للأسبوع الرابع على التوالي، استكمل العدو الإسرائيلي حربه الإجرامية على لبنان، مرتكباً العديد من المجازر في مختلف المناطق اللبنانية. ولم يوفّر البيوت والأحياء السكنية مدمّراً بعضها بالكامل، كما حصل في قرية محيبيب الجنوبية، فضلاً عن الإدارات الرسمية، حيث طال الإجرام مبنيي بلدية النبطية واتحاد بلدياتها، بالتزامن مع حزام ناري على المدينة ومحيطها، ما أدى إلى استشهاد رئيس البلدية محمد كحيل وعدد من الأعضاء كانوا يتداولون في تنسيق المساعدات الإغاثية للنازحين.
مسلسل العدوان عاد ليطاول، أمس، الضاحية الجنوبية لبيروت، رغم الإشارات الأميركية المستمرة وآخرها ما صدر عن البيت الأبيض بأن واشنطن طلبت من إسرائيل وقف الهجمات اليومية على العاصمة بيروت. ولكن من غير المستَغرب أن تضرب تل أبيب بعرض الحائط كل الطلبات الدولية كما فعلت دائماً، لا سيما وأن عدوانها يطال كل البلد وليس هناك من منطقة آمنة من آلة قتلها.
في هذه الاثناء، يخوض مقاتلو حزب الله حرب مواجهة عنيفة مع جيش العدو الاسرائلي، على طول الحدود من الناقورة غرباً الى مرجعيون وتلال كفرشوبا في القطاع الشرقي، موقعاً في صفوفه إصابات مباشرة. وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية، ليل الأربعاء الخميس، عن حدث أمني صعب عند الحدود، وسط معلومات عن مقتل 7 جنود إسرائيليين وإصابة 17 على الأقل في معارك مباشرة مع حزب الله.
بالتزامن، واصل الرئيس السابق للحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط حراكه، حيث زار الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، يرافقه عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور. حيث أعاد التأكيد على المواقف التي صدرت عن اللقاء الثلاثي في 2 تشرين الأول الجاري، مشدداً عل ضرورة وقف إطلاق النار على قاعدة الـ1701، وتسليم الجيش الأمن في الجنوب، متمنياً على الدول الكبرى، وتحديداً فرنسا، المُساعدة العملية والفعّالة للجيش اللبناني كي يقوم بالمهمة الموكلة إليه بشكل معزز ومُكّرم.
ورأى جنبلاط أن “وحده وقف إطلاق النار بمساعدة الدول الكبرى يوصلنا الى إنتخاب رئيس والى الإبتداء بالكلام بعيداً عن الخراب والدماء والدمار”.
وتعليقاً على “السجال العقيم أحياناً بشأن القرارين 1559 او 1680″، على حدّ تعبيره، اعتبر أن “وثيقة الطائف واضحة جداً وتقول ببسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وأتمنى ان نعود اليها ونتمسك بها طبعاً، وهي أيضاً تشتمل في ما تشتمل على تأكيد “اتفاق الهدنة” الذي وضع بين دولة لبنان ودولة إسرائيل عام 1949 والهدنة هي حرب معلنة، مع وقف التنفيذ. إنه جد مهم أن نعود إلى اتفاق الطائف ونخرج من بعض التفاصيل التي تشكل خلافا داخليا نحن بغنى عنه”.
وكان “اللقاء الديمقراطي” واصل لقاءاته السياسية، حيث اجتمع بلقاء مشترك مع حزب الكتائب اللبنانية وكتلة الاعتدال الوطني في بكفيا.
وتوازياً مع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومن أجل بلورة موقف وطني موحّد في وجه الحرب القائمة ضد كل البلد، شهد الصرح البطريركي في بكركي قمة روحية مسيحية إسلامية، أكدت على التضامن اللبناني بين كل الطوائف اللبنانية مسلمين ومسيحيين وطالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بوقف فوري لاطلاق النار، وحث النواب اللبنانيين لانتخاب رئيس توافقي للجمهورية.
وعلى هامش القمة، اعتبرَ شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى في حديث خاص لجريدة الأنباء الالكترونية أنَّ أهمية لقاء بكركي أنه يأتي في ظل هذه الظروف الصعبة والإستثنائية جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان وما يحصل من نزوح وتهجير وتغيير.
وأشار أبي المنى إلى أن هذا اللقاء يدل على أن هناك إرادة لبنانية واحدة تؤكد على وحدة لبنان وتضامن اللبنانيين في ما بينهم، كما رفض العدوان، وتناشد دول القرار والمجتمع الدولي والمسؤولين في لبنان أيضاً على الضغط باتجاه وقف إطلاق النار وانتخاب رئيس ليكتمل عقد المؤسسات ويُصار بعدها إلى تشكيل الحكومة.
أبي المنى أكّد أنه يجب تحصين وطننا من الداخل والخارج بالضغط على دول القرار لوقف العدوان.
وختم أبي المنى بالقول: “خرجنا ببيان واضح ومعبّر ويغطي جميع النقاط الأساسية في ظلّ توافق تام بين جميع الحاضرين”.
من جهته، اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ميشال موسى في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن انعقاد القمة الروحية في بكركي أمر ضروري جداً في هذه الظروف المصيرية.
ولفت موسى ألى أن القمة أكدت أن هناك قواسم مشتركة عند جميع الفرقاء بغض النظر عن الخلافات بوجهات النظر فيما بينهم. وقال: “يبقى هناك مواضيع وطنية مشتركة جامعة ركزت عليها القمة أهمها وقف إطلاق النار وانتخاب رئيس جمهورية”، واصفاً المطالبة بوقف إطلاق النار بأنه نداء وجداني يعبّر عن رأي كل الفرقاء اللبنانيين للقول تبقى الأولويات السياسية هي الأهم في مثل هذه الظروف.
من جهة ثانية، لفت موسى إلى “وجود حراك سياسي كبير بين السياسيين لكن ما يهمنا هو النتيجة فالوقت ضاغط وثمنه غال جداً”، داعياً إلى تزخيم القواسم المشتركة للوصول إلى انتخاب رئيس جمهورية في أقرب وقت.
واستطرد موسى إلى الوضع الميداني، معلّقاً بالقول: “دماء كثيرة تُهدر على أرض الوطن. ومن المهم جداً تقصير المسافات بين اللبنانين من أجل حماية لبنان واستعادة بناء الدولة”.
صحيح، فإن البلد بأسره بات رهينة العدوان الإسرائيلي والدم كثير، والمطلوب وقف الإطلاق النار فوراً، لكن هذا الأمر سيحتاج إلى ضغط دولي كبير، يبدو أنه لن يتوفر في الأسابيع القليلة التي باتت تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
المصدر: الانباء الالكترونية