ربما أنت جندي في أحد حروب الجيل الخامس ولكنك لا تعلم! بقلم سيمياء إبراهيم الشطرات
هل خطر يوما ما ببالك أنك ستكون محاربا في صفوف معركة دون أن تعلم أو حتى ضحية؟ أو أنك على الأقل ستشارك بها معتقدا أنك تبدي رأيا ولكنك تكتشف فجأة بأنك محارب في الصفوف الأولى!
يبدو أن هذا الأمر لا يمت للعقل بصلة لأنك تدرك بأنك لم تتمرس يوماً على حمل السلاح ولم تسجل بشكل نظامي في أحد الجيوش. صحيح؟
دعني أخبرك أمرا ربما جميعنا يعتقد بأن فكرة المشاركة في حرب لا يكون سوى بكامل إرادتنا ورغبتنا وبعد تلقي العديد من التدريبات الكبيرة المسلحة، في عصرنا هذا تتعدد الطرق والوسائل وتحصل أمور بشكل متسارع كتأثير الدمينو وتكون خارجة تماما عن المألوف أو ما اعتدنا أن نراه في حياتنا أصلا.
ربما لا ندرك لهذه اللحظة بأننا قد كنا يوما أو بأننا الآن أو قد نكون أحد الأدوات أو المجندين في ضرب أحد الأهداف ونحن نجلس في المنزل نشاهد التلفاز ونتابع برنامجا مفضلا، أنا الآن لا أتحدث عن ألعاب البلايستيشن أو الهاتف المحمول بتاتا، بل أتحدث عما يسمى بحرب الجيل الخامس وهي الحرب التي لا تستدعي دوما حضورا فيزيائيا لك في مكان أو ساحة المعركة وكذلك مساحتها مفتوحة لا تتطلب مكانا حقيقيا حتى تبدأ، وتكون باستخدام أدوات وأساليب تقنية من خلال تضليل المعلومات وصناعة الجهل والاعتقاد والقيام بهجمات الكترونية أو إدارة الإدراك.
ميزة هذا النوع من الحروب أنه قد أصبح متاحا للجميع دول منظمات وأفراد دون حدود ولم يعد الوقت محددا للبدء أو الانتهاء منه بل قد تكون في خضمه وأنت لا تعلم وقد تكون حرب بدأت وأخرى وضعت أوزارها أيضا دون أن تعلم بل والأهم بأن هذه الحرب لا تطلق بها حتى رصاصة واحدة، عادة ما تستخدم ما يسمى بالهندسة الاجتماعية والتحيّز المعرفي على سبيل المثال ظهور رسالة لك بأن جهازك في خطر أو تبادلك الحديث مع أحدهم عبر أحد منصات التواصل وطلبه منك اسم المستخدم وكلمة المرور أو حتى اعطائك حسابا حتى تدخل عليه فيتسنى له عمل هجمة الكترونية تقوم بتهكير حسابك أو بياناتك هذا ما يسمى بالهندسة الاجتماعية وهي عملية احتيال قد تمر عليك دون أن تع أبدا أو ربما تعلم بعد فوات الأوان.
أما ما يسمى بالتحيز المعرفي والذي لن نخوض بأنواعه وتفاصيله فهو مهم جدا في هذا النوع من الحروب إذ أنك تستطيع أن تجعل الناس تسمع وتقرأ ما تريده-هنا أقصد الناس- وليس ما هو حقيقي ومن هنا تبدأ تدريجيا بالوصول لما ترغب بنشره وزج السم في الدسم ونشر القناعات باللاوعي لديهم وقد يأخذ هذا سنوات طويلة للوصول لهدف ما مثال على ذلك نشر فكرة محددة بأن الشخصية الفلانية هي شخصية خائنة وبدأ عملية صناعة الجهل والمعتقد لدى الأشخاص وهنا علينا أن ندرك أن هناك من يرغب فعلا أن يرى فلانا خانئا وهناك من يعرفه ولكن لا يعرف اذا كان بالفعل خانئا وقد تنجح باقناعه حقيقة وهناك من هو بالمنطقة الرمادية لا يعرف فلان ولا يعرف اخلاصه ولكن قد يصدقك وقد يكون واع كفاية للذهاب للبحث عن فلان واستخلاص الحقيقة بنفسه.
