جعجع: هذه أعظم مشكلة في السياسة اللبنانية
جعجع: هذه أعظم مشكلة في السياسة اللبنانية
استقبل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في المقر العام للحزب في معراب، وفداً من طلاب “القوات” في جامعة “LAU” بعد فوزهم في الإنتخابات الطالبية، في حضور الأمين العام اميل مكرزل، الأمين المساعد لشؤون المصالح نبيل ابو جودة، الأمين المساعد لشؤون المناطق جورج عيد، الأمين المساعد لشؤون الإدارة رفيق شاهين، رئيس مصلحة الطلاب عبدو عماد، رئيس دائرة الجامعات الأميركية في المصلحة جان مارك نمور وعدد من أعضاء مكتب المصلحة، رئيس خلية “LAU” – جبيل جوزي نون، رئيس خلية “LAU” – بيروت رواد ابو جودة وعدد من طلاب “القوات” في الجامعة.
والقى جعجع كلمة، استهلها بالتوجه الى الطلاب، قائلا: “أود أن تدركوا جيدا أن ما قمتم به خلال الأيام الماضية، سواء كان ذلك على مدى يومين أو ثلاثة، أو حتى أسابيع، شهر، أو حتى شهرين، لم يكن مجرد عمل انتخابي عابر. صحيح أن العمل بحد ذاته كان عملا انتخابيا ولكن مفاعيله ونتائجه تتخطى الإنتخابات الطالبية وهي أعمق مما تظنون. فما قمتم به لم يكن مجرد حملة انتخابية، بل هو حلقة من ضمن مسار نضالي طويل يثمر نتائج لا تقتصر على صناديق الاقتراع فحسب. فبفضل تحرككم وإيمانكم، عملكم وصلابتكم، وبغض النظر عن نتيجة العمل الذي تقومون به بحد ذاته، إلا أن هذا الحراك ساهم في إيصال أربعة وزراء للقوات اللبنانية إلى الحكومة اليوم من الطراز الذي ترون. وهنا قد يتساءل البعض: “وما علاقة هذا بذاك؟”، الحقيقة هي أن كل شيء مرتبط ببعضه البعض. فحين تمتلك القوات اللبنانية هذا الثقل السياسي، فإن ذلك ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكم جهودكم، إذ إن الإنجازات الكبرى لا تأتي فجأة، بل تكون ثمرة أعمال صغيرة متواصلة، متراكمة فوق بعضها البعض، حتى تصنع الفرق الكبير. لا تظنوا أن النجاح الكبير يتحقق بضربة واحدة، فهذا نادر الحدوث، بل غالبا ما يكون ثمرة نضال طويل ومستمر. أنتم، من خلال جهدكم الذي بذلتموه، ظننتم أنكم تخوضون معركة انتخابية فحسب، ولكن في الواقع، أضفتم مدماكا آخر إلى حصن قوة القوات اللبنانية، مدماكا فوق مدماك، في حين أن رفاقا آخرين لكم، سواء في الجامعات الأخرى، أو في القرى، أو حتى في الاغتراب، يقومون بعمل مماثل، وهذا ما يعزز حضور القوات اللبنانية، ويعطيها الهالة التي تمتلكها اليوم، ويجعلها قوة ذات هيبة وتأثير سياسي يسمح لها ان تكون داخل الحكومة اللبنانية بالثقل الذي هي فيه اليوم. لذا، أود أن أقول لكم: “يعطيكم مية ألف عافية”، لأنكم، من خلال عملكم الذي ظننتموه محليا على مستوى انتخابات جامعية، ساهمتم في تعزيز وضع “القوات اللبنانية” ككل وأثبتم أن هذه المسيرة ما زالت مستمرة، وتزداد قوة يوما بعد يوم”.
اضاف: “أريدكم أن تدركوا أنكم، وإن لم تكونوا الوحيدين، فإنكم من بين القلة في لبنان الذين يمكنهم أن يفتخروا بأنفسهم. وأنا لا أحبذ التفاخر عادة باعتبار أنه يفسد الإنسان، حيث يجب على المرء أن يؤدي عمله الصالح، ثم يمضي قدما من دون الإلتفات إلى الوراء، ولكن هناك لحظات لا بد فيها من الاعتراف بالإنجاز، وأنتم يحق لكم اليوم أن تفخروا بأنفسكم، لأنكم جزء من مجموعة أثبتت الأحداث، على مدى خمسة وأربعين عاما، صوابية مواقفها وثبات مبادئها”.
