اعتداءات على “اليونيفيل” تُحرج لبنان… ماذا عن “التّجديد”؟
اعتداءات على “اليونيفيل” تُحرج لبنان… ماذا عن “التّجديد”؟
ارتفعت في الأيام والأسابيع الأخيرة وتيرة الاعتداءات على قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) من قِبَل أهالي بلدات جنوبية، بحجّة أن هذه القوات «تدخل أملاكاً خاصة بالأهالي من دون وجود الجيش اللبناني معها»، وهذا ما يحرج الدولة اللبنانية، خصوصاً أن هذه الحوادث تأتي قبل شهرين من موعد تمديد مهامها لسنة إضافية، وسط دعوات أميركية بإنهاء دورها والتلويح بوقف تمويلها.
آخر المواجهات بين أبناء البلدات الجنوبية والقوات الدولية، وقعت الأربعاء في بلدة ياطر، حيث عمد أشخاص مدنيون إلى منع دورية من دخول البلدة، ومحاصرتها إلى حين تدخل الجيش اللبناني. وبرر الأهالي هذا الفعل بأن القوة الدولية التي منعت من التوغّل في البلدة «التفّت ودخلت من جهة أخرى وحاولت التمركز في مكان يقع مقابل موقع راميا الإسرائيلي».
وقال المتحدث الرسمي باسم «اليونيفيل»، أندريا تيننتي، إن «مجموعة من الرجال بملابس مدنية أوقفت صباح الأربعاء جنود حفظ السلام التابعين لـ(اليونيفيل) في بلدة ياطر، وذلك أثناء قيامهم بدورية مُخطط لها بالتنسيق مع الجيش اللبناني».
وأضاف: «كان الوضع هادئاً، وتمكّن جنود حفظ السلام من مواصلة طريقهم بعد نحو ثلاثين دقيقة. وخلافاً لبعض التقارير الإعلامية، لم يُشهر جنود حفظ السلام أسلحتهم».
وذكّر الجميع «بأن قوات حفظ السلام تعمل في جنوب لبنان بناءً على طلب الحكومة اللبنانية، وبتكليف من مجلس الأمن، وأن أنشطتنا تُنسّق مع الجيش اللبناني. وأي تدخّل في أنشطة جنود حفظ السلام أمرٌ غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان بموجب (القرار 1701)».
يبرر الأهالي اعتراضهم على أداء قوات «اليونيفيل»، بادعائهم أنها تقوم بأفعال تخرج عن نطاق صلاحياتها، إذ لا يصحّ لها أن تنفّذ دوريات إلّا بمؤازرة الجيش اللبناني، في وقت أوضح مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، أن «آخر تعديل طرأ على مهام (اليونيفيل) أجاز لها بالتحرك وتسيير دوريات على الطرق العامة والرئيسية من دون مؤازرة الجيش اللبناني».
وأشار المصدر إلى أن «الإشكالات تحصل عندما تحاول القوات الدولية الدخول إلى أملاك خاصة أو بعض المنازل ومن دون تنسيق مسبق مع الجيش»، لافتاً إلى أن الجيش «دائماً يتدخّل بسرعة عند وقوع الإشكالات ويمنع أي اعتداء على القوات الدولية».
إشكال بلدة ياطر، وقع بعد ساعات على اعتراض دورية أممية دخلت الضاحية الجنوبية يوم الثلاثاء عن طريق الخطأ، وبعد أقل من أسبوع على حادثي اعتداء على هذه القوات، الأول في بلدة الجميجية الجنوبية، والثاني ما بين بلدتي شقرا وعيناتا. ورفض الخبير العسكري والاستراتيجي العميد سعيد القزح «تحميل المدنيين في الجنوب مسؤولية الإشكالات مع (اليونيفيل)»، عادّاً أن «حزب الله» اعتاد استخدام الأهالي بوصفهم واجهة، والتذرع بأن مَن يعترض على أي عمل تقوم به الدولة اللبنانية أو قوات الطوارئ الدولية، هم الأهالي سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً ويدفع بهم إلى الواجهة. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الحوادث المتكررة تأتي للتغطية على حدثٍ ما أو مهمة ما يقوم بها (حزب الله) ولا يريد لقوات الطوارئ أن تكتشفه أو تكون شاهدة على ذلك».
وقال: «هذه الحوادث لا ينفذها الأهالي المدنيون، بل كتيبة الاحتياط التي يحرّكها الحزب لقطع الطريق على دوريات الطوارئ، مرة بحجة أن الجيش لا يرافقها، ومرة بحجة أن عسكري ما قام بتصوير النساء أو المنازل، ودائماً بحجج واهية من أجل عرقلة وإعاقة مسارها، حتى يتدخل الجيش اللبناني لفض الإشكال، كسباً للوقت حتى يكون الحزب قد انتهى من العمل الذي يقوم به».
وتحمل هذه الحوادث المتلاحقة إشارات سلبية إلى المجتمع الدولي عشيّة موعد التجديد لهذه القوات في الأول من آب المقبل لسنة جديدة، الذي يطالب به لبنان كلّ عام، واعتبر العميد القزح أن «هذه الإشكالات تبعث برسائل إلى الدول المنتمية إليها قوات (اليونيفيل)، بأن عناصرها يعملون في بيئة غير صديقة لهم، وعليهم الانصياع وعدم تخطي الحدود التي تحددها هذه البيئة، في عرقلة واضحة لتطبيق القرارات الدولية منذ عام 2006، وقد رأينا أن الحزب استطاع إعادة بناء نفسه منذ ذلك التاريخ، وحتى حرب الإسناد، دون أن تكتشف قوات الطوارئ الأعمال التي كان ينفذها الحزب، باستعماله الأهالي للتغطية على ما كان يقوم به من أعمال تحصين وبناء».
الاعتداء الأخطر الذي تعرضت له «اليونيفيل» هذا العام، وقع على طريق مطار بيروت الدولي، حيث هاجم مناصرون لـ«حزب الله» موكباً للقوات الدولية منتصف شهر شباط الماضي، وعمدوا إلى إضرام النار في إحدى مركبات القافلة ما تسبب في إصابة ضابطين أحدهما نائب قائد القوات الأممية المنتهية ولايته، ما استدعى مواقف دولية غاضبة، كما وصفت فرنسا الحادث بـ«جريمة حرب». وأسفر الحادث يومها عن توقيف أكثر من 20 شخصاً وإحالتهم إلى القضاء العسكري.
وحذّر العميد سعيد القزح من «خطر سحب بعض الدول لوحداتها مما يعطي إسرائيل و(حزب الله) حرية الحركة دون مراقبة وتوثيق». وذكّر بأن «الفصل السادس من شرعة الأمم المتحدة يجيز لقوات حفظ السلام استعمال السلاح في حالة الدفاع عن النفس فقط، لذلك فإن أي خطر قد تتعرض له عناصر قوات الطوارئ يسمح لها بالدفاع عن نفسها، وهذا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، ويستجر اعتداءات أخرى عليهم»، معتبراً أن «الهدف من تكرار هذه الحوادث هو إخضاع قوات الطوارئ إلى منطق (حزب الله) الذي يريد فرضه على قرار التجديد للقوات الدولية».
يوسف دياب – الشرق الاوسط