مقالات

عون يعود بزخم خارجي ينتظر ترجمته بمساعدات

عون يعود بزخم خارجي ينتظر ترجمته بمساعدات

الزخم المعنوي الواضح الذي عاد به رئيس الجمهورية جوزاف عون من زيارة مميّزة إلى السعودية، ومشاركة لافتة في القمة العربية في القاهرة، رفع معنويات اللبنانيِّين، وعزّز آمالهم في أن تتوالى مفاعيل هذا الزخم، بترجمة سريعة للدعم العربي والدولي، بما يمكّن لبنان من الانتقال إلى سكة التعافي، على رغم من العوائق والمطبّات المزمنة التي تعترضها. على أنّ المسؤولية الأساس ليست خارجية بل هي على الحكومة، التي تشكّل جلسة مجلس الوزراء اليوم، بداية الإبحار في بحر التحدّيات الواسع، لتجاوزها بمسؤولية وحرفية وحيادية، وليس بعراضات إعلامية واستعراضات فولكلورية وتنظير فارغ.

تعيين قائد للجيش

الرئيس عون، عاد إلى بيروت أمس، بعد مشاركته في القمة العربية غير العادية التي انعقدت في القاهرة وزيارته السعودية ولقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وقبيل مغادرته العاصمة المصرية، وجّه الرئيس عون برقية شكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال فيها إنّه “يطيب لي، وأنا أغادر أجواء مصر، أن أشكركم على الحفاوة التي لقيتها والوفد المرافق خلال وجودي في القاهرة مترئساً وفد لبنان إلى القمة العربية غير العادية – قمة فلسطين التي أتمنى أن تلقى قراراتها المتابعة والتطبيق، والتي كان لكم الدور البارز في صياغتها والسعي إلى إقرارها… وعلى أمل اللقاء القريب في وطنكم الثاني لبنان، أتمنى لكم دوام الصحة والعافية وللشعب المصري الشقيق التقدّم والفلاح”.

مجلس الوزراء

بعد نَيل الحكومة ثقة المجلس النيابي، تُعقد اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا أولى جلسات مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية، لدرس وإقرار جدول أعمال من 25 بنداً. وتؤشر الوقائع السابقة لانعقاد الجلسىة إلى أنّ ملف التعيينات سيكون حاضراً بشكل جزئي، عبر طرح تعيين قائد للجيش من خارج جدول الأعمال، على أن يكون هذا التعيين في المنصب الأول اللصيق برئيس الجمهورية باكورة التعيينات الأمنية التي ستكرّ سبحتها الأسبوع المقبل.

وبحسب ما أكّد مصدر حكومي لـ”الجمهورية”، فقد تمّ الاتفاق على اسم اللواء رودولف هيكل كقائد للجيش، على أن تنتهي تعيينات الأجهزة الأمنية الأسبوع المقبل. مشيراً إلى “أنّ لا مشكلة في التعيينات الأمنية، وأنّ التوجّه هو إلى ترك المدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري حتى نهاية الولاية الممدّدة له”.

ويتضمّن جدول الأعمال أيضاً آلية تنفيذ الإصلاحات وفقاً لجدول زمني يراعي الأولويات والاحتياجات الملحّة، كذلك عرض مشروع موازنة 2025 لإقراره بعد تعذّر مناقشته في مجلس النواب. كما يتضمّن الجدول تعيين سفراء من خارج الملاك في السلك الخارجي في الوزارة موقتاً، وعرض التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني حول الانتهاكات الاسرائيلية.

وأشارت معلومات “الجمهورية” الى أنّ منصب حاكم مصرف لبنان لم يتمّ بعد البحث في الأسماء المرشحة لتوليه. وفي هذا السياق أكّد وزير المال ياسين جابر أنّ “تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي سيتمّ قبل نهاية شهر آذار الجاري، بهدف تأمين استمرارية العمل في المصرف”، معتبراً أنّه “على الحاكم الجديد أن يتمتع بسمعة طيبة وخبرة طويلة، وأن يكون معروفاً ولديه تاريخ في المجال المالي والنقدي”.

