ضغطٌ عسكري… وهيمنة أميركية على المفاوضات المرتقبة!
بينما يُنتظر أن يجتمع الموفد الرئاسي الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عمان يوم السبت، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن المفاوضات المرتقبة ستجري في ظل تصعيد عسكري أميركي ضخم. فقد أكدت القيادة المركزية الأميركية أن حاملة الطائرات “كارل فينسون” قد دخلت منطقة عملياتها في الشرق الأوسط.
وقال مسؤول أميركي لـ”العربية” أن هذه القوة البحرية ستظل في المنطقة خلال الأيام القليلة المقبلة، وستكون جاهزة لتنفيذ المهام المطلوبة منها، مع توقع وصول الحاملة إلى الشواطئ الإيرانية، وهو الهدف الرئيس من نشرها، إلى جانب نشر قوات بحرية وجوية ضخمة.
وكان وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، قد أعلن في وقت سابق من هذا الشهر عن طلبه بقاء حاملة الطائرات “هاري ترومان” في منطقة العمليات التابعة للقيادة المركزية، كما أمر بإرسال أسراب جوية إضافية إلى المنطقة. في غضون ذلك، أفادت تقارير غير رسمية بأن أميركا قد أرسلت أيضًا أسرابًا من طائرات “إف 35” إلى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى نشر منظومات دفاع جوي مثل “باتريوت” و”ثاد”.
كما أكد مسؤولون أميركيون أن هذه القوات العسكرية الضخمة تأتي في توقيت حساس، حيث تتزامن مع المفاوضات الأميركية الإيرانية في عمان، ما يضيف بعدًا عسكريًا شديد الأهمية لهذه المفاوضات. يعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أن هذه الحشود تهدف إلى إرسال رسالة قوية لإيران حول عزم واشنطن على اتخاذ إجراءات عسكرية إذا لم تُلبِّ إيران الشروط الأميركية.
وأوضحت مصادر دبلوماسية أن إدارة ترامب قد بدأت بالفعل بتوجيه ضربات جوية ضد الحوثيين في اليمن، بهدف إظهار القوة العسكرية الأميركية لإيران. وأفادت بعض التقارير بأن واشنطن تسعى للتوصل إلى اتفاق سريع مع طهران بشأن “البرنامج النووي” الإيراني على الأقل. ووفقًا للتقديرات الاستخباراتية الأميركية، كانت إيران قد سعت إلى تطوير قنبلة نووية “بسرعة” قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ولذلك ترغب الولايات المتحدة في التأكد من أن إيران لن تتمكن من تحقيق هذا الهدف.
أما بالنسبة للجانب الأميركي في المفاوضات، فإن الأولوية هي لإجبار إيران على التخلي عن كميات اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 60%، بالإضافة إلى ضرورة التوقف عن أي عمليات تخصيب بشكل كامل، وفكّ برنامجها النووي لتفادي التصعيد في الأزمة. كما تتمسك واشنطن أيضًا بمطلب تخلّي إيران عن برنامج الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى التي قد تشكل تهديدًا للأمن الإقليمي وللمصالح الأميركية في المنطقة.
في المقابل، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة على التفكير الإيراني أن طهران قد تكون مستعدة لتقديم مرونة في القضايا النووية، وقد تتفاوض بشأن الجماعات التابعة لها في الشرق الأوسط، خصوصًا أن إيران باتت ترى أن تلك الجماعات قد فشلت في تحقيق أهدافها في أماكن مثل سوريا ولبنان واليمن.
من جهة أخرى، كان مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك وولتز، قد شدد على ضرورة تفكيك “التهديد الإيراني” في جانبيه: التخصيب النووي وبرنامج الصواريخ، وهو ما تؤكد عليه الإدارة الأميركية.
ورغم هذه النقاشات، فإن تلبية إيران لجميع الشروط الأميركية دفعة واحدة قد يكون أمرًا صعبًا. إذ ترغب إيران في الحفاظ على برنامج صواريخها باعتباره جزءًا من شعورها بالأمان، حتى لا تجد نفسها في موقف مماثل لليبيا قبل عقدين من الزمن.
وفيما تتواصل المفاوضات، فإن إيران ستدخل في “مرحلة الأسابيع الخمسة” المقبلة، حيث ستشهد المنطقة زيادة في القوة العسكرية الأميركية البحرية والجوية. وتشمل هذه الفترة أي ضربات محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية أو مراكز القيادة والتحكم، في إطار الاستعدادات العسكرية الأميركية.
من جانبها، تسعى واشنطن من خلال هذه الإجراءات إلى إرسال “كل الإشارات الضرورية” للمفاوضين الإيرانيين، مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة لشن الحملة العسكرية في حال عدم قبول طهران بالشروط المطروحة عليها.