القصفُ الإسرائيليّ الذي طالَ عدداً من مناطق جنوب لبنان الحدوديّة، يوم أمس، بالقنابل الحارقة والفسفوريّة، لم يأتِ عن فراغ أبداً، بل الهدف منه عسكريّ بالدرجة الأولى ويرتبطُ بسعي جيش العدو الإسرائيلي لكشفِ الميدان عند أطراف الحدود بعد الخسائر التي مُني بها بفعل عمليات “حزب الله” المتصاعدة.
ما يحصل يُمثل بكل بساطة “سياسة الأرض المحروقة”، وما فعلته إسرائيل خلال السّاعات الماضية في جنوب لبنان يُمكن أن تتكرّر، ما يعني أنّ مشهدية القصف بالقنابل الحارقة والفسفوريّة قد يتجدّد من أجل تعقيد مهمّة المقاومين عند الخطوط الأماميّة. إلا أنه في المقابل، يُدرك “حزب الله” ظروف المعركة التي يخوضها وسُبل تعقيداتها، وما يقوم به حالياً لا يمت إلا إلى نمط عمليات تقليديّ لم تُكشف خلالها مستويات غير مألوفة من القتال. عملياً، فإن مشاهد إستهداف المواقع الإسرائيلية وعملية الإقتراب منها وإطلاق النار عليها تُعيد الذاكرة إلى عمليات مماثلة نفذها “حزب الله” قبل تحرير الجنوب عام 2000، في حين أن المفاجآت الكبرى التي حصلت عام 2006 إبان “حرب تموز”، تمثل بعضها بإطلاق صواريخ بعيدة المدى وتدمير المدرعات، الأمر الذي أرهق إسرائيل فعلاً آنذاك. اللافت أكثر في المعركة الحالية هو أن الحزب بدأ يعتمد أسلوب التمويه في فيديوهاته التي ينشرها عن عملياته وذلك من أجل عدم كشف الأماكن التي يطلق منها صواريخه، والإجراء هذا كفيلٌ بإحباط المساعي الإستخباراتية الإسرائيلية لكشف معطيات تهمّ جيش العدو ميدانياً.
ما يواجهه “حزب الله” الآن هو عملية إستهداف عناصره بشكلٍ مباشر من الجو، وإزاء ذلك يرتفع عدد الشهداء يومياً. ولتفادي هذا الأمر الذي تكرر كثيراً، من الممكن أن يبادر “حزب الله” إلى إعتمادِ “تكتيكات جديدة” تكشفُ عن أسلحة متقدمة لديه. فعلى سبيل المثال، شكّل إستهداف “الحزب” لطائرة إسرائيليّة بصاروخ أرض – جو رسالة مفادها إنه لدينا أسلحة جديدة ومختلفة ويُمكن أن تخلط الأوراق. هنا، تقول مصادر ناشطة في الشؤون العسكرية لـ”لبنان24″ إنَّ أسلحة دفاع جوي بإمكانها إحباط طائرات مسيرة ومقاتلات، ما يعني تصعيد العمل العسكري والإنتقال من المواجهة التقليدية إلى تلك الجديدة”، وأضافت: “المسألة هنا مرتبطة بالوقت وبمدى ما سيفرضه الميدان من مفاجآت يحضرها حزب الله، وعندها لكل حادث حديث”.