أخبار محلية

قمة لبنانية- فرنسية في الاليزيه

رئيس الجمهورية يناشد وقف التدهور ومساعدة لبنان وماكرون: يجب البدء بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا

قمة لبنانية- فرنسية في الاليزيه
رئيس الجمهورية يناشد وقف التدهور ومساعدة لبنان وماكرون: يجب البدء بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا

شكر رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون فرنسا على الجهود التي بذلتها وتبذلها لمساعدة لبنان في شتى المجالات، واكد ان “ثمةَ مقتضياتٌ مطلوبةٌ منا كمواطنين لبنانيين وكدولة ومسؤولين” تتعلق ببناء دولة قوية سيدة يحميها جيشها وقواها الرسمية دون سواه. وناشد فرنسا المساعدة لحل مشاكل كبيرة يعاني منها لبنان وهي: أعلى نسبةِ نازحين ولاجئين، وأكبرُ أزمةٍ نقديةٍ مالية، وأكبرُ نسبةِ حدودٍ غيرِ مستقرة لدولةٍ سيدة، مشيراً الى ان الدولة بدأت العمل على حل هذه الازمات بالتعاون مع المجتمع الدولي.
وعن التصعيد الإسرائيلي اليوم وعملية اطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، اكد الرئيس عون ان الجيش اللبناني يقوم بتحقيقاته لمعرفة من أطلق الصواريخ، ونحن بحسب تجربتنا السابقة، الأدلة الموجودة على الأرض تثبت ان حزب الله ليس له علاقة.
واضاف الرئيس عون: ” نتطلع لان تتحرّرُ كلُ أرضِنا المحتلة، ونثبّتُ حدودَنا الدولية كلَها، ونطبّقُ القراراتِ الأممية ذاتَ الصلة، ونعودُ إلى مظلةِ اتفاقيةِ الهدنة للعام 1949 والتي أُقرت في حينه، تطبيقاً لقرارٍ أمميٍ مُلزِمٍ صادرٍ تحت أحكامِ الفصلِ السابعِ من شرعةِ الأمم المتحدة.
واعتبر انه آنَ أوانُ الإيفاءِ بحقوق الفلسطينيين “إيماناً بهذا الحقِ الإنساني أولاً، وضماناً لاستقرارِ منطقتِنا ثانياً، وتأميناً للمصالحِ الحيوية لكلِ العالمِ، المرتبطِ بشكلٍ أو بآخر، بهذا الجزءِ المركزي من كوكبِنا.”
من جهته، اعتبر الرئيس ماكرون ان عمليات قصف بيروت اليوم غير مقبولة والتوتر على جانبي الخط الأزرق هو نقطة تحول، مشيرا الى ان ضربات اليوم وعدم احترام وقف اطلاق النار هي اعمال أحادية تخرق التزامات ووعود وتصب في خانة حزب الله، وقال:” الجيش الاسرائيلي يجب ان ينسحب في اسرع وقت ممكن من المواقع الخمسة التي يحتلها في الأراضي اللبنانية، لكي يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار ويتمكن اللبنانيون من العودة”
وكشف عن اقتراح قدمه بنشر بعض قوى اليونيفيل في المناطق الحساسة التي توجد فيها إسرائيل حاليا بالتنسيق مع الجيش اللبناني واشراف آلية مراقبة وقف اطلاق النار بمشاركة ضباط اميركيين وفرنسيين.
وعن موضوع ضبط الحدود اللبنانية السورية، لفت الى أنه في خلال اللقاء اليوم مع الرئيس السوري كان هناك وضوح كبير جداً من قبله للمساهمة في ضبط الحدود من أجل أمن لبنان، مبديا استعداد فرنسا لأن تضع بتصرف الطرفين آلية عسكرية لتسهيل الأمر، وبعض الإمكانات للمراقبة ومتابعة مكافحة المهربين ونقل السلاح.
مواقف الرئيسين عون وماكرون جاءت بعد لقاء جمعهما في مقر الرئاسة الفرنسية، ولقاء متوسطي موسع في الاليزيه ضمهما الى الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، كما شارك فيه عبر الفيديو الرئيس السوري احمد الشرع.
وقائع الزيارة
وكان الرئيس عون وصل الى “مطار لوبورجيه” الفرنسي قبل ظهر اليوم، وتوجه مباشرة الى مقر الرئاسة الفرنسية حيث اقيمت له مراسم استقبال رسمية، فاستعرض ثلة من الحرس الفرنسي، قبل ان يستقبله الرئيس ماكرون على اسفل درج  مدخل القصر الرئاسي الفرنسي، وتعانقا بحرارة قبل ان يصعدا الدرج معاً ويلتقطان الصورة التذكارية.
لقاء خماسي
ثم صافح الرئيس الفرنسي الوفد الرسمي اللبناني الذي ضم وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في فرنسا زياد طعان، واعضاء الوفد اللبناني المرافق الذي ضم المستشار الخاص للرئيس العميد اندريه رحال، والمدير العام للمراسم في رئاسة الجمهورية الدكتور نبيل شديد، والمستشار السياسي جان عزيز، ورئيس مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.
كما صافح الرئيس عون اعضاء الوفد الفرنسي الذي ضم وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، والسفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو، وعدد من المستشارين والمسؤولين الرسميين الفرنسيين.
بعدها عقد لقاء بين الرئيسين عون وماكرون، تطرقا خلاله الى الأوضاع العامة في لبنان وما تحقق حتى الآن بعد انطلاق عجلة العمل الحكومي، والدور الذي يمكن ان تساهم فيه فرنسا في مساعدة لبنان على استعادة عافيته وعودة الاستقرار والامن الى ربوعه.
‏الرئيس عون اكد خلال المحادثات على التصميم على تحقيق الإصلاحات، وقد بدأت عملياً بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان واقرار مشروع قانون رفع السرية المصرفية وسيصار قريباً إلى استكمال التعيينات والإجراءات، ليكون لبنان جاهزاً قبيل اجتماع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وتم الاتفاق بين الرئيسين عون وماكرون على تشكيل لجان وزارية وديبلوماسية وإدارية لمتابعة البحث في ما تم الاتفاق عليه من مواضيع مشتركة على أن تتبادل الاجتماعات الدورية تحقيقاً لذلك.
