“لا حل إلا بإعادة بناء الدولة”… سلام في ذكرى الحرب الأهلية: درسًا يجب ألا يُنسى
“لا حل إلا بإعادة بناء الدولة”… سلام في ذكرى الحرب الأهلية: درسًا يجب ألا يُنسى
ويشار إلى أنَّ هذه المبادرة الرمزية تهدف إلى توحيد اللبنانيين، كل من موقعه، في لحظة تأمّل وطني صادق، نستحضر فيها المآسي التي شهدها لبنان بين عامي 1975 و1990، وما خلّفته من ضحايا ودمار وانقسام، ولجعل الذكرى منصة لإعادة بناء الذاكرة الجماعية بما يخدم مسيرة المصالحة والإنقاذ.
وفي كلمة ألقاها في افتتاح معرض “خمسون في خمسين” بمكتبة لبنان الوطنية، بمناسبة مرور خمسين عامًا على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، شدد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام على أهمية استرجاع دروس الماضي، مؤكدًا على ضرورة عدم نسيان ما مر به الوطن من ألم ودمار.
وقال سلام: “نقف اليوم في الذكرى الخمسين لانطلاق شرارة الحرب في لبنان، لا لنفتح جراحًا لم تندمل، بل لنتذكر درسًا يجب ألا يُنسى، ونُحيي في ذاكرتنا الجماعية ما مرّ به وطننا من ألمٍ ودمار. فنأمل أن تكون هذه الذكرى سداً منيعا يمنع تكرار المأساة التي عشناها في الماضي”.
وتابع: “منذ خمسين عامًا، انطلقت شرارة حرب دموية مزّقت لبنان في مختلف مناطقه وطوائفه. سقط عشرات الآلاف من الضحايا، وتشرّد مئات الآلاف، وضلّ المفقودون في مصير مجهول. عاصمتنا بيروت تحولت من مركز للتلاقي والحوار إلى ساحة قتال ودمار”.
وأشار سلام إلى “الصمت الثقيل الذي تلا الحرب، والمصارحة التي لم تكتمل، والعدالة التي لم تتحقق”، معربًا عن أسفه لأن “كل بيت في لبنان يملك قصة معلّقة مع تلك الحرب: قتيل لم يُدفن، مخطوف لم يُعَد، أو خوف متجذّر في النفوس من عودة تلك الأيام السوداء”.
وأضاف: “لكننا لا نعيش فقط في الماضي. بعد خمسين عامًا، لبنان ما زال في صراع من أجل النهوض، والشباب الذين لم يعايشوا الحرب، يعيشون اليوم في ظل تبعاتها، في مواجهة مع نظامٍ متكلّس، ومصالح ضيّقة تقيد طاقاتهم وتكبح طموحاتهم”.
وتابع: “لقد أثبتت الحروب المتعاقبة أن لا أحد يربح فيها. فكل الأطراف كانت خاسرة، وكل الانتصارات التي تحققت تبين أنها زائفة. الحروب أدت إلى تهديد أمن البلاد، زعزعة استقرارها، وانتهاك سيادتها. آن الأوان لوقف الخطابات التي تفرقنا، ولنبني خطابًا يوحدنا ويبني دولة المواطنة”.
وفيما يخص أسباب الحرب، قال سلام: “مهما تباينت الآراء حول أسباب الحرب، فإن الجميع يتفقون على أن غياب الدولة كان السبب الجذري. فقد سعى كل طرف للتحالف مع الخارج وجلب السلاح، فيما كانت الدولة غائبة عن الساحة”.
وأكد على ضرورة العودة إلى ما ارتضيناه في ميثاق الطائف: “يجب تطبيق بنود الطائف بالكامل، وإصلاح ما تم تطبيقه خلافًا لنصه وروحه، وأن نعمل على سد الثغرات وتطويره. لا دولة حقيقية إلا في احتكار الدولة للسلاح الشرعي عبر القوات المسلحة”.
وشدد سلام على أنه يجب بناء دولة قوية عادلة تحقق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين، دولة مدنية تعتمد على الكفاءة لا المحسوبية، وتكون أساسًا لإصلاح القطاع العام وتوفير بيئة آمنة تشجع الشباب على البقاء والعمل في وطنهم.
كما دعا إلى مسؤولية الدولة في معالجة ملفات المفقودين والمخطوفين بجدية وشفافية وصولًا إلى الحقيقة: “لننظر معًا إلى الأمام، إلى لبنانٍ جديد، يليق بتضحيات أبنائه، ويحتضن طموحات شبابه”.
وفي ختام كلمته، دعا إلى “دقيقة صمت وطنية شاملة” في تمام الساعة الثانية عشرة ظهر يوم 13 نيسان، تحت شعار “منتذكر سوا، لنبني سوا”. وأضاف: “رحم الله شهداء لبنان، وشفى الجراح التي لم تلتئم بعد، وحمى الله لبنان واللبنانيين”.