أصدر المكتب الإعلامي لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان البيان التالي:
طالعنا نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي ببيان إعلامي تناول فيه عمل لجنة المال والموازنة والمجلس النيابي. ولم نكن نرغب بالدخول في ردود إعلامية عليه، لو لم يقرر هو مخاطبتنا بواسطة الإعلام، وهو الذي من المفترض أن يكون، بحكم منصبه، عليماً بالحد الأدنى من الأصول وآلية التعاطي بين الحكومة والمجلس النيابي، حيث جاء بيانه الإعلامي مفتقداً لها، شكلاً ومضموناً، حتى لكأن الشامي يرد على الشامي، وذلك للأساب الآتية:
1- لقد انتظرت لجنة المال والموازنة الحكومة لمدة أربع سنوات لكي تحيل مشاريع القوانين الإصلاحية لاسيما المتعلقة منها باستعادة الانتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف المطلوبة ، إلا أنه لم يصل منها شيئ. وما ورد إلى البرلمان، جاء بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وبعد أن تحولت الحكومة إلى تصريف الأعمال، اقتراحا قانونين بتوقيع النائبين أحمد الخير وجورج بوشيكيان، دون موافقة الحكومة الصريحة عليهما. وإذا أردنا إعفاء الحكومة الحالية من طوال مدة التأخير، نذكّر بمشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونائبه سعادة الشامي في جلسة لجنة المال والموازنة في 1 تموز 2022، وقد وعد خلالها رئيس الحكومة بإرسال مشروع قانون صندوق استرداد الودائع أي ما سمي بقانون الانتظام المالي خلال أيام، لأنه ضروري لمعالجة مشكلة الودائع، متجاوباً مع صرخة لجنة المال والموازنة في حينه، والتي أتت في ضوء ما بلغها من ملخص للخطة التي وقعتها الحكومة مع صندوق النقد الدولي وتحمل في طياتها شطب 60 مليار دولار من الودائع.
2- إن ورود اقتراحات القوانين الى المجلس النيابي، موقّعة من النائبين الخير وبوشكيان، جاء بتأخير 7 أشهر عن “تعهّد الحكومة” الذي أبلغ به رئيسها في المجلس النيابي.
3- في الشكل أيضاً، إن ما يحدد أولويات دراسة المشاريع والاقتراحات، هو بالمبدأ تاريخ ورودها الى مجلس النواب، وذلك بحسب النظام الداخلي. فاقتراح قانون الصندوق السيادي ورد الى المجلس النيابي في العام 2017، أما اقتراحا بوشكيان والخير “كبدل عن ضائع” أي عن الحكومة، فقد وردا في العام 2022 أي بعد 5 سنوات على اقتراح الصندوق السيادي. وعلى الرغم من ذلك، فقد عقدت لجنة المال والموازنة 5 جلسات بين شهري كانون الأول وشباط 2023، تشكّلت على اثرها لجنة فرعية عقدت بدورها 3 جلسات، كان آخرها في 3 نيسان 2023 وليس في آذار كما ورد في بيان الشامي. ما يعني أن كلام نائب رئيس الحكومة عن الأولويات لا أساس له، لأن لجنة المال واللجنة الفرعية المنبثقة عنها، وعلى عكس الحكومة، أعطت أولوية للاقتراحين المذكورين.
4- تبيّن خلال المناقشات، بحضور أركان الحكومة ومصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، بالأضافة الى جمعية المصارف، أن إقتراح استرداد الودائع يفتقر إلى الحد الأدنى من الجدية لتحقيق ولو جزء بسيط مما تدعيه الحكومة كما يفتقر الى تقديرات علمية بأرقام رسمية لموجودات المصارف وعائدات القطاع العام، التي من المفترض وبحسب الإقتراح “اللقيط”، أن تسهم في عملية الإسترداد المزعومة هذه. وللمفارقة أعلنت لجنة الرقابة على المصارف خلال الجلسات عينها وعلى مسمع من السيد الشامي، أنها لم تبدأ بعد بالتدقيق في موجودات المصارف كما أفاد وزير المالية بأن التدقيق لم يبدأ أيضاً في ما خصّ القطاع العام. بناء عليه، وجّهت لجنة المال والموازنة كتابين الى رئاسة الحكومة والى مصرف لبنان مطالبة بالأرقام الرسمية. وبعد انتظار أسابيع، لم تصلها إلاّ ورقة من مستشار رئيس الحكومة سمير ضاهر مشكوراً، وهي ورقة حسابات عامة، لا أرقام رسمية، وليست تدقيقاً في موجودات المصارف والدولة، ولا يمكن بالتالي الاستناد إليها في ما نحن بصدده أي معالجة جدية لأزمة الودائع.