واعتبر جعجع أن “أعظم مشكلة في السياسة اللبنانية هي أن البعض يريد دائما أن يكون في موقع المنتصر، وهذا خطأ قاتل. للأسف، يحكم كثيرون على السياسيين ليس بناء على مدى صحة عقيدتهم أو دقة طرحهم أو جدوى مشروعهم، بل فقط بناء على ما إذا كانوا في موقع الربح أو الخسارة. ولكن هذا ليس هو المقياس الصحيح”.
وقال: “نحن نعيش في مجتمع صعب، وعليكم مسؤولية كبرى، لأن التغيير الجذري في المجتمع لا يأتي بسهولة، لكنه ضروري حتى نصل إلى مستقبل أفضل. فكروا قليلا في المعايير التي ما زالت تحكم مجتمعنا حتى اليوم: “الشاطر هو من يعرف كيف ينجو”. لكن، ما معنى “أن ينجو”؟ أي أن يكون متلونا، يبدل مواقفه حسب الظروف، يغير عقيدته كما يغير ملابسه، ويتنكر لمبادئه كلما تغيرت الأحوال. هذا ليس شطارة أبدا، بل انتهازية قصيرة النظر لا توصل صاحبها إلى أي مكان. أما قوة “القوات اللبنانية”، فتكمن في أنها وعلى رغم المتغيرات كلها التي عصفت بالبلاد منذ خمسة وأربعين عاما، بقيت ثابتة على مواقفها”.
واستطرد قائلا: “لهذا، أقول لكم منذ الآن، أنتم الذين تخوضون هذه المسيرة، أنتم في موقع ليس بالسهل أبدا. لقد اخترتم الانتماء إلى حزب من أكثر الأحزاب صلابة في مبادئه، ومقولة “مش هينة تكون قوات” ليست مجرد شعار، بل هي واقع، فـ”القوات اللبنانية” ليست مجرد حزب سياسي، وإنما هي حركة تغيير عميقة الجذور دفعت الأثمان الغالية حفاظا على مواقفها ومبادئها، سواء عبر إستشهاد الرفاق الذين ضحوا بأرواحهم، أو الجرحى الذين فقدوا صحتهم، أو المعتقلين الذين تعرضوا للاضطهاد، أو غيرهم ممن دفعوا أثمانا باهظة. القواتيون يدفعون الثمن لأنهم أصحاب مبدأ، والناس تخشى أصحاب المبادئ، لأنهم لا يقبلون الانحناء”.
ولفت إلى أن “أصحاب المبادئ يثيرون قلق الجميع، لأن المجتمع بطبيعته يميل إلى الركون إلى المألوف والاعتياد على الواقع مهما كان سيئا، ويفضل الابتعاد عن التغيير. هذا ما عبر عنه جبران خليل جبران في كتابه “الأجنحة المتكسرة”، حين تحدث عن النبي الذي خاطب قومه الذين يعيشون في منطقة متوسطة بين الجبل والوادي، فقال لهم: “لماذا تبقون هنا؟ اصعدوا إلى قمة الجبل، حيث تستطيعون أن تروا العالم بأسره، وحيث تشرق الشمس عليكم كاملة”. لكنهم رفضوا قائلين: “هناك في الأعلى تهب الرياح، والبرد قارس، نحن لا نريد الصعود”. فقال لهم: “حسنا، إذا لم ترغبوا في الصعود، فلماذا لا تنزلون إلى الوادي، حيث الأشجار المثمرة والينابيع؟”. لكنهم رفضوا أيضا، قائلين: “نحن نشأنا هنا، وسنبقى هنا حتى نموت”. وفي هذا المثل عبرة كبيرة عن المشكلة التي يعانيها أصحاب الفكر التقدمي، فهم دائما يواجهون مقاومة لأنهم يدعون الناس إلى الخروج من قوقعتهم المعتادة”. وقال جعجع للطلاب: “أنتم جزء من حركة طليعية أثبتت وجودها، وهي حركة تمتلك زخما ومسارا مستقيما، وصلابة تفوق أي قوة أخرى. لكن تذكروا: المستقبل لا يمنح لأحد، بل ينتزع بالعمل الجاد. كثيرون يسألونني: “حكيم، ما هو مستقبلنا في هذا البلد؟”، فأجيبهم: “مستقبلنا يتوقف على عملنا. إن كان عملنا جيدا، فسيكون المستقبل مشرقا، وإن أسأنا العمل، فسيكون قاتما”. هذه قاعدة طبيعية، تماما كما قانون حفظ الكتلة في الفيزياء: “لا شيء يخلق من العدم، ولا شيء يختفي تماما، بل كل شيء يتحول”. لقد عملنا بجد كقوات لبنانية، فحصلنا على موقع متقدم اليوم. ولبنان اليوم على مفترق طرق، وقد بدأنا السير باتجاه الطريق الصحيح، ولكن هذه مجرد بداية، وكل ما ترونه الآن هو نتيجة صمودنا، وتمسكنا بمبادئنا، وثبات مواقفنا”.
ودعا جعجع الطلاب الى مواجهة مجتمعهم، وقال: “عليكم أن تواجهوا حتى أقرب الناس إليكم، لأن الكثير من المفاهيم السائدة لديهم خاطئة، إذ يقيسون الأمور بمقياس الربح والخسارة، وليس بمقياس المبادئ والقيم. فإذا لم تكونوا مبدئيين، لن تحققوا شيئا. وإذا لم تتحلوا بالاستقامة، فلن تصلوا إلى أي مكان. الأهم من “الشطارة” بالمفهوم اللبناني التقليدي هي الأخلاق، والاستقامة، والوضوح. لذا كونوا واضحين كالشمس، صامدين كالرماح، وسنستمر سويا في هذه المسيرة حتى تحقيق أهدافها”.
وختم موضحا أن “ما نعيشه اليوم ليست سوى محطة ضمن مسار طويل من النضال، ومسيرتنا طويلة. وإن أردتم معرفة إلى متى ستستمر هذه المسيرة، فلا تبحثوا عن الجواب في وسائل التواصل الاجتماعي، بل ارجعوا إلى التاريخ، إلى الكتب، واقرأوا عن وجودنا في هذه الأرض، وعن نضالات أجدادنا وستدركون عندها أن مسيرتنا طويلة، لكنها تستحق العناء والتضحية”.
وألقى رئيس مصلحة الطلاب كلمة مقتضبة، اعتبر فيها أن “النجاحات التي تحققها “القوات اللبنانية” في الانتخابات الطالبية في الجامعات مردها إلى ثلاثة جوانب، الأول، هو أن هناك حزبا ذا تاريخ طويل وعريق، وأنت يا حكيم على رأسه وتقوده بكل كفاءة. هذا الحزب لديه مواقف سياسية ثابتة منذ تأسيسه وحتى اليوم، بغض النظر عن كل الظروف التي مرت علينا سابقا، والظروف التي نواجه حاليا. الثاني، هو وجود هؤلاء الشباب المؤمنين بهذا الحزب، والحزب أيضا يؤمن بهم. إنهم يبذلون كل ما في وسعهم ليس لتحقيق مكاسب شخصية، وإنما لإثبات أن هذا هو لبنان الذي نريد، وهذه هي الصورة التي نسعى إليها، وهذا هو المجتمع الذي نصبو إليه. إننا نعمل على ترسيخ هذه الصورة الحقيقية، ليتمكن الآخرون من رؤيتها بوضوح، كما نسعى إلى بناء الدولة القوية التي نحلم بها. أما الثالث، فهو كما أشار الشباب، وبغض النظر عن الأرقام، نحن نتفاعل مع الناس في الجامعات، وندرك جيدا الواقع فيها. في بعض الجامعات، نحصل على 4500 صوت، يكون من بينها فقط 340 صوت لقواتيين ملتزمين، فيما البقية هم أفراد في المجتمع يصوتون للقوات ويؤيدونها، حتى وإن لم يكونوا ملتزمين حزبيا. هذا يدل على أن الشباب اللبناني مؤمن بحزب “القوات اللبنانية” ومشروعه، فالقوات اللبنانية اليوم هي خميرة لبنان، وشباب القوات اللبنانية هم خميرة الشباب اللبناني، والقوات اللبنانية هي خميرة الأحزاب وفخرها”.
وتوجه الى الطلاب، قائلا: “أيها الرفاق، لدينا استحقاقات مهمة في العام المقبل. قلت هذا الكلام قبل عامين وسأكرره اليوم: كما ندخل بقوة إلى الجامعات، علينا أن ندخل بالروح نفسها إلى قرانا وأحيائنا، إلى بلدياتنا، وإلى مجلس النواب. نحن مقبلون على مرحلة علينا أن نكون فيها سندا لحزبنا، لنتقدم معا ونصل إلى الهدف الذي نسعى إليه”.