مقالات

نصائح للبنان بعدم انتظار محادثات عُمان

نصائح للبنان بعدم انتظار محادثات عُمان

السبت لناظره قريب… ولـ «مُنْتِظره» ثقيل. فإذا كانت المنطقة والعالم يترقّبان انطلاق محادثات «اختبار النيات» في عُمان بين الولايات المتحدة وإيران باعتبارها ستؤشر لإمكان تجنُّب حربٍ قُرعت طبولها بقوةٍ في الأيام الأخيرة قبل المفاجأة التي أطلّت برأسها من «البيت الأبيض» خلال استضافة الرئيس دونالد ترامب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإنّ لبنان الذي يسير «فوق جمر» النار التي رُمي في فوهتها غداة «طوفان الأقصى» ينتظر هذا المسار المعقّد مُثْقَلاً ومُثْخَناً بكل التداعيات المدمّرة لمواجهاتٍ سبتمبر – نوفمبر الماضييْن بين اسرائيل و«حزب الله» والتي تباطأ إيقاعُها وضاقتْ جغرافيتها منذ اتفاق وقف النار ولكنها أبقت «بلاد الأرز» على مقعد البدلاء عن «أصيلين» يُخشى أن يَقتادوه مجدداً إلى «محرقةٍ» معهم وربما… عنهم.

وفيما كانت عملياتُ «المسْح» على أشدّها لكلّ ما رافَقَ المحادثات «غير المريحة» التي أجْراها نتنياهو مع ترامب والتي انطبعتْ بتقارُب وحفاوة في الشكل وتَباعُد في المضمون خصوصاً لجهة «المفاجأة الصادمة» لرئيس الوزراء الاسرائيلي بالإعلان عن «المفاوضات المباشرة» مع إيران (أكدت الأخيرة أنها ستكون غير مباشرة) التي تفضّل تل أبيب «ضمان» تَصفير برنامجها النووي بضربة عسكرية في مقابل عدم ممانعة واشنطن بلوغ الهدف نفسه سِلمياً وبـ «وهج» التلويح بالحرب، بقيتْ النصائح لبيروت بعدم الرهان على مآلاتِ ما سيَجْري بين الولايات المتحدة وإيران والذي قد يتطلّب وقتاً للتبلور رغم حرص الإدارة الأميركية على تَفادي الانزلاق إلى عملية استنزافٍ للوقت تتقنها «الجمهورية الإسلامية» لـ «إمرار العواصف»، وهو ما جَعَلها تُعْلي التفاوض المباشر وإن ربما مروراً بجولةِ «تحمية» غير مباشرة.
وهذه النصائح كانت بدأتْ مع الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس التي اختصرتْ أوساطٌ سياسيةٌ جوهرَ ما حَمَلَتْه بأنه وجوبُ «فصلِ المساريْن» بين ما يتعيّن على لبنان القيامَ به تحت عنوان «نزْع سلاح حزب الله بسرعة» لدفْع البلاد نحو حقبةٍ جديدةٍ وبين ما سيكون على جبهة إيران، صِداماً أو احتواءً، في الملف النووي وأخواته (البالستي وأذرع إيران في المنطقة)، في مقابل «تلازُم المسارين» بين سحْب السلاح وإنجاز الإصلاحاتِ المالية والمصرفية ومكافحة الفساد والإرهاب.

وبحسب «خريطة الطريق»، يتعيّن على لبنان أن يقوم بما عليه في الشِقّ الإصلاحي والسيادي وعدم جعْل مخاوف التصادُم مع حزب الله أو النزاع الأهلي سبَبَاً لـ إبطاءٍ – قد يكون «باهظ التكلفة» – لمسيرةِ «استعادة الدولة من الدويلة»، وإلا يَفقد الحماية الأميركية لعملية بناء الدولة والنهوض المتعدّد البُعد، ويتعمّق انكشافه وحيداً على اسرائيل التي «تفرض بالنار» تنفيذ اتفاق وقف النار وفق تفسيرها لمندرجاته، وهو ما يجعل العين الأميركية والدولية – العربية لصيقةً على أمرين:

– كيفية ترجمة لبنان الرسمي تعهّداته بحصر السلاح بيد الدولة وتطبيق الإصلاحات.