‏كما استأثرت الاعتداءات الاسرائيلية على جانب من اللقاء، حيث وعد الرئيس ماكرون بالاتصال بالرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لبحث الوضع والعمل على تمكين  لجنة المراقبة من القيام بعملها بحسب الاتفاق في تشرين الثاني الماضي.
ثم اجرى الرئيس ماكرون خلال الاجتماع اتصالاً بالرئيس السوري احمد الشرع، تركز البحث فيه على الوضع الحدودي بين لبنان وسوريا وضرورة اتخاذ الاجراءات للمحافظة على الهدوء والاستقرار على الحدود، حيث اكد الرئيس عون انه ينتظر نتائج الاجتماعات التي عقدت في السعودية بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري لمتابعة البحث في النقاط التي يكون قد تم الاتفاق عليها. وشدد على ضرورة حصول تنسيق على اعلى المستويات من اجل الحفاظ على هذا الاستقرار، واقترح ان يتم تبادل الزيارات بين الجانبين اللبناني والسوري لتعميق البحث في الاجراءات الواجب اتخاذها، لافتاً الى ان التنسيق السريع والمباشر كفيل بوضع حد لاي تدهور امني.
من جهته، لفت الرئيس الشرع الى اهمية التواصل بين البلدين، وجدد الدعوة للرئيس عون ولوزيري الخارجية والدفاع لزيارة سوريا بهدف استكمال البحث في النقاط العالقة.
اما الرئيس ماكرون، فأكد خلال الاتصال، على اهمية اقامة علاقات تنسيقية بين البلدين، على نحو يضمن الاستقرار والهدوء ومعالجة كل الاحداث التي قد تطرأ. واوضح الرئيس عون في هذا المجال، ان الجيش اللبناني انتشر على الحدود اللبنانية- السورية وهو يقوم بواجبه كاملاً للحفاظ على الامن والاستقرار بعد ان انعكست بعض الاحداث التي حصلت، بشكل سلبي على الامن والسكان.
وكان اتفاق على عقد اجتماعات دورية بين المسؤولين المعنيين بالوضع الميداني في البلدين، لا سيما وزيري الدفاع وقادة القوى المسلحة ومديري المخابرات. وشكر رئيس الجمهورية الرئيس الفرنسي على مبادرته اجراء هذا الاتصال، وتحدث عن اهمية ترسيم الحدود البحرية مع سوريا، وحماية الحدود الشمالية- الشرقية.
ثم كان عرض لمسألة النازحين السوريين، وضرورة عودتهم الى وطنهم، خصوصاً وان اسباب بقائهم لم تعد موجودة، واشار الرئيس السوري الى انه بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة، سيتم البحث في وضع خطة لهذا الموضوع مع الاخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي في سوريا التي لا تزال تتعرض لهجمات اسرائيلية تستهدف اماكن دقيقة وحساسة على الاراضي السورية.
وعند الحادية عشرة والنصف، وصل الى الاليزيه الرئيس كريستودوليديس، ورئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس، حيث استقبلهما الرئيسان ماكرون وعون. واجرى الرئيس الفرنسي اتصالاً هاتفياً مجدداً بالرئيس الشرع حيث تم طرح موضوع النازحين السوريين الذين يدخلون الى الاراضي اليونانية والقبرصية بطريقة غير شرعية. وابدى الرئيس ماكرون استعداد فرنسا على المساعدة لايجاد حل لهذه المسألة، لافتاً الى انه من حق النازحين العودة الى ارضهم، وان الوضع الذي يمرون فيه حالياً هو مأساة. واعتبر الرئيس عون ان هذا الملف اصبح عبئاً على لبنان، ويتطلب ايجاد حلول سريعة له، لانه من حق النازحين العودة الى ارضهم والعيش بكرامة والاطمئنان الى مستقبل اولادهم. كما عرض للصعوبات اللوجستية التي يمكن العمل على تذليلها بالتفاهم بين الطرفين.
وابدى رئيس الوزراء اليوناني دعمه لاستقرار سوريا، والمساهمة في ايجاد الحلول لملف النازحين، وشدد على الوضع غير الانساني الذي يرافق المهاجرين غير الشرعيين. كما اثار الرئيس القبرصي مساوىء هذا الملف، مشيراً الى ان قبرص هي الاقرب الى سوريا كعضو في الاتحاد الاوروبي، وتبلغ نحو 64 ميلاً بحرياً. وقال انه يجب التفاهم على هذا الملف.
وبعد ان تحدث الجميع، اوجز الرئيس الفرنسي خلاصة النقاش، واعتبر ان هذا اللقاء مهم جداً ويؤسس لعلاقة جديدة مع سوريا، وان الاتحاد الاوروبي مع رفع العقوبات عن سوريا، كونه يساعد على ايجاد الحلول، وان مؤتمر بروكسل شدد على اخذ الاجراءات التي تساعد النازحين وسوريا، وانه سيتناقش مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب حول مسألة رفع العقوبات عن سوريا. ونبه الى ضرورة الوعي من الملف الامني، واهمية الاستقرار على الحدود، واقترح على المشاركين وضع خارطة طريق يلتزم بها الجميع، حظي بموافقة الجميع.
بعدها تم التطرق الى العلاقات بين لبنان وكل من قبرص واليونان.
ثم عرض الرئيس عون لمجريات الأوضاع الأخيرة في لبنان، حيث اكد على الاصلاحات التي تعمل الحكومة على اجرائها والتي بدأت بالفعل. واكد الرئيس ماكرون ان فرنسا مع اصدقاء لبنان، سيعملون على مساعدته، فيما شرح رئيس الجمهورية خطة عمل الحكومة في هذا المجال.
ثم تم التطرق الى الوضع على الحدود الجنوبية للبنان، حيث شدد الرئيس عون على عدم التزام اسرائيل ببنود الاتفاق وانه امر غير مقبول، فيما اكد الرئيس ماكرون على اهمية دور قوات “اليونيفيل” ودعمه لها، وسعيها بالتعاون مع الجيش اللبناني للحفاظ على الامن والاستقرار في الجنوب.
كما تم بحث مسألة الطاقة بين لبنان وقبرص، وترسيم الحدود البحرية بينهما، واكد الرئيس الفرنسي ضرورة احترام سيادة لبنان واستقلاله، وانه يعمل على تنظيم مؤتمر خليجي شرق اوسطي للبحث  في مساعدة لبنان ودول الجوار.
ثم ودّع الرئيسان ماكرون وعون الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني، قبل ان يستكملا مباحثاتهما.

مؤتمر صحافي مشترك
وبعدها، عقد مؤتمر صحافي مشترك بين الرئيسين ماكرون وعون، استهله الرئيس الفرنسي بكلمة ترحيبية بضيفه اللبناني وقال:
“اود ان أتوجه بالشكر للرئيس عون لزيارته اليوم الى باريس ليشرف بذلك علاقة الصداقة الراسخة والثابتة بين بلدينا في مرحلة لا يزال لبنان يعاني فيها من عدم الاستقرار الإقليمي. اود ان اعبر قبل كل شيء عن تضامني مع اللبنانيين وأبناء بيروت الذين تعرضوا لضربات جديدة صباح اليوم، في انتهاك لوقف اطلاق النار”.
وأضاف الرئيس ماكرون: “كنت زرت بيروت مباشرة بعد انتخابكم فخامة الرئيس في 17 كانون الأول، لأعبر لكم عن دعمنا، ووعدتني بأن تخصص زيارتك الرسمية الأولى خارج المنطقة الى فرنسا، وقد كنت عند وعدك. هذا رمز قوي جدا لثقتكم بمتانة الدعم الفرنسي للبنان، لتجاوز المحن التي يواجهها، ولكي يسير على الدرب الذي رسمتموه فخامة الرئيس وخطة حكومتكم لاعادة السيادة الكاملة للبنان واطلاق عجلة إعادة البناء التي ينتظرها كل اللبنانيين. ان فرنسا تجدد وقوفها الى جانبكم اكثر من أي وقت مضى، لأننا نؤمن بصحة عملكم  والاجندة القائمة على السيادة والإصلاحات التي تعملون على تنفيذها منذ وصولكم، مع رئيس الوزراء والحكومة”.
وتابع: “فرنسا تقف أيضا الى جانبكم لأنها مدركة حجم التحديات التي تواجهونها والتي تتطلب المساعدة الحازمة من شركاء لبنان، وهذه المساعدة نركزها قبل كل شيء على استعادة دور المؤسسات اللبنانية لأن هذا هو المفتاح الذي سوف يدفع المجتمع الدولي للالتزام بإعادة بناء لبنان وانتعاش اقتصاده بشكل مستدام.
مبعوثي الخاص جان ايف لودريان كان في بيروت في بداية الأسبوع  في اطار مهمة جديدة لاعادة بناء لبنان وانعاش الاقتصاد. ومحادثاته خلال هذه الزيارة سوف تسمح بوضع اطار مؤسساتي يستجيب للمطالب الدولية في مجال التمويل ويقنع شركاء لبنان بالالتزام . هذا العمل سوف يتم استكماله بزيارة الى الرياض ثم الدوحة في الأسابيع المقبلة بالتنسيق الوثيق مع السلطات اللبنانية. هذا العمل يترجم هذا النهج على مرحلتين اتفقنا عليهما. المرحلة الأولى ستكون على هامش الاجتماعات الدولية في فصل الربيع، حيث سنجتمع مع أصدقاء لبنان لدعم الإصلاحات الهيكلية التي بدأت بها السلطات التنفيذية اللبنانية، والعمل لمجموعة أولى من المساعدة لاعادة البناء، وبالتالي فان اصلاح القطاع المصرفي ولجنة إعادة الاعمار أساسية لاجتذاب الشركاء. في مرحلة ثانية، وعلى ضوء الإصلاحات المؤسساتية والاقتصادية للحكومة اللبنانية يمكن ان استضيف في باريس مؤتمرا دوليا لنهضة لبنان، وطبعا يجب العمل على تحضير برنامج للتمويل بدعم من صندوق النقد الدولي، ومن هذا المنطلق سوف نتكلم مع الرئيس عون حول مواصلة التعاون الذي بدأناه في الأسابيع الأخيرة بين حكومتينا، وهو يركز أساسا على إعادة اصلاح القضاء اللبناني، وتعرفون حرص فرنسا على هذا الموضوع. وهناك وفد فرنسي رفيع المستوى سيزور بيروت قريبا للعمل على تعاون في مجال القضاء، وفي المجال التقني، لمصلحة القضاة اللبنانيين”.
وقال الرئيس ماكرون: “الأولوية الأخرى للتعاون هي الطاقة. لبنان بحاجة الى قطاع طاقوي حسن الأداء، لكي لا يبقى عرضة لانعدام الاستقرار الاقتصادي، ولكي يتمكن من انعاش اقتصاده وسمعته وجذب الاستثمارات .
وفرنسا أيضا مستعدة لوضع خبراتها وشركاتها في مجال الطاقة وشراكاتها لدعم المشاريع الاستراتيجية الكبرى في هذا المجال. قلت في بداية كلامي فخامة الرئيس اننا نؤمن بالاجندة السيادية التي تحملونها، خاصة ان صباح اليوم شهد عمليات قصف غير مقبولة على بيروت. التوتر اليوم على جانبي الخط الأزرق هو نقطة تحول، وهذا الوضع لا يطاق. وفرنسا ستبقى الى جانبكم  للحفاظ على هذه السيادة ولضمان امنكم بشكل كامل، وهذا ما نريد ان نفعله الى جانبكم في الجنوب وكذلك على الحدود مع سوريا حيث الوضع حساس جدا. لذلك تقف فرنسا، تكملة لالتزاماتها الماضية، الى جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة، لتنفيذ وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في 26 تشرين الثاني مع إسرائيل.
لقد تم تحقيق تقدم في الأشهر الأخيرة، والجيش اللبناني استعاد السيطرة على جنوب لبنان بالكامل تقريبا، ويحقق التقدم في نزع سلاح حزب الله. والديناميكية الحالية قد أدت الى نتائج. وفي هذا السياق، ان ضربات اليوم وعدم احترام وقف اطلاق النار هي اعمال أحادية تخرق التزامات ووعود وتصب في خانة حزب الله. الديناميكة الحالية يجب ان تستمر، وكل طرف يجب ان يحترم التزاماته لكي لا يشكل ذلك خطرا على  التقدم المحرز. الجيش الاسرائيلي يجب ان ينسحب في اسرع وقت ممكن من المواقع الخمسة التي يحتلها في الأراضي اللبنانية، لكي يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار ويتمكن اللبنانيون من العودة. فرنسا سوف تستمر بالعمل لهذا الغرض، وسوف نقدم اقتراحات واقعية وعملية تأخذ في الاعتبار توقعات لبنان وإسرائيل. واقترحنا ان تنتشر بعض قوى اليونيفيل في المناطق الحساسة التي توجد فيها إسرائيل حاليا بالتنسيق مع الجيش اللبناني واشراف آلية مراقبة وقف اطلاق النار بمشاركة ضباط اميركيين وفرنسيين، وهذا الاقتراح ما زال على الطاولة”.
وأضاف:”سوف نناقش كذلك مع الرئيس عون كيفية تحسين أساليب التنفيذ وتعزيز المفاوضات المباشرة، واطلاق سراح اللبنانيين المحتجزين في إسرائيل، وهذه تبقى أولوية، وهذا تقدم يجب ان يتحقق.
فرنسا تدعم دائما جهود الحوار في المنطقة واي جهد يهدف الى تعزيز الاستقرار الإقليمي، وبالتالي نحن مستعدون للانخراط في الدرب الذي خططه الشريك الأميركي، اذا عبر الطرفان اللبناني والفلسطيني بشكل سيادي عن التزامهما بالمشاركة في هذا الحوار.
هذه الزيارة أيضا سمحت لنا بتناول التعاون مع سوريا، ولقد بدأنا لقاءنا بحديث مع الرئيس  السوري الانتقالي احمد الشرع، وكان لنا معه نقاش مطول، خاصة على اثر اللقاء الذي انعقد في جدة بين وزيري الدفاع السوري واللبناني، ويجب الآن ان نعمل على تعزيز سيادة لبنان وسيادة سوريا، وامن حدودهما المشتركة، والبحث باطلاق عملية تسمح بترسيم الحدود بين البلدين. فرنسا اقترحت تيسير هذا الحوار وان تقدم أيضا إمكاناتها في هذا المجال.
حديثنا الثلاثي كان مثمرا جدا . مسألة النازحين السوريين وعودتهم الطوعية والآمنة الى سوريا، موضوع تناولناه أيضا مع الرئيسين، وقدمنا عددا من الاقتراحات. وبعد ذلك انضم الينا رئيس وزارء اليونان ورئيس جمهورية قبرص، وكان لنا حديث طويل نحن الخمسة، وحددنا محاور ووسائل العمل في هذه المنطقة، من الحدود، والأمن، وعودة اللاجئين. تكلمنا أيضا عن تجنيد التمويل الدولي لهذا الغرض، وقررنا تبني خريطة طريق سوف يتم استكمالها في الساعات المقبلة، وتلتزم بها الدول الخمس. هذا التعاون الإقليمي غير المسبوق هوتقدم ملحوظ لتعزيز سيادة لبنان واستقرار المنطقة برمتها”.
وختم الرئيس ماكرون: “فخامة الرئيس، خلال زيارتي للبنان في كانون الثاني الماضي، دهشت حقا للأمل الهائل الذي عبّر عنه اللبنانيون، واعتقد ان لبنان يسير على الدرب الصحيح.
انا سعيد باستمرار محادثاتنا لكي نرسم معا، معالم شرق أوسط اكثر استقرارا وتكاملاً واحتراما لحقوق كل الشعوب بدون استثناء، والذي تتطلعون له انتم ولبنان بعد سنوات طويلة من العنف وسوء الإدارة. نحن مستعدون للعمل معكم لانجاح رئاستكم، ونبقى أوفياء لتاريخنا. يسعدني ان استقبلكم في زيارة دولة الى فرنسا تسهم في توثيق العلاقات بين البلدين، التي عملنا عليها في الأسابيع الماضية، والتي نعززها اليوم. أؤكد لكم مرة أخرى ثقة ودعم وصداقة فرنسا”.
كلمة الرئيس عون
ثم تحدث الرئيس عون شاكراً الرئيس ماكرون وفرنسا على وقوفهما الى جانب لبنان، وتقديم كل الدعم اللازم للبنانيين، وقال:
“للاسف الشديد تلقينا الان اخبار الجنوب وبيروت وعودة التصعيد والتوتر، وعودة الاعتداءات الاسرائيلية على بلدنا وجوار عاصمتنا، من البديهي ان نعلن ادانتنا الشديدة لذلك، ورفضنا اي اعتداء على لبنان كما اي محاولة مشبوهة او خبيئة لاعادة لبنان الى دوامة العنف، وما يحصل يزيدنا اصرارا وتصميما على اعادة بناء دولتنا وحيشنا وبسط سلطتنا على كل اراضينا لنحمي لبنان وكل شعبه. اناشد من هنا جميع اصدقاء لبنان في العالم من باريس الى واشنطن للتحرك سريعاً لوقف التدهور ومساعدة لبنان على تطبيق القرارات الدولية على كامل حدودنا وكامل ترابنا الوطني”
السيد الرئيس، كلُ الشكر ِعلى دعوتِكم الكريمة هذه. وعلى استقبالِكم الأخويِّ الحار. والشكرُ موصولٌ لكم ولفرنسا، على الكثيرِ الكثير… على جهدِكم الكبير لإنهاءِ الفراغِ الرئاسي، وإنجازِ استحقاقِنا الدستوري، بما يحققُ مصلحةَ لبنان… وعلى مؤازرتِكم لنا في اتفاقِ 27 تشرينَ الثاني الماضي، لوضعِ إجراءاتٍ تنفيذية لتطبيقِ القرار 1701. بما سمحَ مبدئياً بوقفِ النار، وخروجِ لبنانَ جزئياً من دوامةِ العنفِ، كما على مساهمتِكم الثمينة في عديدِ قوات اليونيفيل، وتضحياتِكم الجليلة عبرَها، من أجل السلامِ في جنوب لبنان.  والشكرُ أيضاً على لائحة لا تنتهي من خطواتكم المشكورة تجاه بلدي.
