خاص-انفينيتي نيوز

تعيدنا أزمة بنك وادي السيليكون إلى العام 2008 وبالتحديد شهر اَب، والأزمة المالية التي عصفت بالإقتصاد العالمي حين ذاك، حيث اعتبرها الخبراء من أعنف الأزمات (الاقتصادية – المالية) العالمية منذ أزمة الكساد الكبير (1933-1929)، وقد انطلقت أيضًا من أميركا (الدولة ذات الإقتصاد الأهم والأكبر من حيث الحجم عالميا فهو يبلغ حوالي 14 تريليون دولار، و60% من السيولة الدولية، وكانت أسبابها ناتجة اساساً عن مشكلة الرهن العقاري، وانفجرت عندما حصل عجز كبير في سيولة البنوك التجارية ومؤسسات الإقراض المالية فيها، اثر ازدهار سوق القروض العقارية واستمرار التوسع في عمليات الإقراض في أسواق العقارات طيلة السنوات السابقة، بغض النظر عن الموقف المالي للمقترض، والتساهل في المطالبة بضمانات كافية للجهة المانحة للقروض سواء كانت بنوك تجارية ام مؤسسات اقراضية.

 

وقد بدأت الأزمة عندما انخفضت أسعار العقارات بشكل حاد في النصف الأول من عام 2007، وتعثر المقترضين وامتناعهم عن السداد، ولاسيما القروض الممنوحة في رهونات وضمانات غير كافية، مما جعل الأسواق المالية الدولية، وبخاصة الأميركية منها، تعاني من صعوبات وتعثرات في تسديد الالتزامات المالية ومستحقاتها. بالإضافة الى انتشار حالة اللايقين التي ساعدت في زيادة طلب سحب الودائع من قبل المودعين بسبب التخوف من حدوث أزمة سيولة.

أما السبب الأخر في تفاقم الأزمة فهو طريقة بيع العقارات أو ما تسمى بطريقة التوريق (Securitization) التي تعتمد آلية سندات رهون عقارية بفوائد يتم بيعها في الأسواق المالية العالمية، الأمر الذي أربك القطاع المصرفي الأميركي والعالمي، حيث تراجعت اقيام المحافظ الاستثمارية لدى البنوك العالمية، مثل بنك سيتي غروب (City Croup)، وبي ان بي باريبا (BNB) الفرنسي.

 

ومثلما كان الاقتصاد الأميركي ومؤسساته المالية بؤرة اندلاع الأزمة المالية العالمية، فان آثارها وانعكاساتها شملت الاقتصادات العالمية عموما، ومن ذلك الاقتصادات الأوربية، والدول النامية، وبخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، حيث كان للأزمة تداعيات واضحة في اقتصادات دول الاتحاد الأوربي والدول النامية وبخاصة الدول الصاعدة والآخذة في النمو، والدول المنتجة للنفط بأبعاد اقتصادية وسياسية ملموسة.

 

وفي الفترة الحالية يربط اختصاصيو الإقتصاد والمال حادثة بنك السيليكون بأزمة العام 2008، وسط تخّوف كبير لدى الشعب الأميركي وغيره من الشعوب، وترقّب مستمر لما ستؤول إليه الأمور في الأيام الحالية واللاحقة، لما لسقوط هذا المصرف من تبعات فارقة وبالخصوص على الشركات المودعة لديه والتي تتعامل معه، فكيف سيؤثر هذا الحدث على وادي السيليكون؟

 

وقد هز الإفلاس المفاجئ لبنك سيليكون ، القطاع المصرفي الأميركي حيث خسرت القيمة السوقية لأسهمه أكثر من 100 مليار دولار خلال 48 ساعة فقط، كما خسرت البنوك الأوروبية 50 مليار دولار أخرى في قيمة أسهمها، وامتدت الخسائر إلى بريطانيا والصين وألمانيا، وغيرها من الدول.

 

وبدأت أسواق العالم التأثر سريعا بأزمة أكبر إفلاس مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008، خاصة مع الوزن النسبي لبنك سيليكون المنهار الذي يصنف على أنه المصرف الأميركي السادس عشر من حيث حجم الأصول والتي تجاوزت 209 مليارات دولار في نهاية 2022، مع حجم ودائع قيمتها 175.4 مليار دولار، إضافة إلى قوة البنك داخل قطاع التكنولوجيا الأميركي وتأثيره على شركات التقنية حول العالم.

 

هذا وقد استحوذ بنك “إتش إس بي سي” على وحدة بنك “سيلكون فالي” البريطانية التابعة للبنك الأميركي المفلس مقابل جنيه إسترليني واحد. وقال الرئيس التنفيذي لبنك “إتش إس بي سي” نويل كوين، في بيان أن “هذا الاستحواذ يتمتع بمردود استراتيجي ممتاز على أعمالنا في المملكة المتحدة”. وذكر وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت أن الحكومة وبنك إنجلترا، سهلا بيع وحدة بنك سيلكون فالي في بريطانيا إلى “إتش إس بي سي” في خطوة من شأنها حماية الودائع دون دعم من دافعي الضرائب. وأوضح هانت أن هذا الأمر “يضمن هذا حماية ودائع العملاء ومواصلة العمل المصرفي كالمعتاد، دون دعم من دافعي الضرائب.. ويسعدني أننا توصلنا إلى حل في مثل هذا الوقت القصير”.

 

وبالطبع وجهت أزمة انهيار بنك “سيلكون فالي” ضربة قوية للأسهم المالية العالمية، التي خسرت 465 مليار دولار من قيمتها السوقية في يومين فقط، حيث قلل المستثمرون انكشافهم على قطاع البنوك من نيويورك إلى اليابان. وزادت الخسائر الثلاثاء حيث انخفض مؤشر MSCI للأسهم المالية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 2.7 بالمئة إلى أدنى مستوى منذ 29 تشرين الثاني، بحسب بلومبرغ. وفي اليابان، تراجعت أسهم مجموعة “ميتسوبيشي المالية” بنسبة 8.3 بالمئة، كما انخفضت أسهم “هنا فاينانشيال غروب” الكورية الجنوبية 4.7 بالمئة، وهبطت أسهم “ايه إن زد غروب هولدنغ” الأسترالية 2.8 بالمئة. وبحسب بلومبرغ فقد انخفضت القيمة السوقية الإجمالية للشركات المدرجة في مؤشر MSCI المالي العالمي ومؤشر MSCI EM Financials بنحو 465 مليار دولار منذ يوم الجمعة. وكانت البنوك الإقليمية الأميركية من بين الأكثر تضررا أمس الاثنين، حيث انخفض مؤشر KBW للبنوك الإقليمية بنسبة 7.7 بالمئة، وهو أكبر انخفاض له منذ تموز 2020.

وتراجعت أسواق آسيا والمحيط الهادئ خلال جلسة اليوم 14، بعد خسائر حادة خلال الليل في وول ستريت حيث تصارع المستثمرون مع تداعيات انهيار البنوك في الولايات المتحدة، بما في ذلك SVB. وفي اليابان، قاد مؤشر Topix الخسائر وانخفض بنسبة 2.67%، وتراجع مؤشر Nikkei 225 بنسبة 2.9% حيث انخفضت أسهم Softbank Group بـ 4% إلى أدنى مستوى لها منذ أكتوبر من العام الماضي في التعاملات المبكرة. هذا وانخفض مؤشر kospi في كوريا الجنوبية بنحو 2.5%، وانخفض مؤشر Hang Seng في هونغ كونغ بنسبة 2.19%، بينما انخفض مؤشر Shanghai المركب بنسبة 0.48% وانخفض مؤشر Shenzhen بنسبة 0.58%.

 

Share.
Leave A Reply

Exit mobile version