، بل روّج لها محور «الممانعة»، ويوجد رفض داخلي كبير لها، وهذا ما أعلنه قادة المعارضة.
راهن فرنجية في أوقات سابقة على انتصار حركة «حماس» لكي يصل إلى بعبدا، لكن الميدان الفلسطيني أصبح في مكان آخر، وغزة تتعرّض لأبشع إبادة. وإذا كان هناك دعم للشعب الفلسطيني في محنته، إلّا أنّ ممارسات «حماس» ومحور «الممانعة» على أرض الجنوب وتحويل لبنان ساحة حرب وصندوق بريد لنقل رسائل إيرانية، يُضعف احتمال القبول بمرشح بـ»بروفايل» فرنجية، لأنّ المعارضة وشريحة كبيرة من اللبنانيين ترفضان انتخاب رئيس يُكرّس «حماس لاند» بعدما كرّس العماد ميشال عون وضع يد «حزب الله» على القرار الاستراتيجي للدولة.