أقولُ إنها لائحة لاتنتهي، لأنها بدأت سنة 1250 مع رسالةِ الملك لويس التاسع. 775 عاماً من العلاقة بين بلدينا وشعبينا بلا انقطاع، هذه حقيقةُ ما بيننا عزيزي إيمانويل. ولأننا نذكرُ التاريخَ والتواريخ، بعد نحو أسبوعين، يستذكرُ لبنانُ وكلُ اللبنانيين، مرورَ 50 سنةً كاملة على اندلاعِ الحربِ عندنا، في 13 نيسان 1975، حربٌ مركّبة متشعّبة متعدّدةُ الأبعاد، تداخلَ فيها المحلي بالخارجي، قبل أن تتوالدَ سلسلةَ حروبٍ طاولت كلَ شيءٍ وكلَ بيت، حتى انتهت بتدميرِ كلِ شيء.
نتذكّرُها ونقرّرُ اليومَ ألّا نسمحَ بأنْ تتكرّرَ أبداً. ولذلك، ثمةَ مقتضياتٌ مطلوبةٌ منا كمواطنين لبنانيين، وكدولة، وكمسؤولين عنها:
أولاً، أنْ نبنيَ دولةً قويةً سيدة، يحميها جيشُها وقواها الرسمية دون سواه، ويحميها توافقُ أبنائها ووحدتُهم. وأسمحُ لنفسي السيد الرئيس بمصارحتِكم أكثر ههنا. فلبنانُ – لسوءِ الحظ –  يحملُ اليومَ أرقاماً قياسية عالمية غيرَ مسبوقة:
أعلى نسبةِ نازحين ولاجئين، مقارنةً بسكانِ بلدٍ في العالمِ وعبرَ التاريخ.
وأكبرُ أزمةٍ نقديةٍ مالية، قياساً إلى الناتج الوطني لبلدٍ، طاولت المصارفَ الخاصة والمصرفَ المركزي والدولةَ والمودعين معاً.
وأكبرُ نسبةِ حدودٍ غيرِ مستقرة لدولةٍ سيدة. وقرارُنا أنْ نُقاربَ هذه الأزماتِ كافة، وأن نعالجَها، لنبنيَ دولتَنا ونبسطَ سلطتَها، ونحققَ استقرارَها وازدهارَها. وهذا ما نناشدُكم السيد الرئيس، المساعدةَ بشأنِه. فعلى سبيلِ المثال، أظهرَ استطلاعٌ لمفوضيةِ الأممِ المتحدة لشؤون اللاجئين، أنّ نحوَ 24% من النازحين السوريين في لبنان، يرغبون في العودة إلى بلادهم. وهو ما يعني نحو 400 ألف نازحٍ سوري، كلُ ما يحتاجونه هو خطةٌ دوليةٌ لتمويلِ تلك العودة، بكلفةٍ أدنى بكثيرٍ من كلفةِ بقائِهم في لبنان، المُنهِك لنا ولهم، وهذا ما بدأنا التفاوضَ حولَه مع الجهاتِ الدولية المعنية. وهذا ما نتمنى دعمَكم لتحقيقِه.
أما أزمتُنا النقدية المالية والمصرفية الشاملة، فلقد انطلقنا في مسارِ الخروجِ منها، بالتعاونِ مع صندوقِ النقد والبنكِ الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى، كما مع جميعِ أصدقاءِ لبنانَ في العالم، وهذا ما نتمنى أيضاً دعمَكم له، ونحن متأكدون من حصولِنا عليه.
أما سيادةُ دولِتنا على أرضِها وبقواها الذاتية دون سواها، فهو مسارٌ ضروريٌ ودقيقٌ في آن، وقد قررنا المَضيَّ به، ونراهنُ على فهمِكم لحساسياته، وتفّهمَكم لمقتضياتِه، ونتطلّعُ إليكم لشرحِ تلك الحساسيات والمقتضيات للعالمِ أجمع بحيث تتحرّرُ كلُ أرضِنا المحتلة، ونثبّتُ حدودَنا الدولية كلَها، ونطبّقُ القراراتِ الأممية ذاتَ الصلة، ونعودُ إلى مظلةِ اتفاقيةِ الهدنة للعام 1949 والتي أُقرت في حينه، تطبيقاً لقرارٍ أمميٍ مُلزِمٍ صادرٍ تحت أحكامِ الفصلِ السابعِ من شرعةِ الأمم المتحدة.
لكنَّ هذا لا يكفي لدفنِ احتمالِ الحربِ عندنا وحولَنا، فنحن نحتاجُ إلى محيطٍ مستقر، وإلى منطقةٍ تنعمُ بالسلام، والسلامُ السيد الرئيس، لا يقومُ إلا على العدالة، والعدالةُ شرطُها تبادلُ الحقوق، وحقوقُ الفلسطينيين قضيةٌ عالقة في وجدانِ العالمِ ومنطقتِنا وشعبِنا، منذ عقودٍ طويلة، وقد آنَ أوانُ الإيفاءِ بها إيماناً بهذا الحقِ الإنساني أولاً، وضماناً لاستقرارِ منطقتِنا ثانياً، وتأميناً للمصالحِ الحيوية لكلِ العالمِ، المرتبطِ بشكلٍ أو بآخر، بهذا الجزءِ المركزي من كوكبِنا.
وأخيراً، دفنُ حربِنا نهائياً، كما دفنُ كلِ الحروب، يحتاجُ إلى نظامٍ عالميٍ قائمٍ على القيم وعلى المبادئ، وعلى مفهومِ الخيرِ العام. وأنتم السيدَ الرئيس، ومعكم فرنسا، جمهوريةُ إعلانِ  26  آب 1789، أكثرُ من يُدركُ ذلك، بدءاً من مادتِه الأولى بأنْ “يولدُ الناسُ ويظلون أحرارًا ومتساوين في الحقوق”، ونحن في لبنان، أكثر المؤهلين لتجسيدِ ذلك، بحياتِنا المشتركة معاً، بتعدديتِنا وحريتِنا المتلازمتين، باختلافِنا ومساواتِنا التوأمين، وبقدرتِنا العجائبية على البقاءِ وعلى الإبداعِ أبداً، رغم كلِ شيء .