– ومعاني «الحوار» حول سلاح «حزب الله» الذي يُراد أن يكون إطاراً ناظماً لهه القضية، وهل هو «تفاوض» يطول المبدأ والجدوى، وهذا سيَعني عودةَ الحزب وفق خصومه إلى منطق «إلى أن تَقتنعوا بمنطقنا، لن نسلّم» وفتح الباب أمام مقايضاتٍ ولو انتفتْ مرتكزاتُها في ضوء الخسائر التي مُني بها حزب الله والمحور الإيراني، أم أنه تحاوُر مع الحزب على آلية تسليم سلاحه والجدول الزمني لذلك وتخوضه الدولة منفردة معه، علماً أن الأطراف السياسية الوازنة خصوصاً المعارضة لن تسير بأي طاولةٍ حوار يتناول هذا الملف ولو تحت عنوان «استراتجية الأمن الوطني».

“سرطان ينبغي استئصاله”

ولم يكن عابراً أن تكمل اورتاغوس في حديث مع «العربية الانكليزية» مواقفها العالية مشبّهة «حزب الله» بأنه «سرطان ينبغي استئصاله أذا أريد للبنان أن يتعافي»، ومتهمة إيران بأنها «تجرّ الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة وخطيرة من عدم الاستقرار» وزجّت لبنان عبر الحزب في حربٍ «لم تكن الحكومة اللبنانية تريدها».

وإذ أكدت «أن حكومة الرئيس نواف سلام تعمل بسرعة جداً لإنجاز الاصلاحات قبل اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي الشهر الحالي»، كشفت أنها أكدت للمسؤولين اللبنانيين وجوب إنجاز الإصلاحات وقوانينها في البرلمان «لإظهار أن لبنان جدي فيها وأن الأمر ليس مجرّد كلام».

وفي موضوع سلاح «حزب الله» وسحبه بسرعة أكدت «ما نطلبه ليس سهلاً ولكن إذا لم يقوموا به لن ينقذوا بلدهم، فإما ينزلقون أكثر في الهوة والقعر السحيق، وإما يختارون لحظة لا تتكرر إلا مرة كل جيل لاستعادة بلدهم وأعتقد ان الرئيسين (جوزف) عون وسلام يمكنهما القيام بذلك».

500 موقع

في موازاة ذلك، نقلت وسائل إعلام لبنانية معلومات أمنية عن أن «الجيش اللبناني عالج منذ بدء عمل اللجنة المولجة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار والقرار 1701 (يترأسها جنرال أميركي وتضم ضباطاً من لبنان واسرائيل وفرنسا واليونيفيل) 500 موقع لبنى تحتية عسكرية ومخازن أسلحة تابعة لحزب الله في جنوب الليطاني».

ولم تحجب هذه العناوين الأنظار عن محطات خارجية مرتقبة الأسبوع المقبل لكل من عون وسلام، حيث يُرتقب أن يزور الأول، الدوحة، في 16 ابريل الجاري، تلبية لدعوة وجهها إليه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على أن يتوجّه في اليوم نفسه إلى دولة الامارات العربية المتحدة، للقاء كبار المسؤولين، ويعود الى بيروت.

سلام إلى دمشق

وإلى دمشق يتوجّه رئيس الحكومة مطلع الأسبوع الطالع لبحث مجموعة ملفات، أبرزها النازحين وضبط الحدود البرية وترسميها ومنع التهريب على أنواعه، أسلحة ومخدرات (وهو مطلب أميركي كررته أورتاغوس، ودولي)، وتفعيل ما جرى الاتفاق عليه في الرياض وبرعايتها بين وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة ونظيره اللبناني ميشال منسى لجهة «الأهمية الاستراتيجية لترسيم الحدود وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة بينهما في عدد من المجالات».

وكان ملف الحدود حضر في لقاء عون مع وزير الدفاع اليوناني نيكولا ديندياس، حيث أطلع الرئيس اللبناني ضيفه، إلى جانب الوضع في الجنوب، على اللقاء الذي جمعه في باريس مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في حضور الرئيس ايمانويل ماكرون والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس والمواضيع التي تم التطرّق إليها في إطار التعاون بين لبنان واليونان وقبرص.

الرأي الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce