لا إتفاق لوقف نار قبل “الثلاثاء الأميركي”
كتبت صحيفة “النهار”: لم تكن دورة التصعيد الحربي الإسرائيلي المضاعف بدءاً من صباح أمس شاملاً كل مناطق الاستهدافات الدائمة زائد توسيع الهجمات بالمسيّرات بهدف الاغتيالات سوى جواب عاجل وسريع على كل الذين ساورتهم آمال متعجلة في إمكان أن ترى تسوية لوقف النار والشروع في تنفيذ القرار 1701 النور قبل الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية النور. ومع أن التصعيد بذاته بدا الجواب السريع الأولي الذي واكب بدء محادثات موفدي الرئيس الأميركي جو بايدن، آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك مع المسؤولين الإسرائيليين في تل أبيب، فإن الموقف الذي أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب لقائه الموفدَين الأميركيين أحبط المراهنين على “هدية” يقدمها نتنياهو إلى الادارة الأميركية الحالية من شأنها أن تجيّر لمصلحة المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس عبر استجابته لجهود واشنطن إعلان وقف النار في لبنان قبل الثلاثاء المقبل.
بذلك يكون نتنياهو استعاد النسخة الثانية لإحباطه في اللحظة الاخيرة مشروع الحل الأميركي- الفرنسي الذي سبق للبنان الرسمي أن وافق عليه وأيدته مجموعة واسعة من الدول. وتبعاً للمناخ السلبي المقفل الذي ساد أمس عقب محادثات الموفدين الأميركيين مع نتنياهو، صار شبه مؤكد أن هوكشتاين لن يزور بيروت بعد تل أبيب ولو أنه قد يتواصل مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي لإبلاغهما نتائج محادثاته في إسرائيل، وأن الجهد الديبلوماسي الأميركي صار معلقاً إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية بما يعكس تالياً أن دورات التصعيد الحربي قد تتخذ وجهاً أشد عنفاً في قابل الأيام.
وفي تصعيد متواصل لموقفه أكد نتنياهو للموفدين “تصميم إسرائيل على إحباط أي تهديد لأمنها من لبنان وإعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال”.
وقال: “القضية الأساسية ليست أوراق هذا الاتفاق أو ذاك بل قدرة إسرائيل وتصميمها على إنفاد الاتفاق”. وأضاف: “وقف إطلاق النار مع “حزب الله” يجب أن يضمن أمن إسرائيل”. وتحدث عن “ضغط لتحقيق تسوية في لبنان قبل الأوان” مضيفاً “الواقع أثبت العكس ولا أحدد موعداً لنهاية الحرب لكني أضع أهدافاً واضحة للانتصار فيها وسنعمل على معالجة أذرع الأخطبوط ونضرب في الوقت نفسه رأسه في إيران … لا أقلل من شأن أعدائنا مطلقاً والمهم في التسوية في لبنان إمكان تحقيق الأمن والعمل ضد التسلح”.
ليس قبل الثلثاء
ونقلت وسائل اعلام أميركية عن مسؤولين أميركيين تشكيكهم في أن تؤدي الجهود الدبلوماسية هذا الأسبوع إلى اتفاق لوقف النار في غزة ولبنان، قبل انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة يوم الثلاثاء 5 تشرين الثاني. واعتبروا أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، فإن التوقعات بأن الجهود النهائية لإنهاء الحرب في غزة ولبنان سوف تتكلل بالنجاح أصبحت ضئيلة. ولفتوا إلى أن هناك شعوراً داخل إدارة الرئيس جو بايدن، أن نتنياهو ينتظر انتهاء الحملة الانتخابية الرئاسية لمعرفة من سيكون رئيس الولايات المتحدة المقبل، لكن واشنطن تظل مع ذلك متمسكة بإرسال مبعوثين كبار إلى المنطقة لمناقشة احتمالات إنهاء الحرب.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مقربين من نتنياهو قولهم إنهم لا يتوقعون التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بشأن الحرب في لبنان قبل الانتخابات الأميركية المقررة في الخامس من تشرين الثاني، على الرغم من أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدفع في هذا الاتجاه.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين لبنانيين وعرب آخرين يشاركون في مفاوضات تجري بهذا الشأن قولهم إن جماعة “حزب الله” والحكومة اللبنانية لم يقبلا الاتفاق الدبلوماسي المُقترح، وقالا إنه يتيح لإسرائيل حرية أكبر لمواصلة هجومها عبر الحدود. ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الجانب الإسرائيلي يسعى للاستفادة مما وصفه بـ”الإنجازات العملياتية الضخمة لإسرائيل وخاصة تدمير قيادة حزب الله بأكملها”. وأضاف: “كل المفاوضات ستتم تحت النار. لا أحد يوافق على وقف إطلاق النار من أجل التفاوض على اتفاق”.
والواقع أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي كان أبدى مساء الاربعاء تفاؤلاً حذراً في امكان إعلان وقف النار، قال أمس إن “التهديدات التي يطلقها الجيش الإسرائيلي ضد المدنيين اللبنانيين بإخلاء مدن بأكملها والنزوح عن مناطقهم ومنازلهم جريمة حرب إضافية تضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي قتلاً وتدميراً وتخريبا”. وأشار إلى أنه “أبلغ هذا الموقف الى الهيئات الدبلوماسية الفاعلة طالباً تكثيف الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها وهذا النهج المرفوض بكل المعايير الدولية والإنسانية”. وقال: “لقد تبلغنا من الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين بالأمس أنه سيسعى في إسرائيل للتوصل إلى حل يوقف اطلاق النار تمهيداً للبحث عن سبل التطبيق الكامل للقرار 1701، ونحن في إنتظار أن نتبلغ منه نتائج اتصالاته، علماً أن التصعيد الإسرائيلي المستمر والمواقف والتهديدات الإسرائيلية لا تبعث على التفاؤل، على الاقل في الفترة القصيرة المقبلة”.
إنذارات وغارات
أما التصعيد الإسرائيلي، فمضى متنقلاً بين الجنوب والبقاع على وقع انذارات إضافية بالاخلاءات لا سيما في بعلبك ومنطقتها، بينما استُهدفت مجدداً سيارة في عاريا، واللافت أيضا توسّع دائرة الاستهدافات لتصيب بقوة القطاع الصحي والعاملين فيه، موقعة الشهداء والجرحى. وانذر الجيش الإسرائيلي صباحاً سكان عدد من البلدات في الجنوب بضرورة إخلائها والانتقال إلى شمال نهر الأولي. والبلدات هي: الحوش، البازورية، مخيم الرشيدية، البرغلية، بستيات، الحميري، ارزي، مطرية الشومر، الخرايب، أنصار. وعلى الاثر سادت مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين حالة من الهلع وسط حركة نزوح كثيفة، وقد استنفرت القوى الفلسطينية بعد التهديد الإسرائيلي للمخيم. واستهدفت غارة بلدة رشكنانيه والحوش في صور ثم استهدفت مدينة صور بعد الظهر.
كما عاود المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية افيخاي أدرعي توجيه إنذار إلى سكان بعلبك وعين بورضاي ودورس. وبعدها، طاولت غارات البقاع الشماليّ وبلدة حوش السيد علي الحدودية تحديداً. واستهدفت مقنة حيث أفيد عن وقوع 3 شهداء و5 جرحى وسجلت 4 غارات استهدفت بلدة دورس ومحيط بعلبك. كما شن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدة سحمر في البقاع الغربي.
وسجّل في المقابل إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان في اتجاه مواقع إسرائيلية في الجليل، علماً أن الجيش الإسرائيلي كان أعلن صباحاً أنه رصد إطلاق 30 صاروخاً من لبنان باتجاه الجليل في الدفعة الأخيرة واعترض عدداً منها. وأفادت وسائل اعلام اسرائيلية عن سقوط خمسة قتلى في قصف صاروخي من لبنان.
وأعلن “حزب الله” في سلسلة بيانات أنه استهدف أربع مرات تجمعات للقوّات الإسرائيلية في منطقة وطى الخيام بالصواريخ. وأطلق صلية صاروخية على تجمع للقوات الإسرائيلية جنوب منطقة الخيام، كما استهدف فجر أمس تجمعاً للجنود الاسرائيليين شرق بلدة الخيام بصلية صاروخية وقذائف المدفعية. وقصف مساء أمس مستعمرة كريات شمونة ولمرتين بصلية صاروخية، وتجمعات للجنود الإسرائيليين في مستعمرتي ليمان وجشر هزيف بصلية صاروخية. وقصف مستعمرة كرمئيل وتجمعاً في مستعمرة يفتاح.
وأعلن أيضا استهداف مخازن يركا شرق مدينة عكا وتجمعاً للقوات الإسرائيلية في أطراف الحي الشرقي في بلدة الخيام. كما قصف ليلاً تجمعاً للقوات الإسرائيلية في محيط بلدة مارون الراس.