عزيزي إيمانويل. لا ينتهي الحديثُ عمّا بيننا، ولا يكفي الكلامُ للتعبير، لذلك أكتفي بكلمةٍ واحدة أختزلُ فيها 775 عاماً، وأختصرُ بها آلافَ الكلمات، شكراً!”
حوار مع الصحافيين
ثم دار حوار بين الرئيسين ماكرون وعون مع الصحافيين، فسئل الرئيس ماكرون عن قصف إسرائيل اليوم لبيروت برغم نفي حزب الله علاقته باطلاق الصواريخ، وماذا يمكن لفرنسا ان تفعل لوقف هذا العدوان، فأجاب:
“هناك اليونيفيل وهناك آلية متابعة تنفيذ وقف اطلاق النار، ونحن ننتظر التقارير ولم تصلنا أي معلومات عن أي عمل عسكري او ضربات لحزب الله باتجاه إسرائيل. سوف نوضح هذا الوضع في الساعات المقبلة. ولكن بحسب معلوماتي لم يكن هناك أي شيء يبرر الضربات الإسرائيلية. لقد كان هناك اطار تم الاتفاق عليه بين لبنان وإسرائيل، ويجب ان يحترم، واليوم لم يحترم بشكل احادي. ويبدو انه لم تكن هناك معلومات او ادلة عما زعم انه ارتكب لتبرير الضربات الإسرائيلية.  سوف نقوم باتصال مع الرئيس ترامب في الساعات المقبلة وسوف نتكلم معه عن هذا الموضوع، وسوف اقوم أيضا بالاتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بهذا الخصوص، ولكن الوضع اليوم مرفوض ولا يناسب الاطار الذي اتفقنا عليه”.
سئل الرئيس عون: هل تجرون اتصالات مع الجانب الأميركي وتحديدا مع المبعوثة الاميركية مورغان أورتوغاس بخصوص الضربات الإسرائيلية اليوم؟ وهل ستحددون للرئيس ماكرون موعداً دقيقاً لبدء تنفيذ بعض الإصلاحات؟
اجاب: “اتصلت برئيس الوزراء لمتابعة الوضع الأمني واعلمني أنه اجرى اتصالا مع الأميركيين خاصة مع الآنسة مورغان اورتاغوس لمنع تدهور الوضع غير المبرر في بيروت والجنوب.
في موضوع الإصلاحات، لقد بدأنا بإجراء إصلاحات، كما بدأنا بإجراء اجتماعات مع صندوق النقد الدولي، ومجلس الوزراء أقر مشروع قانون رفع السرية المصرفية لتقديمه لمجلس النواب لإقراره. المرحلة الثانية هي إعادة  تكوين مجلس الانماء والاعمار الذي هو شرط أساسي من شروط تقديم المساعدات بالإضافة إلى قانون إصلاح القطاع المصرفي. السكة انطلقت وسنسير بها بأسرع وقت”.
سئل الرئيس الفرنسي: كان لكم لقاء مع الرئيس السوري، هل اتفقتم على ضمانات متبادلة لضمان أمن الحدود اللبنانية-السورية؟ وكيف يمكن لفرنسا أن تشارك في هذه الرقابة؟ وعن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، هل هو مطلب ضروري؟ وما هي الاقتراحات التي قدمتموها لحل هذا الموضوع؟ والسؤال الأخير هل ستستقبل الرئيس السوري الجديد في الاليزيه قريباً؟
أجاب الرئيس ماكرون: “لقد ناقشنا كل هذه المواضيع، أولاً التعاون على الحدود، لقد بدأ هذا التعاون ولكن تم الاتفاق على استئناف عمل مشترك عسكري محلي بين القوى الموجودة في الميدان، وثانياً آلية التنسيق السياسية بين البلدين لكي يكون العمل على الحدود فعالاً. وكان هناك أيضاً وضوح كبير جداً من طرف الرئيس السوري الانتقالي للمساهمة في ضبط الحدود من أجل أمن لبنان، وتعرفون كم ان هذه الحدود حساسة. وفرنسا اقترحت أن تيسر هذه المبادرات ومستعدة لأن تضع بتصرف الطرفين آلية عسكرية لتسهيل هذه المبادرات، ولكي تكون عملانية اكثر، وتضع بالتصرف بعض الإمكانات للمراقبة ومتابعة مكافحة المهربين ونقل السلاح. هناك قدرات رقابية خاصة عندنا يمكن أن تساعد في مراقبة الحدود وهذا ما سنفعله. إذا سنساعد على مراقبة الحدود. واتفقنا على استئناف، ربما في مرحلة لاحقة، العمل في اطار الأمم المتحدة ومع الأمين العام للأمم المتحدة، لترسيم الحدود. هذا عمل لا بد منه وفرنسا سوف تلعب دورها لمواكبة الطرفين، ولأن عندها معرفة جيدة تاريخية في هذا الملف.
وعن مسألة عودة اللاجئين طبعاً هذا موضوع أساسي لبلد مثل لبنان، الرئيس عون ذكرنا بعبء وثقل هؤلاء اللاجئين على الشعب اللبناني، ولكن هذا همّ أيضاً لكل المنطقة،  ولهذا كان لنا نقاش بمشاركة الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني. الشرط الأول قبل العودة أن يكون هناك تمثيل سياسي يأخذ في الاعتبار كل مكونات الشعب السوري والمجتمع المدني السوري وهذا ما التزم به الرئيس السوري. يجب ضمان أمن كل السوريين على الأراضي السورية وبالتالي هناك مسألة سلامة المقيمين حالياً في سوريا والذين سيعودون لسوريا. هناك آليات تعاون ونحن مستعدون للعمل. واقترحنا أيضاً وهذا جزء من خارطة الطريق الخماسية التي سيتم الإعلان عنها في الساعات المقبلة، ان يكون هناك تعبئة للمجتمع الدولي، الدول الخمسة الموقعة على خارطة الطريق ولكن أيضاً الدول المانحة ومفوضية اللاجئين والبنك الدولي، لوضع إطار لعودة اللاجئين السوريين. هناك حاجة للأمن ولكن هناك أيضاً حاجة لإطار اجتماعي واقتصادي آمن ومستقر. إذا كان هناك التزام واضح من سوريا، وهذا ما سمعناه من الرئيس السوري، سيكون هناك ايضاً التزام من جانبنا، وبرأيي هذه أولوية وقلت هذا مراراً وتكراراً لرئيس المرحلة الانتقالية وفي حديثي الثنائي معه اليوم، وفي حديثنا في شباط الماضي، نحن نعتبر أن حكومة سورية تشمل كل مكونات واطياف المجتمع السوري، ومكافحة الإرهاب وعودة اللاجئين، هذه هي العناصر الثلاثة التي سنحكم على أساسها على المرحلة الانتقالية في سوريا.
نحن وثقنا في هذه المرحلة الانتقالية ولهذا رفعنا العقوبات الأوروبية، وحسب تطور الوضع في الأسابيع المقبلة نحن مستعدون لمواصلة الحوار ولاستقبال الرئيس الانتقالي هنا في باريس، ولكن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لكي نرى ما قد يكون قد تحقق على الأرض”.
ورداً عن السؤال نفسه حول عودة اللاجئين السوريين ومسألة الحدود اللبنانية- السورية، قال الرئيس عون:
“لااستطيع الإضافة الى ما قاله الرئيس ماكرون عن الحدود. فقط أستطيع القول أنه حصل لقاء بين وزيري دفاع لبنان وسوريا في السعودية، وتوصلا الى ورقة عمل لتفعيل التنسيق بين الجهتين على مستوى وزراء الدفاع وعلى مستوى رؤساء الأركان وحتى قادة الوحدات على الأرض على طرفي الحدود، لتسريع وتفعيل التنسيق تفادياً لأي إشكالات لضمان أمن حدودنا ووقف التهريب.
في موضوع عودة اللاجئين أصبح وجودهم منهكاً لنا ولهم. أصبحت قضية إنسانية للبنان وسوريا. لقد آن الآوان أن يعودوا إلى بلادهم. الأسباب التي بسببها تهجروا قد أزيلت، ولم يعد لديهم أي عذر للبقاء في لبنان. وكما قال الرئيس ماكرون هذا الموضوع يتطلب مساعدة المجتمع الدولي لعودتهم إلى سوريا. عودة اللاجئين حاجة ضرورية لكلا البلدين، وكذلك الأشخاص الذين يتم تهريبهم عبر البحر إلى قبرص واليونان يشكلون عبئاً على قبرص واليونان. إذاً حلّ قضية اللاجئين بطريقة جذرية لمصلحة لبنان واليونان وقبرص هي بعودتهم إلى سوريا مع تأمين الشروط اللازمة لهذه العودة. اننا لا نملك ترف الوقت يجب تسهيل عودتهم بأسرع وقت لمصلحة البلدين” .
سئل الرئيس عون:  ذكرتم أن لا ضمانات أمنية اليوم لانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان. هل طلبتم ضمانات من الولايات المتحدة ومن فرنسا ؟ ومن يطلق اليوم هذه الصواريخ؟ وهل ستقبلون بالمقترح الأميركي للمفاوضات المباشرة ؟
ورد الرئيس عون: “اذا الولايات المتحدة وفرنسا ليس باستطاعتهما تأمين ضمانات فمن سيؤمن هذه الضمانات؟ هناك اتفاق لوقف اطلاق النار ومن المفترض انه عندما يكون هناك اتفاق بين الطرفين يجب على الطرفين احترام توقيعهما. هناك آلية تشارك بها الولايات المتحدة والجيش اللبناني واليونيفيل والجيش الإسرائيلي لمراقبة عملية وقف اطلاق النار. ولكن الضمانات تأتي من اميركا وفرنسا.
وعن مسؤولية اطلاق الصواريخ، وبالنسبة الى الحادث الذي حصل الأسبوع الماضي، فإن الجيش اللبناني يقوم بتحقيقاته لمعرفة من أطلق الصواريخ، ونحن بحسب تجربتنا السابقة، الأدلة الموجودة على الأرض تثبت ان حزب الله ليس له علاقة. قلت للرئيس ماكرون اذا اردنا ان نقارن بين عدد خروقات لبنان وخروقات الجيش الإسرائيلي فلا مجال للمقارنة. واعطيت مثلا عن غزة التي برغم قدرة الجيش الإسرائيلي وسيطرته في الجو وعلى الأرض وتحت الأرض، لم يتمكن الى الآن من ضبط اطلاق الصواريخ من غزة. واذا اخذنا بعين الاعتبار إمكانيات العديد والعتاد للجيش اللبناني والمساحة الجغرافية التي يجب عليه تغطيتها فمن الطبيعي ان تكون هناك خروقات، ومن المؤكد أن هناك طرفا ثالثا من مصلحته تأزيم الوضع على حساب مصلحة لبنان.
المتابعة من قبل الدولة والجيش اللبناني مستمرة لكشف من يقف خلف اطلاق الصواريخ. نحن لن نقبل ان يكون لبنان منصة لمصالح الغير.
بالنسبة للمقترح الأميركي، فما زال قيد المناقشة. مبدأ التفاوض، وعندما يذهب الانسان الى التفاوض، يجب ان يكون هناك أخذ وعطاء. عندما نريد أن نفاوض بشأن الأسرى يجب أن يكون هناك تبادل أي أن يكون لدى الطرفين أسرى للمبادلة، ونحن ليس لدينا اسرى اسرائيليون. اذا تفاوضنا حول النقاط الخمس المحتلة من إسرائيل، نحن لا نحتل أي ارض في إسرائيل، بل هي التي تحتل أراض في لبنان، فعلى ماذا سنفاوض؟
ولكن بالنسبة للحدود البرية نستطيع التفاوض لأن هناك 13 نقطة ما زالت عالقة بيننا. وهذا يتطلب التفاوض بين الطرفين تحت مظلة أميركية او فرنسية او مظلة اليونيفيل. ولكن قبل أن نصل للحدود البرية دعونا ننهي اولاً المشكلتين الاساسيتين المتمثلين بإطلاق الاسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية والانسحاب من النقاط الخمس التي لا تشكل قيمة أمنية او عسكرية لاسرائيل.
سئل الرئيس ماكرون كيف يمكن الزام إسرائيل احترام وقف اطلاق النار، فأجاب:
“هناك آلية لمراقبة وقف اطلاق النار، وسوف يتعين علينا أن نعلق على هذا الموضوع لأننا ضامنين لهذه الالية مع الولايات المتحدة لاحترام وقف اطلاق النار، وهذا دور قائم على الثقة ونحن ملتزمون بحكم وجود الوحدة الفرنسية في اليونيفيل والتي تدعم الجيش اللبناني لضمان أمن الجنوب. ونحن ملتزمون كداعم وشريك للجيش اللبناني بواسطة التعاون الثنائي وعملنا لهذا، لأننا نؤمن بسيادة لبنان وبأن السلاح يجب أن يكون حكراً على الجيش اللبناني كما قال الرئيس عون والاسابيع الماضية بينت أن مكافحة المجموعات الإرهابية هي مهمة الجيش اللبناني والقوات الشرعية الوطنية. نحن قادرون على الكلام مع إسرائيل في اطار آلية المراقبة، وهذا ما نفعله لكي نقول ما حصل، وثانيا عن طريق الضغوط السياسية
الولايات المتحدة لديها امكانات للضغط اكثر من أي طرف آخر، لأن الإسرائيليين يعتمدون على الولايات المتحدة الأميركية للحصول على مساعدتهم للقيام بعملياتهم العسكرية الجارية. لذلك هناك ضغط يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة. وفي هذا السياق هذا ما ننتظره من الرئيس الأميركي الذي بيّن في الأسابيع الماضية انه عندما تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل يمكن الوصول إلى وقف اطلاق نار ويمكن احترامه أيضاً، وهذ ما حصل في غزة واطلاق سراح الرهائن.
وبالنسبة لي، في الساعات المقبلة يجب أن نقول ما حصل حقاً نحن نقول ذلك كطرف ثالث علينا مسؤولية في اطار آلية مراقبة وقف اطلاق النار ولنتأكد بأن الجيش اللبناني قادر أن يلعب دوره كاملاً ومواصلة العمل الذي لم يستكمل حتى الآن ولكنه عمل ضروري وسيكون لي حديث مع الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لاحترام كامل وتام لوقف اطلاق النار.
لدينا قناعة استراتيجية ونتشارك بهذه القناعة مع الرئيس عون، والواضح أن عدم احترام وقف اطلاق النار ونظراً للنتائج التي حققها الجيش اللبناني والتزام لبنان، هذا لا يصب في مصلحة الامن الإسرائيلي، وهذا معاكس لامن إسرائيل ويصب في مصلحة حزب الله وليس هذا هو الهدف المنشود.
سئل الرئيس ماكرون: ما هو واقع العلاقات الديبلوماسية بين فرنسا وتل أبيب وبينك وبين نتنياهو؟ هل تشعر أن الحوار ممكن مع نتنياهو؟ هل يستمع اليك في ما يتعلق بالوضع في لبنان والوضع في غزة؟
أجاب الرئيس ماكرون: “الحوار لا بد منه ولم ينقطع ابداً وأؤكد لك ان هذا الحديث سوف يحصل لأنه كان مبرمجاً قبل الضربات في لبنان صباح اليوم. إسرائيل بلد صديق وشريك لفرنسا وأمن إسرائيل كان دوماً من أولولياتنا في سياستنا في المنطقة، وتعرفون دور والتزام فرنسا منذ السابع من تشرين الأول وفي الشهور التي تبعت ذلك لأمن إسرائيل وشعب إسرائيل واطلاق سراح كل الرهائن. ولأن هناك هذه الصداقة بيننا ولأن لنا علاقة متميزة مع المنطقة وخاصة لبنان الذي هو رمز حقيقي لعلاقاتنا، يمكن أن يكون هناك خلافات بيننا. منذ شهر تشرين الأول 2023  وجهنا نداء لوقف اطلاق النار لأننا نعتبر ان الوضع الإنساني في غزة كان يتطلب وقف إطلاق النار، ونعم منذ الايام الأولى للعمليات العسكرية في لبنان. وعندما يكون هناك اختلاف في وجهات النظر مع إسرائيل نقول ذلك ولكن نبقى نعمل وملتزمين الى جانب إسرائيل، ونسعى إلى حل الخلافات.
سأتكلم أيضا عن الوضع في لبنان وسأدعو الى احترام كامل لوقف اطلاق النار لأن اعتبر ان في ذلك مصلحة لبنان ومصلحة إسرائيل”.

مأدبة غداء
وبعد المؤتمر الصحافي، استكملت المباحثات خلال غداء عمل اقامه الرئيس الفرنسي على شرف نظيره اللبناني والوفد المرافق، حيث جدد الرئيس عون شكره للرئيس الفرنسي، وجرى عرض الوضع في الجنوب في ضوء التطورات التي حصلت اخيراً والاعتداءات الاسرائيلية، ودور الجيش في الجنوب، وضرورة تحرك لجنة مراقبة وقف اطلاق النار لالزام اسرائيل بوقف اطلاق النار وتعاون المجتمع الدولي في هذا المجال. وقال انه لو تم بالفعل تنفيذ الانسحاب الاسرائيلي بشكل كامل، لكان الاستقرار قد تحقق.
وعقدت خلوة بين الرئيسين تم فيها التطرق الى المسائل كافة، وشرح الرئيس عون الخطوات التي بدأت الحكومة باتخاذها لاجراء الاصلاحات المطلوبة ومنها رفع السرية المصرفية، وتعيين حاكم لمصرف لبنان، وعزمه على استكمال كل الخطوات في هذا المجال.
وشارك فيه عن الجانب الفرنسي: وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو، والسفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو، وعدد من المستشارين والمسؤولين الرسميين الفرنسيين.
المغادرة الى بيروت
وبعد انتهاء الغداء، حرص الرئيس الفرنسي على مواكبة الرئيس عون حتى باب السيارة ليودعه، بعد ان التقطت الصور التذكارية الجامعة على درج الاليزيه.  وتوجه الرئيس عون بعدها مباشرة الى المطار حيث استقل الطائرة عائداً الى بيروت.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce