مقالات

ترحيل قيادات “حماس” من لبنان… دقّت ساعة الحسم؟

ترحيل قيادات “حماس” من لبنان… دقّت ساعة الحسم؟

زارت المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس لبنان، جالت على المسؤولين، قالت كلمتها ومشت. ويُنتظر كيف ستتعامل الدولة مع مطالب الزائرة الأميركية، خصوصاً في ملف السلاح غير الشرعي المنتشر على الأراضي اللبنانية.

لا يمكن تلطيف الموقف الأميركي مهما حاول البعض الإيحاء بإيجابية ما. قد يكون أسلوب أورتاغوس ألطف هذه المرّة من سابقتها، لكن المضمون واحد، وضع جدول زمني لسحب السلاح وتطبيق القرار 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة، على رأسها 1559، وفرض سلطة الدولة على كل الأراضي، وضبط الحدود اللبنانية – السورية والمطار والمرفأ والشروع فوراً بالإصلاحات المطلوبة.

يشكّل بند السلاح غير الشرعي إحدى أبرز الأزمات التي يعاني منها لبنان. هذا السلاح جرّ لبنان إلى مواجهة دامية ومدمّرة مع إسرائيل تحت عنوان إسناد غزة التي افتعلتها حركة “حماس”، وقد يأتي بالويلات مرّة جديدة إذا تجدّدت الحرب.

شكت أورتاغوس من بطء الدولة اللبنانية في التعامل مع الملفات الشائكة وأبرزها السلاح غير الشرعي، وبما أن ملف سلاح “حزب الله” لديه تعقيدات داخلية، يبقى ملف السلاح الفلسطيني هو الأبرز وباستطاعة الدولة حلّه في أي لحظة.

يشكّل نشاط قيادة حركة “حماس” في لبنان خطراً داهماً يمكنه تفجير الوضع في أي لحظة، فالدولة القوية التي تحترم سيادتها لا يمكنها صرف النظر عن نشاط حركة مسلّحة غريبة تستخدم البلد كمنصة للتحرّك السياسي والعسكري.

يخشى لبنان من تكرار سيناريو ما بعد 1967 والانفلاش الفلسطيني المسلّح، لكن مع فارق جوهري يتمثّل بأن العطف السني والداخلي في تلك المرحلة والموقف العربي كان إلى جانب منظمتي “التحرير الفلسطينية” وحركة “فتح”. أما اليوم، فتُصنف “حماس” في قاموس السلطة الفلسطينية أولاً حركة مسلّحة خارجة عن السلطة، وعربياً إحدى أهم أذرع إيران في المنطقة. ويتساءل عدد من القيادات الفلسطينية عن عدم قدرة الدولة على حزم أمرها والتعاطي مع “حماس” كمنظمة خارجة عن القانون اللبناني، في حين تعمل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية على ضبط تحركاتها لمنع تمدّد دمار غزة إلى هذه المناطق.

ورأى العالم كلّه كيف تظاهر أهل غزة للمطالبة بالتخلّص من حكم “حماس” وصرخوا “حماس برّا برّا”، وبالتالي يطرح سؤال جوهري: لماذا هذا التراخي في لبنان تجاه تحركات “حماس” المشبوهة؟ ولماذا تعريض أمن اللبنانيين والفلسطينيين للخطر نتيجة تغلغل هذه القيادات بين المدنيين واستدعاء الاستهدافات الإسرائيلية مثلما حصل في صيدا أخيراً؟

بعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، تسلم الجيش السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وحصل اتفاق بين الرئيس اللبناني جوزاف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس على حلّ قضية السلاح داخل المخيمات وضبطه، وينطبق هذا الأمر على كل الفصائل الفلسطينية. وتتحرّك “حماس” بشكل عسكري مشبوه بين الشمال والجنوب وخصوصاً في مخيم عين الحلوة، وتحاول تجنيد فلسطينيين ولبنانيين من أجل الاستعداد للقتال حسب أكثر من مصدر أمني، والدليل هو تحرّك “الجماعة الإسلامية” في حرب “الإسناد” وتنفيذها لهجمات عدّة.

تتمتّع “حماس” بغطاء إيراني ومن “حزب الله” في الداخل. ووسط ارتفاع المطالبات بترحيل قيادات “الحركة” من لبنان، ثمة رأي جامع في الدولة اللبنانية يؤكّد عدم القدرة على الاستمرار بالسياسة نفسها والكذب والتذاكي على المجتمع الدولي، وإذا كان هناك من بوادر حسن نية فتطبيق القرارات الدولية والدستور اللبناني يبدأ بجمع السلاح غير الشرعي الفلسطيني، وخصوصاً سلاح “حماس”، والانتقال إلى الخطة الثانية وهو ترحيل قيادات الحركة من لبنان حمايةً للفلسطينيين واللبنانيين.

وإحدى الأفكار المطروحة هو ترحيلهم إلى قطر أو تركيا على طريقة سحب قيادات “الجماعة الإسلامية”. فلبنان تحت رقابة الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع العربي والدولي، وتنفيذ مثل هكذا أمر يخفف الضغط قليلاً عنه، أما استمرار الدولة بالتغاضي عن هذا الملف فسيجلب الحرب والاستهدافات ويعطي مبرراً لإسرائيل لاستكمال حربها.

بما أن خطاب القسم كان واضحاً في تحديد مشكلة السلاح غير الشرعي، ممَّ تخاف الدولة اللبنانية ولماذا لا تتخذ مثل هكذا خطوة إذا كانت تحظى بغطاء فلسطيني وعربي ودولي؟ ولماذا تبقي منظمة عسكرية على أراضيها؟ ولماذا تتخلّى عن سيادتها؟ وأين كل الوعود بعودة الدولة؟

حتماً البداية تكون بالوعد الأسهل، وهو ترحيل قيادات “حماس” العسكرية والسياسية من أرضها وإثبات أن الدولة عادت وليس المزرعة.

آلان سركيس – نداء الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce