ما لا يقوله حزب الله في العلن…
كتب داني حداد في موقع mtv:
لم يخرج حزب الله بعد، في إعلامه وعبر مسؤوليه الذين يطلّون بعد عبر الشاشات، عن خطاب ما قبل الحرب لجهّة توعّد العدوّ الإسرائيلي بإذلاله. ليس في الأمر إنكاراً كما يظنّ البعض، فقيادة “الحزب” تدرك جيّداً واقعه الحالي وما أصابه من ضرباتٍ في الصميم.
خرج أحد المنظّرين لانتصار حزب الله في مقابلة تلفزيونيّة، قبل أسابيع قليلة، ليعلن أنّ فرقة الرضوان التي اغتال الجيش الإسرائيلي قيادتها ليست الأقوى لدى “الحزب”، بل سنشهد قريباً ظهور “فرقة العبّاس” التي ستشكّل نقطة تحوّل في الحرب. ما يجهله الكثيرون أن لا وجود لهذه الفرقة، وهو ما يدركه تماماً من تحدّث عنها، ولكنّه أراد أن يبثّ المعنويّات في نفوس مناصري الحزب الجريحة!
هذه الرواية هي النموذج عن كيفيّة تعاطي حزب الله، إعلاميّاً، مع هذه الحرب. بعض المنظّرين يتحدّثون عن انتصارٍ ودحرٍ للعدو ونحرٍ لجنوده، بينما تنقسم الشاشات طيلة النهار ناقلةً مشاهد القصف والدمار، من الضاحية الجنوبيّة الى الجنوب وبعلبك، مروراً بمراكز الإيواء حيث يقيم أطفالٌ في صفوف المدارس ويُحرمون من التعليم.
لكنّ الحقيقة التي يجهلها كثيرون هي أنّ حزب الله يدرك، أكثر من أيٍّ منّا، أنّه هُزم في هذه الحرب بدليل قبوله بالانسحاب من جنوب الليطاني، ما سيؤدّي لاحقاً الى سقوط شرعيّته كمقاومة من خلال البيانات الوزاريّة.
ويدرك “الحزب” بأنّ الشيخ نعيم قاسم ليس السيّد حسن نصرالله، وبأنّ قياديّيه العسكريّين باتوا في دنيا الحقّ، وبأنّ ترسانته العسكريّة دُمّرت الى حدٍّ كبير، وبأنّ سوريا تخلّت عنه، وبأنّ عدد الشهداء بات كبيراً والدمار بات مرعباً…
ويدرك حزب الله بأنّه فقد الكثير من التضامن الشعبي خارج طائفته، وبأنّ لبنانيّين كثيرين لن يقبلوا باستمرار تسلّحه، وبأنّ إيران تبيع وتشتري على مصيره ومستقبله، وبأنّ إنذاراً من أفيخاي أدرعي قادر على إفراغ الضاحية الجنوبيّة ممّن تبقّى من سكّانها…
يعرف حزب الله ذلك كلّه، وما من إنكارٍ لهذه الحقيقة في مجالس مسؤوليه، لكنّ الخطاب الإعلامي يتّصل بالمعنويّات المطلوبة في هذه المرحلة وبمسار التفاوض الذي يستوجب تصعيداً في الكلام وفي إطلاق الصواريخ، تعزيزاً لشروط التسوية.
ولكن، إذا كان خطاب الانتصار الذي يتحدّث عنه البعض بات غباءً، فإنّ من الغباء أيضاً تسرّع البعض الآخر في إعلان نهاية حزب الله، أو قصف جبهته الداخليّة إعلاميّاً، الأمر الذي يستفيد منه “الحزب” لتجييش مناصريه وتحريضهم.
صدق أحد السياسيّين المخضرمين حين قال لي: “تكرار الكلام عن سيناريو نهاية الحرب والقضاء على الجناح العسكري لـ “الحزب” غير مفيد. شاهدوا النتائج من دون أن تتحدّثوا عنها، فخاطر “الحزب” مكسور، وقد ينتقم في الداخل، ولو في السياسة”.