مصباح العلى يكتب …. غزة تعيد رسم خارطة المنطقة ؟

بتنا على مشارف الاحتفال بإنتصار غزة، ليست مجرد امنيات لشعوب أدمنت الهزائم و الانكاسارات، بقدر ما هي وقائع فرضها أناس أشداء يشهد لهم بأسهم و إيمانهم، خاضوا المعارك حفاة القدمين كي يطهرون أرضهم من رجس الاحتلال.
جلسة مجلس الأمن بالأمس ليست مؤشر اولي على الاعتراف بالهزيمة ، حيث أفضت إلى ترنح أميركي في المداولات ، بين إنزال حكومة إسرائيل عن شجرة المواجهة العسكرية و الرضوخ لمطلب إعلان وقف إطلاق النار،أو ترك المجال أمام الجيش الإسرائيلي تسجيل مطلق إنجاز ميداني في سبيل الاتكاء عليه لفرض شروط تسوية تحفظ ماء الوجه .

عوامل استراتيجية متشابكة تفرض واقع متغير في المنطقة في اللحظة التاريخية الراهنة، فليس من السهل نجاح حماس كحركة تحرر وطنية في فرض القضية الفلسطينية بصفتها أولوية للسلم العالمي، بعد أن كادت تدخل غياهب النسيان، كما عصيا على البعض القبول بانكشاف هشاشة إسرائيل كمشروع و ككيان، دفاعا عن اساطير تاريخية بالية بكونها تحقق دولة اليهود المزعومة أرض الميعاد.

اولى تلك العوامل و أهمها ، ضمان تحقيق الحلم بقيام الدولة الفلسطينية، ليس على هيئة سلطة محمود عباس المتبوعة للاحتلال لتؤمن مصالحه، خصوصا و أن حركة حماس رغم كل الضجيج بوارد القبول بحل الدولتين كمرحلة أولى ، و هذا يتطلب صياغة مشروعية التمثيل الفلسطيني ما يعني تراجع فتح عن زعامة الشعب الفلسطيني المطلقة .

في الدرجة الثانية ، تراجع النفوذ الإيراني المباشر بصفته المرجعية لمحور إقليمي رفع شعار ” وحدة الساحات ” حيث سطع نجم الدور العربي في مواكبة أحداث غزة ، بغض النظر عن ماهية و اهداف حقيقة التحرك العربي بما في ذلك تأمين مصالح الغرب و أميركا على حساب فلسطين، علما بأن حماس تقف على النقيض تماما ، و علاقاتها مع الأنظمة العربية متوترة سوى مع قطر بكونها الحاضنة التاريخية لها .

فقد برز جليا الخطوط القطرية و القنوات المصرية كما المواكبة السعودية، منذ بدء عملية طوفان الأقصى، ما جعل الدورالعربي المستجد حاجة أميركية ملحة لمواكبة عمليات تبادل الأسرى بعد الإخفاق العسكري الإسرائيلي، وهو مرشح لمزيد من الفعالية خلال المرحلة المقبلة.

تبقى التساؤلات عن المشروع الصهيوني و عن دولة إسرائيل، فهناك الكثير من التحديات أمام أميركا بصفتها الراعية المباشرة في فرض رؤيتها بعد الهزيمة الإسرائيلية الأخيرة ، فجو بايدن ليس بوارد خسارة الانتخابات الرئاسية من أجل حماية نتنياهو من سقوط محتم، و اولى النتائج على هذا الصعيد تراجع اليمين الديني المتطرف ضمن المعادلة الإسرائيلية الداخلية ، ما يعتبر التمهيد لصراعات فكرية داخل الذهنية الصهيونية قوامها الخوف من مصير طوفان ديموغرافيا الهوية العربية، و هذا يعني الكثير أبرزه على الاطلاق تفكك بنيان المجتمع الإسرائيلي، ما يعني بدء الهجرة المضادة من أرض الميعاد.

 

Share.

Comments are closed.

Exit mobile version