بعد مرور 31 شهرًا من الحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن التحركات الغربية تُشير إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، إثر تبني البرلمان الأوروبي في جلسة عامة في «ستراسبورغ» بأغلبية ساحقة قرارًا يدعو الدول الأوروبية إلى السماح لكييف بتوجيه ضربات إلى العمق الروسي.
قرار البرلمان الأوروبي، دعا الدول الأعضاء إلى الرفع الفوري للقيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية الموردة إلى أوكرانيا ضد أهداف عسكرية مشروعة على الأراضي الروسية، بالإضافة إلى مواصلة توسيع العقوبات ضد موسكو، وتسريع تخصيص قرض بقيمة 50 مليار يورو لكييف مع سداد عائدات الأصول المجمدة لروسيا.
قرارات غير ملزمة
وأثارت موافقة 425 نائبًا أوروبيًا على القرار، واعتراض 131 آخرين تساؤلات المراقبين، عن أسباب تبني قرار عسكري لأول مرة داخل البرلمان الأوروبي ودلالاته، وسيناريوهات الرد الروسي حال تنفيذ هذا القرار.
وبحسب الخبراء فإن قرارات البرلمان الأوروبي، وإن كانت غير ملزمة للدول الأعضاء أو المؤسسات الدولية، إلا أنها خطوة تُنذر بحرب عالمية، وأن موسكو سخرت الإمكانيات للرد على المحاولات الأوروبية لضرب العمق الروسي، ولديها أكثر من سيناريو للتعامل مع هذا، بعيدًا عن الضربات المباشرة للقواعد العسكرية الأوروبية.
قال الدكتور محمود الأفندي، الباحث في الشؤون الروسية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع منذ أيام خطوطًا حمراء – في تصريحات صحافية أمام الغرب – وهي عدم استخدام البنية التحتية لحلف الناتو «المطارات والقواعد العسكرية» لضرب العمق الروسي، وأيضًا الدخول المباشر لقوات عسكرية إلزامية من الناتو إلى الأراضي الأوكرانية، وأيضًا استهداف روسيا بأسلحة وصواريخ غربية بعيدة المدى، فهذه الخطوط الحمراء حال تحقيقها سيكون الرد عنيفًا وغير متوقع من الجانب الروسي.
وأضاف الأفندي، في تصريحات خاصة لـ «إرم نيوز»، أن البرلمان الأوروبي لا يمكنه اتخاذ قرارات عسكرية، فهو يمكنه مناقشة القضايا السياسية والاقتصادية فقط، ومن الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تُخطط في هذا الشيء، وتمنح التعليمات لأوروبا بشكل غير مباشر، وذلك لأنه حال استهداف روسيا هذه الدول بالأسلحة النووية تلقي واشنطن اللوم على الغرب؛ لاتخاذ هذا القرار المنفرد.
التصعيد هو الحل الوحيد
وتابع الباحث في الشؤون الروسية في تصريحاته: «أن الولايات المتحدة لن تسمح بأي شكل باستخدام صواريخها في ضرب العمق الروسي، وأن ما يدور الآن هو استخدام الصواريخ الفرنسية والبريطانية، وفي هذه الحالة سيكون الرد الروسي المباشر أولًا بتوجيه ضربات صاروخية غير متوقعة على باريس وإنجلترا، لذا فإن قرار البرلمان الأوروبي هو فيلم هوليودي فقط تسعى أمريكا لإنتاجه»
وأشار الباحث، إلى أن الغرب ليس لديه أي خطط حال انتصار روسيا في أرض المعركة، خاصة أن من الواضح أن الجبهة الأوكرانية تتراجع تراجعًا سريعًا، لذا فالتصعيد هو الحل الوحيد للخروج من المأزق، وهو ما ينذر بحرب عالمية حال الاعتداء على روسيا بصواريخ، وسيتم الرد الروسي بسرعة البرق على محل انطلاق الصاروخ، سواء أكان أمريكيًّا أم غيره.
وعن سيناريوهات الرد الروسي، قال الأفندي، إن روسيا وضعت الإمكانيات كافة للرد الفوري، وتوجد سيناريوهات روسية ستُنفَّذ وستكون بمنزلة مفاجأة غير متوقعة تربك حسابات الناتو حال ضرب العمق الروسي، أبرزها استهداف الأقمار الصناعية الأوروبية، واستخدام الأسلحة الحرارية في ضرب القواعد العسكرية وغيرها.
وأوضح الباحث في الشؤون الروسية، أن حال الهجوم الغربي على روسيا، فإن هذه الخطوة لا تغير المعادلة على أرض الواقع؛ لأن الغرب يحتاج إلى كميات هائلة من الصواريخ والأسلحة، حتى تتراجع روسيا في الحرب الأوكرانية، وهو ما تعانيه أوروبا تارة، وتارة أخرى، روسيا تملك مخزونًا كبيرًا من الصواريخ والأسلحة المتنوعة التكتيكية.
تحويل مسار الصواريخ
في السياق ذاته، قال كارزان حميد، المحلل السياسي والمتخصص في الشأن الفرنسي، إن البرلمان الأوروبي على غير عادته يتبنى قرارًا عسكريًّا، وإن كان هذا القرار والعدم سواء، إلا أنه يدل على الضغط الأمريكي الواقع على المؤسسات الغربية كافة بشأن الحرب الأوكرانية الروسية بعد تزايد التوغل الروسي داخل الأراضي الأوكرانية، وفشل المخطط الغربي في تحقيق أهدافه حتى الآن.
وأشار حميد في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز» إلى أن أوروبا قد تشهد حربًا عالمية ثالثة؛ بسبب التغيرات الطارئة التي تشهدها الساحة العسكرية بسبب التسليح الروسي المتزايد، والتهديدات الواقعة على أوروبا من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أكد في أكثر من مرة نيته بتحويل مسار الصواريخ الروسي إلى مرمى الدول الأوروبية حال التفكير في ضرب العمق الروسي”.
وأضاف “أن هذا ما تحاول وقفه الدول الغربية بمؤسساتها كافة حاليًّا، خاصة أن روسيا تحاول إعادة قواتها التي كانت عليها إبان الحقبة السوفيتية، التي كانت تتعدى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية.
وأضاف المحلل السياسي في تصريحاته، أن كييف تضغط مباشرة على الولايات المتحدة بشأن استخدام الصواريخ البريطانية والأمريكية والفرنسية لضرب العمق الروسي، وأن هذا القرار لن تتخذه أي من هذه الدول الثلاث منفردة؛ بسبب الآثار المترتبة عليه، والرد القوي المتوقع من قبل القوات النظامية الروسية، لما تمتلكه من أسلحة فتاكة بعيدة المدى، التي قد تطول بداية القواعد العسكرية لهذه الدول على حدودها، وبعدها يُضرب العمق الأوروبي بالصواريخ الروسية