للمرة السادسة على التوالي، جدد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي التحذير من مغبة الشغور في قيادة الجيش، داعيا في عظة الاحد امس الى “عدم المسّ حاليًّا بقيادة الجيش، بل تحصين وحدته وتماسكه، وثقته بقيادته، وثقة الدول به. فالجنوب اللبناني متوتّر، والخوف من امتداد الحرب إلى لبنان يُرجف القلوب، والحاجة إلى الجيش متزايدة لتطبيق القرار 1701، واستقرار الجنوب، ولضبط الفلتان الأمني الداخلي، ولسدّ المعابر غير الشرعيّة بوجه تهريب البشر والسلع والمخدّرات وما سواها”.

لا تقتصر تحذيرات سيد بكركي على المواقف في عظات الاحد واجتماعات مجالس البطاركة والمطارنة الكاثوليك التي تعقد دورياً، فهو بحسب ما تفيد مصادر سياسية مطلعة “المركزية” يتحرك عمليا ايضا لسد باب الفراغ في اليرزة، عبر رسائل مباشرة الى من في يدهم “عصمة” القرار والاقرار، الى جانب فريق المعارضة حكماً، داعيا بقوة الى التصويت لصالح التمديد للأسباب اياها في العظة، ورفضا لتفريغ المواقع المسيحية الثلاث الاعلى في الدولة، رئاسة الجمهورية، حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش.

لا تهادن بكركي في هذه المسألة وليست في وارد المساومة تحت اي ظرف. فتشبثها بالتمديد للقائد راهنا اقوى واثبت من اي يوم مضى، والرسائل تتكرر للمعنيين لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتجنب تجرّع كأس مخاصمة بكركي وتحمُّل تبعات الحرَد المسيحي في ظل الفراغ الرئاسي، وعبره الى حزب الله المُراهن على التطورات الميدانية علّها تنقذه من بين مطرقة معاداة التيار الوطني الحر، إن صوت نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” لمصلحة التمديد، وسندان “زعل” سيد بكركي وسائر القوى المسيحية الدافعة نحو تأجيل تسريح القائد. فنّد الراعي في رسالته “للإستيذ” الاسباب الموجبة للتمديد فيما وعد بري الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان باجراء اللازم والمقتضى في الجلسة التشريعية منتصف الشهر الجاري، وترتيب سيناريو يكفل ابعاد شبح الفراغ عن القيادة، علما ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اثار الملف مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال اجتماعهما على هامش قمة المناخ في دبي محذرا ومنبها الى خطورة عدم التمديد.

وتكشف المصادر ان عشية الجلسة التشريعية المنتظرة، زار موفد من الصرح البطريركي عين التينة ووضع الرئيس بري في حقيقة موقف بكركي وتمسكها ببقاء العماد جوزف عون في منصبه في ظل الظروف الراهنة. والموقف اياه نقله الى الضاحية الجنوبية ايضا بحيث يعمل بري على نسج سيناريو يكفل التمديد للقائد، محذرا من انهيار البلد فيما لو تم تقديم الحسابات الشخصية على المصالح الوطنية العليا. واشارت المصادر الى ان البحث يجري راهنا حول مخرج يقضي بتأجيل التسريح حتى انتخاب رئيس جمهورية.

على ضفة التيار الوطني الحر رافع لواء معارضة التمديد، توضح المصادر ان النائب جبران باسيل حينما اوفد وزيرالدفاع موريس سليم الى بكركي لتقديم شرح قانوني لاسباب رفض تأجيل التسريح وتعيين قائد جديد، وقد حاول سليم دعم مواقفه بنصوص قانونية والتأكيد على وجود مخارج متمسكا بتعيين كامل اعضاء المجلس العسكري بحيث تنتهي معه المشكلة، ولما انهى عرضه، فوجيءسليم برد بكركي الصارم ووضع النقاط على الحروف، اذ فنّد الراعي الموضوع وفق دراسات قانونية، متمسكا بالتمديد كي لا يخسرالموارنة رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش، اهم المراكزالمارونية في الدولة.

وعلى الاثر، كشف البطريرك تفاصيل كثيرة تتصل بالحملة التي تساق ضد القائد واعتبرها مشينة بحق مطلقها. ولدى خروج سليم، ادلى بتصريح مكتوب اعد سلفا للمناسبة. وتختم المصادر ان وزير الدفاع نقل تفاصيل اللقاء الى النائب باسيل ومدى امتعاض الراعي من طريقة التعاطي مع المؤسسة العسكرية في لحظة مصيرية كالتي يمر بها لبنان اليوم.

 

Share.

Powered by WooCommerce

Exit mobile version