هنا أود الإشارة بأن هذا النوع من الحروب ليس حكرا على السياسيين والعسكريين بل باعتقادي الشخصي وخبرتي التسويقية يمكن إدارة هذه المعركة بين شركات عالمية أو محلية ومنتجات أو بين مؤثرين في شبكات التواصل ومن وجهة نظري كذلك قد تستخدم ال PROXY WARS حروب الوكالة من خلال منصات التواصل الاجتماعي فقد لا تضطر للتفوه ببنت شفة أو كتابة كلمة حتى وترى الجميع يتهافت للكتابة نيابة عنك وخوض معاركك الخاصة سواء بدفعك بذلك لهم أو بإرادتهم المحضة وهذا قد يكون عن دولة أو شخص أو منتج أو حتى فكرة أو معتقد.
دعوني هنا أشير لأمر قد تسأل نفسك وما المهم في المكتوب؟ هل تعلم بأن هناك دولاً تستخدم ما يسمى بال BEHAVIOUR سلوك الشخص وال INTEREST الاهتمام كمدخلات تجعلها تستطيع استهداف شعب بأكمله دون أن يع بأنه يُستهدف حتى؟ وذلك فيما قد يدرج تحت مسمى ال VIRTUAL DIPLOMACY والتي باعتقادي نستطيع تصنيفها ركن أساس في هذه الحروب فلم تعد الدبلوماسية دولية منغلقة بين السفارات والسفراء بل أصبحت اليوم كمواطن رقمي جزءا حقيقيا تتلقى خطابات مباشرة وغير مباشرة من أفراد ومسؤولين في دول سواء كتابة أو فديويهات مرئية أو حتى نصوصا مكتوبة.
وهذا يدعوك اليوم للتفكر مرارا وتكرارا بالتصرف في منصات التواصل الاجتماعي لأنك أصبحت جنديا ضحية أو حتى داتا قابلة للتحليل والاستهداف بمختلف وشتى الوسائل، هنا تجدر الإشارة بأن المستخدم قد يخبرك بأنه لا يمكن أن يقع في فخ أو أن يكون جزءا من حملة وبأنه على قدر من الوعي ولكنه لا يعلم بأن الهندسة الاجتماعية التي تتضمن الشركات التي نستخدم منصاتها الاجتماعية قادرة على تحليلنا بصمت دون أن نشارك أو نكتب تعليقا مجرد أن نعمل حسابا على منصاتها.
اليوم تستطيع اخراج الناس للشارع بصورة أثارت عاطفتهم وتستطيع جعلهم يكبسون DONATION ويتبرعوا بمجرد إثارة مشاعرهم هذا أحيانا ايجابي لا ننكر ذلك لكن عليك أن تكون واع بأن العالم المفتوح هذا مليء بالفخاخ والحيل الكثيرة التي من شأنها زرع فكرة وضحد أخرى.
وآخر ما أود الإشارة اليه بأن الألعاب الكترونية التي ننظر لها اليوم بأنها للتسلية فقط هي حقيقة قادرة ايصال فكرة وجعلنا نعتاد أمرا دون أن نشعر بمعنى أنها قد جعلت جيلا بأكمله يهوى فكرة الخوض في معركة قتالية ورؤية الدماء واعتيادها كذلك جعلته يرى أشكالا فضائية ويعتادها هذا طبيعي فلم نعد في زمن الجرائد والصحف الورقية ولكن علينا الحذر ثم الحذر من الاتفعالات الزائدة والانصياع وراء أمور لا نعلم صحتها، وعلينا كذلك ألا نهجر هذه الأمور ظنا منا بأنه الحل بل الوعي بحد ذاته كفيل بأن يجعلك تجنب وتجنب أي آثار لمعلومات مضللة عليك وعلى بلدك وأبنائك.