وعن موضوع شطب الودائع في المصارف، أكّد جابر أنّ “هذا الأمر ليس وارداً”، مشدّداً على أنّ “التركيز ينصبّ على تعيين حاكم جديد يقدّم خطة نقدية ويعالج موضوع الودائع وبعد إنجاز ذلك، تتمّ معالجة موضوع الدائنين، حيث تمّ توجيه المصارف بتأجيل موضوع الدائنين حتى عام 2028 تقريباً”.

وكان رئيس الحكومة نواف سلام قد التقى عشية جلسة مجلس الوزراء وزير المال ياسين جابر وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وجرى عرض لأمور مالية.

تراكمات وتحدّيات

إلى ذلك، قالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”، إنّ الحكومة أمام مجموعة كبيرة من التراكمات والتحدّيات الصعبة والشائكة، والملفات المعقّدة المتراكمة تستوجب مقاربتها وفق قاعدة الأولويات الملحّة.

في سياق حكومي متصل، تؤكّد معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” أنّ ملف الانتخابات البلدية والاختيارية كان محل نقاش على مستويات سياسية مختلفة، طُرحت فيه فكرة تأجيل الانتخابات مرّة ثانية، نظراً للظروف الراهنة وعدم توفير الإمكانات اللازمة لإجرائها، خصوصاً في المناطق الجنوبية، ربطاً بالدمار الهائل الذي تعرّضت له.

وبحسب المعلومات فإنّ هذه الفكرة قد سقطت، حيث كان التوجّه الغالب هو لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، مع التأكيد على توفير مستلزماتها وضمان إجرائها بصورة طبيعية، حتى في القرى المهدّمة، وفي أقلام اقتراع مستحدثة فوق الركام.

المساعدات

في ما يتصل بالمساعدات، تشير المصادر الوزارية إلى أنّ الترجمة العملية للمهمّة الحكومية تتطلّب وقتاً طويلاً، يتجاوز عمرها، مرجّحةً التركيز على مجموعة عناوين أولها إنجاز موازنة العام 2025، السعي الجدّي وعلى وجه السرعة، لإتمام الجزء الواسع من التعيينات في كل الفئات الوظيفية، وإصدار المراسيم التطبيقية لمجموعة القوانين المجمّدة، مع تعيين الهيئات الناظمة لبعض القطاعات المنتجة. وكل تلك الأمور، تحتل الأولوية، لكن في صدارتها أولوية إعادة الإعمار، وهذا مرتبط بالتأكيد بتوفّر المساعدات.

الأولوية

الأكيد في هذا السياق أنّ ملف الإعمار وتوفير أكلافه يشكّل الأزمة الكبرى التي تثقل لبنان في هذه المرحلة. وإذا كانت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى السعودية ومشاركته في القمة العربية في القاهرة، قد أبرزتا حضور لبنان مع الأسرة العربية، وعكستا احتضاناً لافتاً له، فإنّ مصدراً سياسياً رفيعاً أبلغ إلى “الجمهورية”، قوله إنّه “يعوّل على ما وصفها التفاتة عربية واسعة تجاه لبنان في هذه المرحلة، وتوفير المساعدات التي تمكّن لبنان من مواجهة تحدّيات أزمته الاقتصادية والمالية وإعادة الإعمار”.

ولفت المصدر إلى وعود والتزامات للبنان بتوفير الدعم وحشده، جرى التعبير عنها من مستويات عربية (خليجية تحديداً) وغربية. ورفض تأكيد أو نفي ما يُقال حول ربط المساعدات، وخصوصاً المتصلة بملف الإعمار، بشروط سياسية وعسكرية متصلة تحديداً بـ”حزب الله” وسلاحه،

وقال: “لا أحد يتحدث عن شروط، هناك التزامات عربية ودولية تجاه لبنان، وفي المقابل يُقال صراحة إنّ هناك خطوات وإجراءات إدارية ومالية وإصلاحية مطلوب من لبنان القيام بها وهذا أمر طبيعي”.

وعن الحديث عن مقايضة المساعدات بسلاح “حزب الله”، وبإجراءات تتخذها الحكومة اللبنانية لنزع هذا السلاح، قال المصدر الرفيع: “كل العالم عبّر عن رغبة في الحفاظ على الاستقرار في لبنان وعدم تعريضه لما يخلّ به، وكل الخارج، من دون استثناء يدرك الوضع الداخلي في لبنان من كل جوانبه. ومن هنا، وبمعزل عمّا يُقال من هنا وهناك أعتقد أنّ ما هو مطلوب من لبنان لقاء المساعدات، من الطبيعي أن تكون خطوات وإجراءات مقدور عليها كالإصلاحات الإدارية والمالية الموعودة التي التزم بها لبنان أمام المجتمع الدولي، وليس على شاكلة ما يُروّج له من خطوات أو إجراءات فوق طاقته أو قدرته على تنفيذها”.

في السياق عينه، كشفت مصادر مالية لـ”الجمهورية”، أنّ النقاشات التي بوشر فيها مع المستويات الدولية، أبرزت إيجابيات واعدة في إمكان تشكيل مروحة مساعدات خارجية واسعة للبنان في المرحلة المقبلة.

وإذ اشارت المصادر إلى الحضور الفرنسي القوي على خط توفير المساعدات للبنان – وكما هو معلوم في هذا الإطار أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بصدد عقد مؤتمر دولي لحشد الدعم للبنان – لفتت إلى ليونة ملحوظة بدأت تتبدّى منذ بداية العهد الرئاسي في تعاطي المؤسسات المالية الدولية مع لبنان، حيث أكّدت النقاشات التي جرت وتجري مع كبار المسؤولين في هذه المؤسسات، وجود رغبة واستعداد واضح لديها لتقديم المساعدة للبنان.

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت هذه المساعدات مشروطة، قالت المصادر: “المؤسسات الدولية بشكل خاص، ودول الخارج بشكل عام ليست “كاريتاس”، هناك بالتأكيد شروط مرتبطة بالإصلاحات ومكافحة الفساد، والمنحى الإصلاحي الذي أكّدت الدولة اللبنانية بأنّها ستنتهجه، بعث برسالة خارجية مشجعة في هذا المجال”.

وكشفت المصادر “أنّ البنك الدولي يُحضّر لبرنامج مساعدات للبنان، وبداية هذا البرنامج ستكون في ما أعلنه وزير المال ياسين جابر عن توجّه لدى البنك الدولي لتأسيس صندوق بنحو مليار دولار لدعم لبنان في مجال الإعمار، إلى جانب مساعدات موازية في مجالات أخرى. فيما تجري التحضيرات في المالية لتوقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي في المدى المنظور، عبر وفد رفيع المستوى من صندوق النقد، يُنتظر أن يزور لبنان في وقت قريب”.

وأوضحت المصادر، أنّ “الاتفاق الجديد المنوي توقيعه، ليس بديلاً لاتفاق الإطار الموقّع بين لبنان وصندوق النقد قبيل ثلاث سنوات بنحو 3 مليارات دولار، والذي تأخّر تطبيقه وضاع في المماحكات والمزاجيات السياسية الداخلية، بل أنّ الظروف التي سادت خلال السنوات الأخيرة، وما رافقها من تغيّرات وتحوّلات، فرضت إدخال تعديلات جذرية في مندرجات الاتفاق، بما يجعله مواكباً لتطوّرات وأولويات المرحلة المقبلة، وملبِّياً لمتطلبات الصندوق البديهية”.

المصدر: الجمهورية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Powered by WooCommerce