نداء من نواب لبنانيين الى القمة العربية في الرياض
وجّه نواب قوى المعارضة اللبنانية نداء إلى القمة العربية، جاء فيها:
“أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والسيادة الاخوة القادة العرب:
نتوجه اليكم من لبنان العضو المؤسس في جامعة الدول العربية، بالتحية والتمني بأن تكون قمتكم المنعقدة اليوم، بداية لمرحلة جديدة تطوي صفحات العنف والفوضى والحروب وترسي قواعد السلام والازدهار، ويهمنا كنواب يمثلون الشعب اللبناني بمختلف أطيافه، أن تكونوا بوصفكم القادة الممثلين للدول العربية الشقيقة، على اطلاع حول رأي اللبنانيين بما يجري في المنطقة ولبنان، وتطلعاتهم في هذه المرحلة الصعبة.
إن الجمهورية اللبنانية الداعمة دوماً لقضية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة والعيش بكرامة، دفعت أثماناً باهظة طيلة العقود السبعة الماضية، من أرضها وشعبها واقتصادها وأمنها واستقرارها، الى ان انتهى الأمر بفقدانها سيادتها على قرارها الوطني لمصلحة محور إقليمي يتباهى بسيطرته على أربع عواصم عربية.
وانطلاقاً مما يتهدد لبنان من حرب مدمرة، جئنا بصفتنا نواباً عن الأمة اللبنانية لنؤكد ما يلي:
أولاً: نؤكد على الرفض الكامل لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لابشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي قد يواجهها أي شعب في العالم. ومن بيروت نوجه التحية لأرواح آلاف الفلسطينيين، الأبرياء وندين ازدواجية العالم في التعاطي مع أهالي غزة.
ما يجري في غزة، يتطلب من جلالتكم وفخامتكم وسموكم وسيادتكم، التدخل الفوري، ليس لترتيب هدنة إنسانية او وقفا لاطلاق النار فحسب، بل لاطلاق مسيرة حل سياسي تستند على المبادرة العربية للسلام التي تم اعلانها في قمة بيروت عام 2002، والتي تبنت حل الدولتين، بما يعني حتمية إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، كمدخل للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط ولانتصار الاعتدال على التطرف، وتطبيق كافة قرارات الامم المتحدة ذات الصلة وتكريس حق العودة للاجئين.
ثانياً: لا يخفى أن لبنان يعيش في قلب الأزمة التي تواجه المنطقة، ويخشى اللبنانيون من توسع الحرب، التي بدأت تطال بلدهم، لا طائل لهم بها ولا قرار، فرأي الدولة اللبنانية وقرارها مازال مصادراً من قوة مسلحة خارج الشرعية، خدمة لمحور إقليمي على حساب مصالحها الاستراتيجية وأمنها واستقرارها، في ظل سلسلة من الأزمات السياسية وصلت إلى حد الشلل الكامل والانحلال للدولة ومؤسساتها الدستورية، إضافة إلى انهيار اقتصادي واجتماعي ومالي شامل.
وفي ظل تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وبإقرار مؤسف من رئيس حكومة لبنان، بعدم امتلاكها قرار السلم والحرب، يرفض اللبنانيون إدخال لبنان عنوة في حرب شاملة، بعد ان تم اقحامه فعليا في حرب محدودة خلافا لارادتهم، حصدت الارواح، ومن بينهم الاطفال والمدنيين والاعلاميين، بالاضافة الى الممتلكات، وادت الى نزوح عشرات الآلاف من اهلنا.
كما يرفضون ايضاً أن يتحدث باسم لبنان وزير خارجية دولة أخرى، وأن يصادر طرف داخلي مسلح قراره السيادي.
لذلك نطلب منكم مساعدة لبنان، على التصدي لمحاولة جرّه الى الحرب في ظل سيادته المخطوفة وقراره المسلوب، ونؤمن أن قمتكم بما تملكه من تأثير، قادرة على انتشال لبنان، واستعادته ورفع الوصاية عنه، ونتطلع إلى أن تخرج القمة بقرارات واضحة، تؤكد على رفض استتباعه لأي مشروع نفوذ إقليمي، بما يلاقي نضال الشعب اللبناني، للتحرر واستعادة دولته المخطوفة.
كما نطلب من قمتكم المساعدة في جميع المحافل الدولية، وتحديداً في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، للتطبيق الكامل للقرار 1701، الذي يشكل المظلة الدستورية والدولية لحماية لبنان وتحييده عسكرياً، وتجنب توسع الحرب في المنطقة، من خلال وقف الاعمال الحربية وانشاء منطقة جنوبي نهر الليطاني خالية من أي وجود مسلح لبناني أو غير لبناني خارج الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية، والضغط على المجتمع الدولي لردع إسرائيل عن الاعتداءات التي تقوم بها على طول الحدود والعمق اللبناني، على ان يستتبع ذلك التطبيق الكامل للقرارين 1559 و1680 ما يؤدي الى ضبط الحدود وبسط سيادة الدولة بقواها الشرعية حصراً على كامل الاراضي اللبنانية.
ثالثاً: إن حماية لبنان تتطلب العودة إلى انتظام المؤسسات التي كرسها اتفاق الطائف، عبر انتخاب رئيس للجمهورية كمدخل لإعادة تكوين السلطة الشرعية المكتملة الصلاحيات، واستعادة الدولة اللبنانية لقراراتها السيادية وعلى راسها قرارا الحرب والسلم وحماية لبنان من تداعيات ما يجري على الصعد كافة، بما يؤدي إلى قيام دولة فعلية، والى اطلاق عمل المؤسسات الدستورية، والبدء بورشة الإصلاح والإنقاذ.
السادة الكرام المجتمعين في القمة العربية، إن لبنان أمانة غالية، ندرك كم ينظر العالم العربي لها بتقدير وأخوة، وهو بأهله وشعبه، يتطلع إلى استعادة موقعه ومداه الحيوي في المجتمعين العربي والدولي، ونحن مؤمنون أن نضال شعبه من أجل السيادة والحرية والسلام، سيلقى مساعدة أصدقائه، وأنتم في هذا المجال، دائما في الطليعة.
كل التمنيات لمؤتمركم بالنجاح، من أجل عالم عربي يسوده السلام والازدهار، ويرسخ نموذج العلاقات الندية والأخوية بين دولنا العربية”