5- كررنت اللجنة طلب المعطيات المادية والأسس العملية للسير بالاقتراح المذكور خاصة بعد أن تبيّن أن المصارف تدعي أن الـ 100 ألف دولار الموعودة للمودعين، تتخطى ااـ 20 مليار دولار بظلّ عدم وجود أي تدقيق رسمي ومحايد في حساباتها وموجوداتها بعد 4 سنوات على الانهيار بحجة كلفة التدقيق البالغة، بحسب مصرف لبنان، 6 ملايين دولار وذلك بالرغم من إنفاق حكومة الشامي مليار ومائة مليون دولار من حقوق السحب دون العودة الى أحد. لذلك، بات السير بهكذا إقتراح من دون معطيات جدية مجرّد وهم ليصح وصفه “بالسمك بالبحر”. أما على صعيد الأقتراح الثاني والمتعلق بإعادة هيكلة المصارف، فقد أكد نائب رئيس الحكومة خلال الجلسة الأخيرة للجنة والتي عقدت في 3 نيسان 2023، نه عاد الى طور التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وهو ما أكده كذلك ممثلو صندوق النقد خلال اجتماع النائب كنعان معهم في واشنطن، في 12 نيسان 2023.
6- إذاً، إن لجنة المال والموازنة، لا تملك المعطيات القانونية والمادية البديهية للبت بقانون استرداد الودائع هذا بمعزل عن الملاحظات الجوهرية التي لدى أعضائها حول تصنيف الاقتراح المذكور الودائع بين مؤهلة وغير مؤهلة وعدم الوضوح في كيفية تغذية صندوق الودائع. كما أن لجنة المال لم تتسلّم صيغة اقتراح جديد لقانون إعادة هيكلة المصارف الذي يتم التفاوض عليه مع صندوق النقد، وهو الذي يحتاج إلى تصنيف المصارف بين تلك القادرة على الاستمرار وغير القادرة على ذلك، وهو ما لا يتحدد إلاّ من من خلال التدقيق في التزاماتها وموجوداتها.
فعن ماذا يتحدّث نائب رئيس الحكومة؟
وهل يجوز أن تصل الخفة بمسؤول حكومي في هذا الموقع، للخروج بمثل هكذا كلام دون احترام أو حتى معرفة بالأصول والوقائع، لا بالشكل ولا بالمضمون؟
ونلفت إلى أن تأخير الحكومة في التدقيق بموجودات المصارف والدولة كلّف المودعين 100 مليار دولار حتى الآن أما إقرار قانون الصندوق السيادي فلم يكلّف شيئاً، بل شكّل نموذجاً إصلاحياً وأملاً حقيقياً ممكناً للبنان، مع العلم، وخلافاً لاستنتاج الشامي فإن عقود بيع الغاز الطبيعي، وخلافاً للنفط، تتم بمجرد الاكتشاف وقبل الاستخراج ولآجال طويلة.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة المال والموازنة، وفي انتظار معطيات الحكومة المغيبة لغاية في نفس يعقوب، اقرّت قانون الطاقة المتجددة المدعوم من البنك الدولي والذي يوفّر 30% من كلفة الطاقة على اللبنانيين، بالإضافة إلى اعتمادات للرواتب وتعويضات النقل.
وفي الختام نقول “هل المطلوب إفرار قانون صوري لاسترداد الودائع، كقانون الدولار الطالبي، كما إعادة هيكلة صورية للمصارف وفقاً لحساباتها وأرقامها دون تدقيق محايد؟
فاقتضى التوضيح”.